وكالة قاسيون للأنباء
  • الخميس, 21 نوفمبر - 2024

هل تخلت واشنطن عن المفاوضات الكوردية في شرق الفرات ؟*

هل تخلت واشنطن عن المفاوضات الكوردية في شرق الفرات ؟*

قاسيون ـ علي تمي

استياء أمريكي

بعد عودة نائب المبعوث الأميركي إلى سوريا" ديفيد برونستين "الذي يشرف على المفاوضات التي تجرى بين المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي منذ ثمانية أشهر وسط جو يسوده القلق والترقب من التطورات المقبلة على مستقبل المنطقة ..

نائب المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا يواجه تحديات كبيرة في مهامه ، يتعين عليه التعامل معها وفق ما تتطلبه مصلحة شعوب المنطقة بالدرجة الأولى ، ومصالح واشنطن الاستراتيجية في المنطقة بالدرجة الثانية.

نائب المبعوث الأمريكي التقى كل على حِدة ، مع المجلس الوطني الكوردي وقيادة قسد ، واستمع الى شكواهم وتخوفهم من التطورات المرتقبة ، من بينها التوتر الحاصل في القامشلي والحسكة منذ فترة بعد محاصرة قسد المربعين الأمنيين في محاولة منها للضغط على موسكو للقيام بدورها في حماية عين عيسى من الهجوم التركي المرتقب ، بحسب المعلومات المتوفرة بأن الأمريكيين مستائين من الوضع السياسي والأمني في شرق الفرات، وخاصة هناك ضغط من العشائر العربية لإخراج كوادر "العمال الكوردستاني" من مناطقهم كما هو الحال في المناطق الكوردية ، فالمجلس الوطني الكردي جعل من بند مغادرة كوادر "العمال الكوردستاني" أحد البنود الرئيسية التي وضعت على جدول أعمالها ،ولا يمكن المساومة عليها في أي اتفاق مرتقب مع الاتحاد الديمقراطي.

تدخلات موسكو وطهران، وعرقلة الجهود الأمريكية

يبدو أن طهران تمتلك نفوذاً وتأثيراً كبيراً على قيادات حزب العمال الكردستاني ، فكلما تقدمت المفاوضات في شرق الفرات خطوة واحدة ، نجد أن عناصر هذا الحزب المتستّرون تحت الأسماء المستعارة يفجرون تصريحات ملغومة بهدف نسف المفاوضات من جذورها ، وخاصة بعد وصف رئيس الوفد المفاوض لحزب الاتحاد الديمقراطي ، لبشمركة روجافا ب ( المرتزقة ) معتبراً أن أي اتفاق مع المجلس الوطني الكوردي هو ( خيانة مع دماء الشهداء ) ، بينما المجلس الوطني الكوردي الذي يشهّر سيفه في وجه هذه المنظومة مطالباً بالاعتذار أو أن المفاوضات لن تستمر وستصبح في خبر كان ، وهذا ما دفع نائب المبعوث الأمريكي إلى الإصابة بخيبة أمل حيال ما يحدث بين الخصمين الكورديين ، ونقل عنه بعدم حماس الجانب الأمريكي في إيصال هذه المفاوضات إلى بر الأمان، وبالتالي استغلت موسكو الموقف و لجأت إلى لعبة ( عين عيسى) فمغادرة الشرطة العسكرية الروسية قبل يومين لبلدة عين عيسى وترك ( قسد) فريسة أمام هجوم تركي محتمل ، كان الهدف منه هي رسالة روسية إلى قسد مفادها ( لسنا شرطي مرور لمناطقكم)!؟

يبدو أن واشنطن تدخلت لدى الروس ودفعتها بالعدول عن قراها بالإنسحاب من بلدة عين عيس الاستراتيجية التي تربط بين الشمال السوري بجنوبه وشرقه بغربه ريثما يتم إيجاد حلول التوافقية بين الأطراف المتصارعة على مستقبل المنطقة .

المعلومات الواردة تقول : إن قسد وعدت الأمريكان بإخراج كوادر ( العمال الكوردستاني) من شرق الفرات مقابل عودة الروس إلى حماية عين عيسى مجدداً من أي هجوم تركي مرتقب ..

