متى سيتصل السيسي ببشار الأسد ..؟
قاسيون ـ علي الأحمد
أعلنت العديد من المصادر الإعلامية ، أن التطبيع مع نظام الأسد في سوريا ، لن يتوقف عند المحطة الأردنية ، بل هناك تحضيرات لكي تدخل مصر على الخط ، حيث أشارت إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي ، سوف يتصل ببشار الأسد قريبا ، ضمن خطة تم الإعداد لها ، خلال اجتماع القمة الثلاثي ، الذي جرى في بغداد الشهر الماضي ، والذي جمع الأردن ومصر والعراق .
ولفتت المصادر ذاتها ، إلى أن هذا الانفتاح المنظم على النظام السوري ، جاء بضوء أخضر أمريكي ، حصل عليه الملك عبد الله الثاني، خلال زيارته إلى واشنطن في شهر تموز الماضي ، ولقائه مع الرئيس جو بايدن ، ومن ثم سفره إلى موسكو ، من أجل تنسيق خطوات هذا الانفتاح ، وإعداد سيناريو مقبول له ، تكون دوافعه في البداية اقتصادية ، وثم ينتقل في المرحلة التالية إلى الانفتاح السياسي .
وتقود مصر حملة علاقات عامة بين الدول العربية ، من أجل إعادة النظام السوري إلى جامعة الدول العربية ، وسط معارضة كبيرة من قبل بعض الدول الخليجية ، إلا أن المصادر تؤكد ، بأن القاهرة قطعت شوطا كبيرا في هذا الأمر ، وقد تتم العودة مع مطلع العام القادم .
ومن جهة ثانية ، يشير مراقبون ، إلى أن الرئيس السيسي سوف يتصل ببشار الأسد ، ريثما تتضح صورة المناقشات التي يقودها وزير خارجيته سامح شكري ، والتي يقوم من خلالها بجولة على عدد من الدول المؤثرة في الملف السوري ، بينها موسكو ، بالإضافة إلى الدول العربية ، حيث من المتوقع أن يحظى قرار عودة النظام بأغلبية الأصوات ، مع معارضة دولتين أو ثلاثة فقط .
إلى ذلك ، يفيد محللون ، بأن مصر والأردن والعراق ، على وشك الدخول في شراكة اقتصادية ، قائمة على مد خطوط نقل الغاز بين بلدانها ، إلا أن هذه المشروع لا يمكن أن يمر دون سوريا ، التي تشكل أراضيها معبرا ضروريا لهذه الأنابيب ، وهو ما يتطلب إعادة تأهيل بشار الأسد .
لكن في المقابل ، فإن الموقف الأمريكي لايزال مترددا ، في منح الضوء الأخضر الكامل ، للانفتاح على النظام ، سيما وأن هناك معارضة كبيرة من قبل الحزب الجمهوري ، الذي قام أعضاء منه ، برفع مذكرة في مجلس الشيوخ تطالب الرئيس بايدن ، بالالتزام بتنفيذ بنود قانون قيصر ، والذي يعاقب كل من يتعامل مع النظام السوري .
وذكرت مصادر إعلامية من واشنطن ، بأن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن ، تشعر بالارتباك ، حيال رغبة بعض الدول العربية بالانفتاح على بشار الأسد وإعادة تأهيله ، بالإضافة إلى الضغط الروسي في هذا المجال ، مشيرة إلى أن هذا الارتباك يمكن قراءته في بيان وزارة الخارجية ، في أعقاب الإعلان عن فتح معبر نصيب وتسيير الرحلات الجوية بين عمان ودمشق ، إذ أن البيان في البداية رحب بهذه القرارات ، لكن سرعان ما تراجع عنها ، مذكرا الأطراف التي تنوي التصالح مع النظام السوري ، بأن ذلك يجب أن لا يمر دون حصول تقدم بالملف السياسي ، وتطبيق القرارات الدولية ، في إشارة إلى القرار 2254 ، الصادر في عام 2015 .
ومع ذلك ، لا يمكن قراءة الموقف الأمريكي من هذه الزاوية ، على أنه لا يمكن له الالتفاف على قانون قيصر ، أو أنه قد يمنع من الانفتاح على النظام السوري ، بل هناك مساعي داخل مجلس النواب ، الذي يسيطر عليه ، الديمقراطيون ، لتخفيف العقوبات عن هذا النظام ، تحت ذرائع تشجيعه ، لتقديم تنازلات في الشق السياسي ، وإعادة الهدوء والاستقرار في المنطقة .
بكل الأحوال ، من المبكر الجزم ، بأن المساعي الأردنية والمصرية ، قد تؤدي بالفعل إلى إعادة تأهيل النظام ، بمعزل عن الموقف الدولي الصارم ، والذي استغل مؤخرا انضمام سوريا إلى منظمة حظر الأسلحة الكيماوية ، لكي يطالبها بالسماح بدخول المفتشين الدوليين إلى أراضيها ، للبحث عن الأسلحة الكيماوية ..
وكلنا يعلم أن هذا الطريق غالبا ما يؤدي إلى تدخل دولي أوسع ، ينتهي في كثير من الأحيان إلى المزيد من الحصار والضغط ، وقد يؤدي في النهاية إلى العمل العسكري .
من يعتقد أن الأزمة السورية على وشك ان تنتهي بإعادة تأهيل النظام ، ربما لم يقرأ التاريخ جيدا .. وخصوصا تاريخ الديكتاتوريين العرب ، الذين يقررون التنمر على أمريكا .. فهؤلاء أجلهم قادم لا محالة .