وكالة قاسيون للأنباء
  • الأحد, 24 نوفمبر - 2024

أزلام الأسد الأب

أزلام الأسد الأب
<p> </p><div><span style="color: rgb(247, 247, 247); background-color: rgb(231, 99, 99);">قاسيون ـ علي الأحمد</span></div><div><br></div><div>أحاط حافظ الأسد نفسه منذ توليه السلطة في العام 1971 ، برجالات ظل ، تولوا مناصب كانت تبدو للعيان هامشية ، لكنهم كانوا يمارسون صلاحيات تفوق صلاحيات رئيس الحكومة والوزراء وكبار المسؤولين في الحزب والدولة ، وزيادة على ذلك كانوا فوق المحاسبة والقانون ، وراحوا يعيثون فسادا في شتى الاتجاهات ، ويبددون الأموال الطائلة بحجة حماية أمن حافظ الأسد ومساعدته عل الامساك بزمام السلطة . </div><div>من هؤلاء الرجال ، كان شقيقه رفعت الأسد وأخيه جميل الأسد ، بالإضافة إلى عدد كبير من أبناء أخوته وأخواته وأنسبائه ، وكل من يمتون له بصلة قرابة .. وبعضهم لم يكن يتولى أي منصب ، لكنهم كانوا يمارسون السلطة ويتصرفون وكأنهم جزء من آلة الحكم في سوريا . </div><div>لقد ترك حافظ الأسد هؤلاء الرجال ، يثرون على حساب اقتصاد الدولة ، ويعيثون فسادا وسرقة للمال العام ، لدرجة أن أموال المساعدات الخليجية ، تم تبديدها بالكامل على يد رفعت الأسد ، الذي استحوذ على قسم كبير منها منذ بداية السبعينيات وحتى مطلع الثمانينيات وراح يبني بها قوة عسكرية خاصة به ، تحولت فيما بعد عام 1983 إلى أن تصبح قوة في مواجهة حافظ الأسد ذاته.. </div><div>وأما على صعيد بناء الاقتصاد الداخلي ، فقد استعان حافظ الأسد بالشركات الرومانية ، التي راحت تتواجد في كل القطاعات تقريبا ، وتتولى هي مهمة انجاز المشاريع الاقتصادية ومشاريع البنية التحتية ، وقد استنزفت هذه الشركات الأموال الطائلة من الاقتصاد المحلي دون أن يكون لعلمها أثر واضح على حياة الناس المعاشية أو على تطور البنية الاقتصادية في البلد .. </div><div>بداية أزمة الثمانينات الاقتصادية : </div><div>عندما دخلت سوريا العام 1980 ، والقرار الخطير الذي اتخذه حافظ الأسد في الوقوف إلى جانب إيران ضد العراق ، وما أدى ذلك من توقف للمساعدات المالية الخليجية ، بدأت على الفور ملامح الأزمة الاقتصادية تلوح في الأفق ، فقام حافظ الأسد بتغيير حكومة محمد علي الحلبي ، وتكليف الانتهازي عبد الرؤوف الكسم ، وأحد رجالات رفعت الأسد ، بتشكيل حكومة جديدة ، تكون مهمتها التصدي للمستجدات والتحديات الاقتصادية الطارئة . وكان ذلك في 14 كانون الثاني من عام 1980 . </div><div>وأول قرار اتخذته حكومة الكسم بعد أقل من ثلاثة أشهر على عملها ، هو رفع أسعار كل شيء بنسبة تتراوح بين 100 بالمئة ، إلى 400 بالمئة بالنسبة لمواد البناء .. مع زيادة رواتب بنسبة 25 بالمئة للموظفين في الدولة . </div><div>وسبب زيادة أسعار مواد البناء على هذا النحو الفاحش ، كان لتغطية سرقات رفعت الأسد ، في مشروع دمر السكني ، الذي تم البدء به في العام 1977 ، وتم نهب أغلب مخصصاته من الاسمنت والحديد ومواد البناء ، وتحويلها لبناء منشآت سرايا الدفاع وبيوت لأبناء الطائفة العلوية في مناطق حول دمشق وبالذات في المزة . إذ كان سعر طن الاسمنت 80 ليرة والحديد 350 ليرة للطن ، وتم رفع أسعارهما إلى 400 ليرة للإسمنت وأكثر من 1800 ليرة للحديد ومن ثم إلى ضعف هذا الرقم بعد أشهر قليلة . </div><div>ولعبة أسعار مواد البناء في سوريا ، هي من أخطر الألعاب القذرة التي مارسها نظام الأسد الأب وحاشيته ، وابتزوا