وكالة قاسيون للأنباء
  • الاثنين, 25 نوفمبر - 2024

وحدنا الشعار وهزمنا في البنيان*

وحدنا الشعار وهزمنا في البنيان*

قاسيون ـ محمد العويد

التدافع والخصام بين البشر سنة أبدية، وإلا فما معنى قوانين حمورابي، وبعدها القوانين الإسلامية التي أجازت التحاكم حتى داخل المنزل الواحد ، حيث يدفع كل من الزوج والزوجة ، بحكم يفصل في خلافاتهما .. وأما في العصر الحديث ، فقد برزت مؤسسة القضاء التي تفصل بين الناس جميعا ، حيث ولا راحة للناس جميعهم إلا بقضاء عادل، حتى وسائل التواصل الاجتماعي أوجدت قوانينها وأنظمتها الخاصة ، من بلوك وإلغاء متابعة ..

ستفرض سنوات الحرب العشرة تداعياتها باعتبارها أطول ضعفين من الحرب العالمية الثانية، وإذا كانت الاخيرة تقاسم مصابها وملحقاتها عموم العالم، فان السورية حكرا على أصحابها، اذ تلوح في الافق انهيار المنظومة الجمعية السورية ذاتها، ونكران الانتماء إليها.

ففيما يقبع شارع تحت سيطرة النظام،مقهورا بعوزه الاقتصادي، رهينة قوى مسيطرة بحكم الأمر الواقع، تبدو ملامح الانهيار، المجتمعي والسياسي، في الضفة الأخرى تبحث عمن يجمع تفاصيل نكرانها لذاتها السورية، منقسمة حول كل القضايا، بدءا من تمثيلها السياسي، مرورا بأحزابها غير المؤثرة، نهاية بتجلياتها الفردية في دول الشتات ، "حالات الانتحار، التنمر، انسلاخ عن الثورة، رفض للعالم وتشكيكا بقيمه ، بفعل بقاءه بساحة المتفرج أمام هول المحرقة السورية".

فالأصل أن القوانين جامدة بنصوصها، وإن اجتهد لخلق أرواح لها، لكنها تميل للثوابت القطعية، فيما المفاهيم متبدلة غير واضحة المعالم والبنية، لا يجمعها إلا العموميات التي يلتقي عندها الغالبية، وسرعان ما تتهدم في سكن الشيطان بتفاصيلها، وهو ما يجد طريقه في العزوف والتشكيك والتخوين، وخلق إشكالية الابتعاد عن الحالة السورية بعموميتها، باعتبارها عصية الحل، ومنفرة للمنخرطين بها، ولا آمال ببناء هيكليات تحفظ للناس حقوقها وتمنع التصادم وتقارب المتضاد وتعيد ما هدم عبر عقود سابقة عن الثورة.

لم يتصد بحث أو دراسة معمقة، لوقائع تعصف كل يوم بالسوري، فترمي به من حيث لا يدري لكره الآخر ، وقد كان قرينه في المعتقل والتظاهر والانشقاق ومخيمات اللجوء، وربما تشاركوا "البلم" وهذا ينطلق من الاسرة الصغيرة وتحدياتها منفردة في دول الشتات، مرورا بالحالة الفردية وصدامها المبرر، وليس نهاية بالمشهد الأوسع لعموم الحالة السورية وقد باتت طاردة لجميع أبنائها وهو ما يسهل توصيفها بمقاربة الفرنسية "الثورة التي أكلت أبناءها" 

كل مؤسسة أو تيار او هيئة تعنى بالشأن العام، يجب عليها الإعلان صراحة عن هيئتها التحكيمية وآليات اختيارها وصلاحياتها داخل الجسم وبين أعضائه وفي الفضاء العام مع الناس، فتحفظ الحقوق ويتساوى الرئيس والمرؤوس والعامة، 

ولو كان يوجد, لكفتنا شر الهجوم والهجوم المعاكس، اذ يكفي مثلا أن أرفع دعوى على د نصر الحريري، بصفته الاعتبارية، فأكسب وينتهي، او أخسر فأكفيه شر لساني، وهو ما سيعزز التقاضي كمؤسسة باتت اليوم ضرورة لا تنتظر، ويمكن قياسه على بقية التيارات والهيئات والاحزاب والروابط والجمعيات والمخيمات. 

يبقى سؤال ماذا لو خرج بيننا من لا يعجبه ما سبق الاتفاق عليه ورمى الهيئة التحكيمية بقدر كثير او قليله، هل يجد جمهورا يلتف حوله، وكيف تتعاطى الهيئة التحكيمية مع جمهور شمله الشتات في الأرض...؟

هل يمكن مثلا الولاية القضائية استثنائيا للخصوصية السورية، بمعنى احكاما مؤجلة لكنها تصدر وتنصف وتعالج وتدين وإن تعسر التنفيذ...؟ 

فالمهم المسارعة بالمطلوب، بدل الشعارات التي وإن وحدت شارعها، لكنها أغلقت أحقيتهم بمؤسسات تقضي بين خصوماتهم الكثيرة، وكل تأجيل لها والبت فيها، يعني في أحد جوانبه تغييب لمبدأ المحاسبة وتعطيله وهو ما يلحق ضررا عاما لا خاصا، وصولا للتشكيك بالشعار ذاته .