هذه اللعبة مع الجانب الأمريكي لن تؤتي ثمارها لأن من يتحكم بحزب "العمال الكوردستاني" هو الجانب الإيراني، بالتالي هذا الموضوع لن يحسم ريثما تتفق واشنطن وطهران على رسم الخطوط العريضة على معظم الملفات العالقة فيما بينهما ، أما أنقرة فهي الأخرى تقرع طبول الحرب ، فقد تفاهمت مع موسكو على السيطرة على عين عيسى وتل تمر، لكن عدم وجود ضوء أخضر أمريكي دفعهم إلى التردد حول الهجوم لأنهما حلفاء يتجنبون المواجهة المباشرة على ساحة لاناقة لهما فيها ولا جمل ، ولأنهما شركاء تاريخيين وتقاسموا التحديات ومواجهة ( الاتحاد السوفياتي) فيما بينهم طوال المراحل الماضية.

الخلاصة : عاد المبعوث الأمريكي الجديد إلى شرق الفرات ،وكان في بداية الأمر متحمساً على إنجاح المفاوضات بين المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي ، لكن الرسائل التي تلقاها الجانب الأمريكي بعد قصف أربيل من العمق وعلى مسافة ستة كيلو مترات و بستة صواريخ ، كانت رسالة إيرانية واضحة وشفافة لواشنطن مفادها ، إنجاح أي مشروع في شرق الفرات داخل سوريا دون الاتفاق معنا سنعيد الكرة الى المربع الأول ،وستدمر الأخضر واليابس على (رؤوس ) أصحابها.. وبالتالي جميع الساحات مفتوحة للمواجهة )!؟

اذاً ... المفاوضات بين المجلس الوطني الكوردي لن تؤدي إلى نتائج إيجابية على الأرض ما لم تتفق أنقرة وطهران من جهة ، وموسكو وواشنطن من جهة أخرى ، لأن تقسيم الجزيرة السورية بنفطها وخيراتها وإدارتها ومعابرها دون إرضاء أنقرة وطهران لن يكون ، لأن الوضع في هذه المنطقة معقد بعكس ما يتصوره البعض ..

بالمحصلة ، المجلس الوطني الكوردي يدرك جيداً أن طهران ومن خلال أدواتها في شرق الفرات لن تسمح بوصول المفاوضات إلى نتائج ملموسة على الأرض، ،بالتالي انتقل الى الخطة (ب) وهي تفعيل جبهة السلام والحرية مع تيار الغد بقيادة ( أحمد الجربا) والمنظمة الآشورية ..

 هذه الخطة باتت رسالة واضحة لحزب الاتحاد الديمقراطي مفادها ( لسنا ضعفاء، ونمتلك الكثير من أوراق القوة للمواجهة ) ومن الجانب الآخر علاقة المجلس الوطني الكوردي تسوء يوماً بعد يوم مع الائتلاف السوري المعارض، بسبب تضارب المصالح، وعدم وجود رغبة حقيقية للطرفين بالاستمرار ضمن ( حليف قوي ومتمسك )

لهذا السبب يبدو أن لإقليم كردستان دور مهم على حث المجلس الوطني الكوردي على البقاء في الائتلاف والاستمرار داخل مؤسساته ،وإلا لكان المجلس قد غادر الائتلاف بعد ازدياد الأصوات المطالبة بالانسحاب داخل المجلس ، هناك عدد من الأسئلة باتت مطرحة على الملأ..

لماذا انتقل المجلس الوطني الكردي إلى الخطة (ب) ..؟

هل دفن حزب الاتحاد الديمقراطي المفاوضات بين الطرفين الكورديين ؟

هل واشنطن جادة بدفع الأطراف الكوردية إلى الاتفاق فيما بينهم ؟

هل طهران ستسمح بإنجاح مشروع واشنطن في شرق الفرات ، إن لم تحصل على حصة الأسد من النفط ؟

هل أنقرة حصلت على ما تريد مقابل عدم عرقلة المفاوضات ؟

هل ستستمر موسكو بحماية بقية مناطق قسد من أي هجوم تركي محتمل كشرطي مرور في المنطقة ؟

هذه الأسئلة وغيرها ،يمكن للتطورات القليلة المقبلة، وخاصة في عين عيسى وتل تمر الإجابة عليها بشكل واضح وصريح، وستضع النقاط على الحروف .