بها الشعب السوري ، حتى وصل سعر طن الحديد في منتصف الثمانينات إلى أكثر من 30 ألف ليرة سوريا ، في الوقت الذي لم يكن يتجاوز فيه راتب الموظف الألف ليرة شهريا . وكان يتاجر بمواد البناء ضباط الجيش والمخابرات علنا ، وهو ما أدى إلى توقف حركة البناء الخاص بشكل شبه كامل ، وأدى ذلك إلى ارتفاع أسعار العقارات بشكل جنوني . </div><div>أما القرار الآخر الذي اتخذته حكومة عبد الرؤوف الكسم ، وكان له الأثر الكبير على تدهور الحياة المعاشية للناس ، هو وقف عمليات الاستيراد للكثير من المواد الأساسية بحجة الحفاظ على القطع الأجنبي ، مع رفع شعار تحقيق الاكتفاء الذاتي ، وقد أدى هذا القرار على الفور ، إلى تنشيط عمليات التهريب من الدول المجاورة ، والتي قام بها أقارب الأسد على وجه الخصوص ، وأدت كذلك إلى مزيد من ارتفاع الأسعار . </div><div>وحتى العام 1982 ، كان النظام قد أطبق الخناق على الشعب السوري ، فتوقفت حركة العمل وزادت البطالة وزاد القمع ، بنما كان حافظ الأسد يرفع من وتيرة الأزمات والتحديات في محاولة لإشغال هذا الشعب عن المطالبة بأبسط حقوقه ، فتارة إسرائيل وتارة أنور السادات وتارة أخرى الأخوان المسلمين والعراق . وزاد من صعوبة الأوضاع المعاشية ، إغلاق الدول الغنية لأبوابها في وجه المواطن السوري ، الذي أصبح بنظر دول الخليج بعثيا ويسعى لزعزعة الأمن والاستقرار فيها . </div><div>فانطلقت العمالة السورية تبحث عن تأمين لقمة العيش فقط ، إلى دول أحسن حالا من سوريا بقليل ، إلى لبنان رغم مخاطر الحرب الاهلية والأردن وليبيا . </div><div>ويمكن القول ، أنه حتى منتصف الثمانينيات وأزمة حافظ الأسد مع شقيقه رفعت في العام 1984 ، جعلت الأول يتنبه ربما إلى أن عدوه لم يكن الشعب السوري كما كان يعمل ، وإنما أقرب الناس إليه .. لهذا اتخذ قرارا بتعديل على حكومة عبد الرؤوف الكسم ، في نفس العام ، واستدعى الدكتور محمد العمادي الذي كان قد غادر للكويت للعمل في صندوق التنمية العربي ، وكلفه بوزارة الاقتصاد ، وطلب منه أن يتولى مهمة مواجهة الحصار الاقتصادي المستجد ، الذي فرضته الدول الأوروبية على سوريا ، وزاد من صعوبة الأوضاع الاقتصادية . </div><div>لم يستطع العمادي أن يفعل الشيء الكثير ، مقابل إصرار عبد الرؤوف الكسم على وقف كل أشكال الاستيراد ، ما اضطر حافظ أسد إلى تغييره في العام 1987 ، وتكليف محمود الزعبي برئاسة الحكومة ، الذي اتخذ قرارات بالسماح باستيراد المواد الغذائية على وجه التحديد ، حيث عانى الشعب السوري على مدى الثلاث سنوات السابقة ، من تلاشي السلع الغذائية والأساسية من الأسواق بما فيها الخبز.. </div><div>وتم كذلك السماح للقطاع الخاص أن يساهم في العملية الإنتاجية وافتتاح المعامل والمنشآت الصناعية ، بعد أن تم محاربته منذ مجيء حافظ الأسد للسلطة ، واتهامه بالعمالة للاستعمار والامبريالية ... وأخذت الأوضاع منذ العام 1988 تتحسن رويدا رويدا ، لناحية توفر السلع الغذائية والخبز ، بالإضافة إلى تنشط سوق العمل ، واستقرار الأسعار .. إلى أن دخلنا إلى العام 1990 ، حيث شكل ذلك العام نقلة جديدة للأوضاع في سوريا ، تمثلت في الغزو العراقي للكويت ، وبداية الصلح بين حافظ الأسد ودول الخليج العربية ، وما نتج عنه من انفتاح لهذه الدول على سوريا ، وإعادة مدها بالمساعدات المالية ... وهو ما سنتوقف عنده في المقال القادم . </div><div><br></div><div> </div><div> </div><div> </div><div> </div>