الفروج والبيض .. ومحور الممانعة
قاسيون ـ شادي شماع
من يقرأ هذا الكم الكبير من الأخبار والتقارير في إعلام النظام، والتي تتحدث عن أسباب ارتفاع أسعار الفروج والبيض في السوق السورية إلى مستويات قياسية، لن يهتم على الأغلب بالكلام المكرور منذ أكثر من عام ، والذي حفظه الناس عن ظهر قلب، بأن المشكلة كلها تتعلق بارتفاع أسعار الأعلاف، وأن النظام عاجز عن استيرادها من الأسواق الخارجية، بل سوف يلفت انتباهه، هذا الكم من القيادات والتنظيمات والجمعيات والاتحادات، والجهات المشرفة، والجهات المراقبة، والتي كلها لا عمل لها سوى، قطاع الدواجن والبيض، حتى ليظن المراقب، بأن تربية الدجاج وتفقيس البيض، قضية شديدة التعقيد والخطورة.. وإذا تعمقت أكثر في قراءة إعلام النظام، سوف تجد أنه لها ارتباطات باستهداف محور الممانعة والمقاومة، وأنها تندرج في إطار المؤامرة الكونية التي تتعرض لها سوريا.
كل هذا القرف سوف تقرأه على إعلام النظام، وأنت تتابع آخر تطورات ارتفاع أسعار الفروج والبيض في السوق السورية، وسوف تضطر لحفظ أسماء قيادات لهذا القطاع، وعلى غرار ما حدث مع مصطفى حصوية، رئيس محروقات دمشق، الذي أصبح اسمه يتردد على الإعلام، أكثر من اسم بشار الأسد وعماد خميس، وذلك إبان أزمة الغاز في سوريا.
من هنا سوف تتعرف على رئيس لجنة مربي الدواجن في سوريا والذي يدعى نزار سعد الدين، والذي سوف تجد اسمه حاضراً في جميع أخبار الفروج والبيض، بالإضافة إلى تصريحاته النارية، واتهاماته للحكومة بالتقصير، وكيف أنه حذرهم قبل فترة، بأن قطاع الدواجن في سوريا يواجه خطراً كبيراً، إلا أن أحداً لم يستمع إليه.. وسوف تكتشف أنه في كل محافظة هناك رئيس لجنة فرعية لمربي الدواجن، بعدد 12، وجميعهم يقومون بأنشطة ويلقون تصريحات، لا تقل خطورة عن رئيسهم الأعلى نزار سعد الدين..
ومن جملة ما ستتعرف عليه في قطاع الدواجن والبيض، أنه يوجد مدير للمؤسسة العامة للدواجن، والذي يدعى سراج خضر. والذي يتفرع عنه كذلك، 12 مديراً فرعياً في جميع المحافظات. هذا عدا عن رؤساء قطاع الدواجن في غرف الزراعة، ووزارة الزراعة وفروعها في المحافظات، والاتحادات الفلاحية.. ولا ينقص هذه التركيبة سوى أن يكون لها قيادة قطرية خاصة بها، أو قيادة عامة للبيض والقوات المسلحة.. أما إذا انتقلنا إلى قطاع الأعلاف، فسوف نجد له تركيبة قيادية مشابهة، لا تقل سخافة عن السابق.. أي أن مجموع الكادر القيادي الذي يعمل على تنظيم قطاع الدواجن والبيض في سوريا، قد يصل إلى أكثر من 20 ألف موظف.. واللافت أن كل هؤلاء عاجزون حتى الآن عن خفض سعر الفروج والبيض 100 ليرة سورية.
المشكلة الأساسية في سوريا وجميع الأنظمة الديكتاتورية الشبيهة، هو هذا الولع ببناء الأجهزة القيادية البيروقراطية، لكل عمل وفكرة قبل الشروع بتنفيذها، وهو ما يستنزف إمكانيات مالية كبيرة، تفوق في كثير من الأحيان تكلفة المشروع ذاته.