ناهبو الاقتصاد السوري في زمن الأسدين

قاسيون ـ مصطفى الأحمد
من يراجع أرقام الموازنة العامة للدولة بدءا من العام 1990 وحتى العام 2000، سوف يلاحظ أنها في تلك الأعوام كانت تتراوح بين مليار ونصف الدولار إلى الخمسة مليار دولار فقط ، وكانت جميع الموازنات في تلك الأعوام ممولة بالعجز بنسبة كبيرة ، والذي قد يصل إلى أكثر من 40 بالمئة .
كذلك على مدى عشر سنوات ، من العام 1990 إلى العام 2000 ، كان حافظ الأسد يرفض إجراء أية زيادات على الدخل ، بحجة عدم وجود موارد كافية لتغطية هذه الزيادات ، باستثناء العام 1993 ، عندما رفع الرواتب في اليوم الأول ، وزاد أسعار الوقود والخبز في اليوم الثاني ، وبما يفوق الزيادة التي أقرها .
وفي الفترة من العام 1990 وحتى العام 2000 ، كان الوضع الاقتصادي في البلد ، قد وصل إلى حافة الانهيار ، وكانت الوزارات لا تملك في خزائنها سوى رواتب موظفيها ، بينما توقفت حركة المشاريع في البلد ، بما فيها الخدمية الأساسية ، والحجة دائما ، عندم وجود موارد مالية ، لتنفيذ هذه المشاريع .. أما فيما يتعلق باقتصاد المواطن ، فقد كانت تلك الفترة هي الأسوأ على الموظف ، بعد فترة حصار استمرت لسبع سنوات خلال فترة الثمانينيات ، وكان دخله في أحسن الحالات ، لا يتجاوز الـ 4 آلاف ليرة سورية ، وهو رقم لم يكن يكفي لتغطية مصاريف فرد لوحده .. فكيف الحال بتغطية تكاليف معيشة أسرة بكاملها ..؟!
كل ذلك كان يحدث ، بينما ثروة باسل الأسد لوحده في البنوك النمساوية 13 مليار دولار .. ومصدر هذه الأموال ، كما هو معروف ، كانت في أغلبها من إيرادات النفط السوري ، الذي احتكره حافظ الأسد طوال فترة حكمه الثلاثين ، وكان يرفض إدخاله في الموازنة العامة للدولة ، ويحول إيراداته إلى القصر الجمهوري ، والذي كان يقصد به ، جيبه الخاص ..
ولعل إنتاج سوريا من النفط ، لم يكن أحد يعلم عنه شيئا ، وما يتم تداوله عبر وسائل الإعلام من أن الإنتاج كان يتراوح بين 350 ألف برميل يوميا إلى 400 ألف برميل في السنوات قبل العام 2011 ، هو رقم غير دقيق على الإطلاق ، بل كان الإنتاج الحقيقي أكبر من ذلك بكثير ، وكان يصل إلى أكثر من 600 ألف برميل يوميا .
بكل الأحوال ، مناسبة الحديث عن موضوع الموازنة ، هو ما أعلنته حكومة النظام عن مشروع موازنة العام 2022 ، بمبلغ أكثر من 13 تريليون ليرة ، وهي تساوي نحو 4 مليار دولار ، وفقا لأسعار الصرف الحالية .. وهي موازنة ممولة بالعجز بنسبة 30 بالمئة ، بينما يشكك العديد من المحللين بأرقامها ، مشيرين إلى أن العجز فيها أكبر من ذلك بكثير ، وقد يصل إلى أكثر من 60 بالمئة ، قياسا للموارد المتوقعة ، والتي لم يتبقى منها شيء سوى الضرائب .. فهل من المعقول أن تمول الضرائب أكثر من 9 تريليون ليرة ، كما يقول وزير مالية النظام ..؟