كاركوزات مجلس الشعب
قاسيون ـ محمد العويد
السماح بنشر مشاحنات أعضاء مجلس الشعب بما فيها الأحاديث الجانبية والنكات والمزاح بين النواب ، عبر وسائل إعلام النظام ، أصبحت مادة مسلية وممتعة للقراء السوريين .. فهذا النظام صحيح أنه مجرم وسفاح ، لكنه صاحب نكتة أيضا ، ويسعى لتسلية جمهوره من أجل أن لا تغدو الحياة كلها قاتمة ..
لكن السؤال الذي يتبادر إلى أذهاننا ، لماذا مجلس الشعب ، وليس مجلس الوزراء مثلا .. ؟ أو لماذا لا يتم نشر مداولات كل الاجتماعات الحكومية وعلى نفس الطريقة ، وبالتالي تعم الفرحة والمتعة قطاعات أوسع من الشعب .. ؟!
في الواقع ، مجلس الشعب هو أكثر مؤسسة يحتقرها النظام ، وهو تقليد أسس له حافظ الأسد ، عندما جعل من النواب " كاراكوزات " يصفقون له بحرارة ، ويقرضون الشعر الرديء في مدحه ، وهذا لا يعني بأن مجلس الوزراء أحسن حالا ، فهم أيضا "كاراكوزات " لكن حظهم الجيد ، أنقذهم من لعب هذا الدور ، لأنهم واجهة النظام الشكلية التي لا بد من الحفاظ على الحد الأدنى من هيبتها .
وبالعودة إلى جلسات مجلس الشعب والتي تنقلها وسيلة إعلام واحدة فقط ، وهي صاحبة الجلالة ، فهي تحرص على نقل الهرج والمرج الذي يدور بين النواب ، وتنقل كذلك تفاصيل النقاش بالفاصلة والنقطة وبتعابير الوجه ، دون أن يكون لهذا النقل أي معنى ، سوى إظهار نواب الشعب على أنهم أشخاص تافهون وبلا قيمة حقيقية .. لدرجة أن أحد النواب عن حماة ، وكما ذكرت الصحيفة ، تحدث بأنهم ، أي النواب ، بلا فاعلية ، ولا دور لهم ، ومجلس الشعب أوهن من خيط العنكبوت .. الأمر الذي دفع رئيس المجلس للطلب من النائب أن يسحب كلامه ، فرفض هذا الأخير الطلب ، ما جعل نائبا آخر عن محافظة اللاذقية يتطوع لذم هذا النائب ومطالبته مجددا بسحب كلامه ..
هذه ليست ديموقراطية ، وليست صحافة ، وإنما هي تعكس حال بلد ، أصبح فيها الرئيس ذليلا ووضيعا ، وبالتالي لا بد من إظهار الجميع في دولته على أنهم أكثر ذلا منه ، من أجل أن تكبر صورته في عيون مؤيديه .. هذه هي الحكاية .