وكالة قاسيون للأنباء
  • الخميس, 1 مايو - 2025

اجتماع صحنايا: محادثات شاقة بين مشايخ السويداء والحكومة تنتهي دون اتفاق حاسم وتعميق أزمة الثقة


أشرفية صحنايا، ريف دمشق: انتهى اجتماع مطول وعالي المستوى في منطقة أشرفية صحنايا بريف دمشق، جمع مشايخ من محافظة السويداء ومسؤولين حكوميين رفيعي المستوى، بالإضافة إلى المحافظين الثلاثة، دون التوصل إلى اتفاق "واضح" أو "ملزم" بحسب مصادر مطلعة. الاجتماع الذي انعقد في محاولة لتهدئة التوترات المتصاعدة في المنطقة، وتداعيات الأحداث الأخيرة، لم يسفر عن حلول جذرية، بل اكتفى بإعلان نقاط عامة لا ترقى إلى مستوى الاتفاق الشامل، مما يثير تساؤلات حول مستقبل العلاقة بين الحكومة وأبناء الطائفة الدرزية.


ووفقًا لما ورد من معلومات، فقد تم الاتفاق مبدئياً على ثلاثة بنود رئيسية: الأول، وقف إطلاق النار بشكل كامل وفوري في أشرفية صحنايا. والثاني، تشكيل لجنة مشتركة تضم وجهاء من أشرفية صحنايا وممثلين عن السلطة، وذلك بهدف بحث تداعيات الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة، وتقييم الأضرار، والتحقيق في ملابساتها. أما البند الثالث، فيتعلق بتنظيم آلية لانتساب شباب المدينة إلى جهاز الأمن العام في المستقبل، وهو ما يهدف إلى إعادة بناء الثقة بين الطرفين وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.


إلا أن هذه النقاط العامة، التي وُصفت بأنها "غير ملزمة"، لم تخفِ الخلافات العميقة التي ظهرت خلال الاجتماع. ففي حين عرض مسؤولو الحكومة روايتهم للأحداث، والتي تركزت على وجود "عصابات خارجة عن القانون" قامت بالاعتداء على عناصر الأمن العام وقتل 35 منهم في أشرفية صحنايا، وضرورة ضبط السلاح وتنظيمه بيد الدولة في كل من أشرفية صحنايا والسويداء، رفض مشايخ السويداء هذه الرواية جملة وتفصيلاً.


شيخ العقل أبو أسامة يوسف جربوع، أحد أبرز مشايخ السويداء، اعتبر أن الرواية الحكومية "مشبوهة"، وأكد أن أحداث العنف بدأت باستهداف "ممنهج" لمناطق جرمانا ثم أشرفية صحنايا، قبل أن تمتد إلى السويداء. وأشار الشيخ جربوع إلى وجود "أزمة ثقة كبيرة" بين الحكومة وأبناء الطائفة الدرزية، معربًا عن استنكاره الشديد للاعتداءات المتكررة التي تتعرض لها الطائفة في عدة مناطق، ومطالبًا بوقفها بشكل فوري.


خلاف حول تسليم المطلوبين:


أحد أبرز نقاط الخلاف التي ظهرت خلال الاجتماع تمثلت في مطالبة المسؤولين الحكوميين بتسليم بعض الأشخاص إلى القضاء، من بينهم قيادي بارز في حركة رجال الكرامة. إلا أن قائد الحركة، الشيخ أبا حسن يحيى الحجار، رفض بشدة فكرة تسليم أي شخص، معتبرًا أن المطالبة بتسليمهم تمثل "تضليلًا للحقائق".


وقال الشيخ الحجار، بحسب ما نقلته شبكة السويداء 24، "إن من يتوجب تسليمهم إلى القضاء هم من نفذوا الاعتداءات العشوائية على السكان الآمنين في بيوتهم، بعد فبركة تسجيل صوتي كان حجة لإثارة الحوادث الأخيرة". وأضاف أن "العدالة يجب أن تتحقق للجميع، وأن التحقيق يجب أن يشمل جميع الأطراف المتورطة في الأحداث".


كما نقلت الشبكة عن أهالي أشرفية صحنايا اتهامات للقوات الأمنية بـ "القيام بعمليات نهب طالت أموالهم وممتلكاتهم"، و"اعتقال عدد من المدنيين من المدينة"، مع الإشارة إلى "حدوث تجاوزات عديدة". في المقابل، أكد مسؤولو الحكومة التزامهم بوقف هذه الممارسات، والتحقيق في أي تجاوزات محتملة، ومعاقبة المسؤولين عنها.


يُذكر أن هذا الاجتماع جاء في ظل تصاعد التوتر والقلق في محافظة السويداء وأشرفية صحنايا، على خلفية الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة، والتي أدت إلى سقوط ضحايا من المدنيين وعناصر الأمن. وبينما يرى البعض في هذا الاجتماع خطوة إيجابية نحو تهدئة الأوضاع، يرى آخرون أنه لم يحقق النتائج المرجوة، وأنه لا يزال هناك الكثير من العمل المطلوب لإعادة بناء الثقة بين الحكومة وأبناء الطائفة الدرزية، وتحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة. ويبقى السؤال المطروح: هل ستتمكن اللجنة المشتركة من تذليل العقبات، وتقديم حلول عملية للأزمة المتفاقمة، أم أن الأمور ستتجه نحو مزيد من التصعيد والتعقيد؟ الأيام القادمة ستكشف عن الإجابة.