وكالة قاسيون للأنباء
  • الخميس, 21 نوفمبر - 2024

على هامش أزمة الغاز في سوريا

على هامش أزمة الغاز في سوريا

قاسيون ـ شادي شماع

من التبريرات السخيفة التي يطلقها مسؤولو النظام عن أسباب فقدان مادة الغاز في الأسواق ، هو زيادة استخدامها لأغراض التدفئة في الشتاء .. فإذا كانت الكهرباء طوال الوقت مقطوعة ، والمازوت شحيح وغير متوفر ، فكيف إذا سيتدفأ السوريون ..؟! هل يعتقد المسؤولون أن هناك طرقا أخرى للتدفئة ، بعيدا عن تلك المصادر الثلاث .. ؟

غير أن القصة ليست لها علاقة بهذه التبريرات ، فسوريا طوال تاريخها في عهد الأسدين ، لم تعرف الوفرة في هذه المواد ، وكلنا يتذكر أنه بعد قيام الثورة السورية بأيام ، أول ما قام النظام به ، هو قطع الكهرباء ، وخلق أزمة في الغاز والمشتقات النفطية ، ثم أرسل وزير كهربائه ووزير نفطه ، ليبتزا المناطق الثائرة ، أن أوقفوا الاحتجاجات ، وسوف نعيد كل شيء إلى سابق عهده .

في ذلك الوقت ، لم يكن سابق عهده بالنسبة للمحتجين ، بأحسن حالا من لاحقه ، واستطاعت الناس أن تتكيف مع أسوأ الظروف ، من خلال خلق حلول إبداعية ، جعلت النظام يفشل في رهانه ، على أن المناطق الثائرة لن تستطيع العيش ، بعيدا عن دولته ومؤسساته الكسيحة ، سوى لبضعة أشهر .

والحق ، أنه لولا ظروف الكتائب العسكرية التي كانت أشد ظلما على الناس من النظام ، لاستغنى السوريون عن دولتهم وخدماتها الوهمية ، لدرجة أن الكثيرين لم يجدوا فارقا كبيرا بعد أن غادر النظام مناطقهم .

أما بخصوص أزمة الغاز الحالية ، التي تشهدها أغلب المناطق السورية ، وبالذات تلك التي كانت سابقا خارج سيطرة النظام ، فهي أزمة ممنهجة ، لن تنتهي عند هذا الحد ، بل سيعمد النظام على الدوام إلى خلق أزمات متلاحقة ، لا يستطيع السوري أن يخرج من إحداها حتى يقع في الثانية ، والهدف منها جعله "مطووشا" طوال الوقت ، ولا يستطيع أن يفكر سوى باليوم الذي يعيش فيه .

إن بشار الأسد يستحضر سياسة والده في الثمانينيات من القرن الماضي ، عندما جعل السوري يشعر بالانتصار إذا ما استطاع الحصول على علبة محارم مثلا .

هذا ما يخطط له النظام لكي يستمر في حكم سوريا ، وعدا ذلك فهو يعمل على خلق دولة مافياوية ، ينقسم فيها المجتمع إلى طبقتين : طبقة يشتغل على نموذجها في "ماروتا سيتي " ومنطقة القابون ، وطبقة أخرى هي التي تعيش خارج هذه النماذج ..

إنه قرر أن يبني سوريا التي فشلت في إسقاطه ، على هذا النحو المدهش ، حيث من الآن وصاعدا ، لن يكون هناك حديث ، سوى عن ما يفعله ويقوم به هؤلاء الذين يعيشون في الطبقة الأولى .. أما الطبقة الثانية ، فسوف يجعلها هذا الرئيس ، تدفع كثيرا ثمن الحرية التي طالبت بها .. لازلتم لم تروا شيئا من عجائب هذا "الولد" .. !