ماذا يعني قرار المركزي رفع سعر الدولار الرسمي ..؟*
قاسيون ـ شادي شماع
بعد يومين من إقالة حاكم المصرف المركزي ، حازم قرفول ، بمرسوم من رئيس النظام السوري بشار الأسد ، أعلن المركزي عن رفع سعر الدولار الرسمي إلى الضعف ، ليبلغ 2512 ليرة للدولار الواحد ، بعدما كان 1256 ليرة … وهو قرار يهدف منه النظام لتقليص الفارق بين الدولار الرسمي ودولار السوداء ، من أجل تشجيع الحوالات الخارجية للقدوم عبر القنوات الرسمية ، بعد أن كانت تتخذ طرقا ملتوية ، للاستفادة من الفارق الكبير الذي كان سابقا .
لكن ذلك ليس إلا تفسير بسيط للعملية ، وقد يضيف البعض ، أن النظام في هذه الحالة سوف يكون قادرا على الاستفادة من الدولار القادم من الخارج ، من أجل إعادة استخدامه في تمويل مستورداته ، ورفع سوية الليرة أو على الأقل إيقاف تدهورها .
وهو أيضا تفسير سطحي وبديهي ، لأن القرار برفع سعر صرف الدولار الرسمي ، يخفي خلفه حالة اقتصادية ، لم يكن النظام ليعترف بها قبل أيام .. وهو أن الليرة فقدت أكثر من 150 بالمئة من قيمتها خلال العام الماضي لأسباب اقتصادية ، وليس لأسباب نفسية ووهمية كما يدعي النظام .
ويمكن الاستدلال على هذا الأمر من خلال الموازنة التضخمية للعام الجاري التي أقرها النظام ، والبالغة 8.5 تريليون ليرة ، وهي أكثر من ضعف موازنة العام الماضي التي كانت تبلغ 4 تريليون ليرة .. أي أن النظام كان يعلم مسبقا بأن الليرة سوف تفقد أكثر من ضعف قيمتها ، ولا يوجد في الأمر أي مفاجآت .
إلا أن المشكلة ليست هنا ، وإنما بمستقبل الاقتصاد والليرة على حد سواء .. فهل القرار برفع سعر الدولار الرسمي سوف يوقف تدهور الليرة ، أو يثبتها عند هذا السعر الجديد ، أم أن الليرة سوف تتعرض للمزيد من الهبوط .. ؟
بحسب ما تداولت العديد من وسائل الإعلام ، فإن النظام حصل في الأيام الأخيرة على دعم مالي من إحدى الدول العربية بقيمة 200 مليون دولار ، كما ذكرت تلك الوسائل أنه استطاع أن يحرر مبلغ مليار دولار من الودائع السورية التي كانت محتجزة في أحد البنوك العربية ، والمقصود بها الإمارات .. بالإضافة إلى ذلك أعلنت روسيا عن تقديمها قرض للنظام بقيمة 500 مليون دولار ، لتمويل عمليات شراء القمح والنفط .
ويعني ذلك أن النظام استطاع الحصول على نحو 2 مليار دولار فقط .. فماذا يعني هذا المبلغ ..؟
كما هو واضح أن بشار الأسد يريد استخدام هذا المبلغ ، من أجل إعادة ترشيح نفسه لانتخابات الرئاسة المقررة منتصف العام الجاري ، وهو يحاول أن يشرعن هذه العملية ، من خلال القول بأنه لا يزال قادر على السيطرة الأوضاع ، وبأن مفاتيح الحل لاتزال بيده .. لذلك كما كتبت العديد من المحللين ، فإن بشار الأسد سوف يسعى إلى تحسين الأوضاع الاقتصادية بالتزامن مع إعلان ترشيحه ، ثم بعد أن يفوز بهذه الانتخابات سوف تعود الأوضاع إلى سابق عهدها ، وربما إلى أسوأ مما كانت عليه بكثير ..
وهو بالضبط ما يتوقعه الكثير من المحللين والخبراء الاقتصاديين ، إذ أن مبلغ 2 مليار دولار ، يكفي لتمويل مستوردات القمح والنفط وبعض المواد الغذائية الأساسية ، لمدة أربعة أشهر فقط .. أي أنه مع مطلع شهر أيلول سوف تعاود الليرة الهبوط ، وسوف ينهار الاقتصاد مجددا .. وهو أقصى ما يطمح إليه النظام من هذه العملية .