تل أبيب وطهران .. إلى أين تقودان سوريا ..؟
<p><span style="color: rgb(247, 247, 247); background-color: rgb(231, 99, 99);">قاسيون ـ علي تمي</span></p><p>تاريخ العلاقات بين طهران وتل أبيب </p><p>قبل 30 عاماً كانت طهران أكبر مستورد للأسلحة من تل أبيب مقابل تصدير النفط إليها ، ولمدة ثلاثة عقود كانت للأخيرة بعثة دبلوماسية في طهران حتى انطلاقة الثورة الإيرانية بقيادة ( الخميني) بين عامي 1948 و1978، مع استمرار علاقات ودية فيما بينهم حتى 1979 والتي بدأت تتدحرج شيئاً فشيئاً نحو التصعيد ومن ثم المواجهة المباشرة و الدخول في لعبة الأدوات و التحدي للسيطرة على أكثر المناطق توتراً في الشرق الأوسط . </p><p>هل العداء بين طهران وتل أبيب حقيقي ؟ </p><p>رسمت تل أبيب الخطوط الحمر أمام طهران وحذرتها على الدوام من تجاوزها، وهي منعها من امتلاك السلاح النووي، وتعطيل حصول "حزب الله" على الصواريخ الدقيقة وبعيدة المدى ، ووقف التوسع والوجود الإيراني وترسيخه في الشرق الأوسط ، </p><p>ومنذ نشوء دولة إسرائيل ( 1948 ) كانت حليفةً قويةً استراتيجياً لإيران الشاه، الذي منح له دور "شرطي الخليج " الذي كان يلوح بعصى التهديد في وجه كل من يحاول رفض السياسات الأمريكية في المنطقة .</p><p>وبتسليح أمريكي مباشر، إيران كانت تخوض حرباً ضروساً ضد العراق منذ عام 1980 إلى 1988 وكانت أطول حرب في القرن العشرين، وأحد أكثر الصراعات دموية وكلفة من الناحية الاقتصادية والبشرية.</p><p>المفارقة في بعض مفترقات الوضع الشائك للصراع في الشرق الأوسط ، هو أن طهران كانت ولاتزال ترفع شعار «تحرير فلسطين» وتدعم فصائل المقاومة الفلسطينية وترى أن هذا التحرير يجب أن يمر عبر الإطاحة بنظام صدام حسين ومن ثم الهيمنة على قرارات بعض الدول المحيطة بإسرائيل ، وتصدير "الثورة الإسلامية للعراق" والمنطقة ، وبالفعل تمكنت طهران من الالتفاف على الغزو الأمريكي للعراق 2003 ووضعت قبضتها على مفاصل الدولة ،وباتت تحرج واشنطن في الكثير من المواقف والقضايا وصولاً إلى انتقام واشنطن منها عبر الإطاحة بقاسم السليماني( قائد فيلق القدس ) والذي كان يتحكم بقرار عواصم أربعة دول في المنطقة، وذلك خلال عملية عسكرية معقدة شاركت فيها طيران الاستطلاع في مطار بغداد الدولي العام الماضي. </p><p>نقل الكرة إلى الملعب السوري. </p><p>تدّعي تل أبيب أنها ومن خلال عملياتها الجوية المستمرة على مواقع المليشيات الإيرانية في سوريا أنها تهدف الى تقليل قدرة منافسيها قبل أي حرب مستقبلية محتملة مع تل أبيب ، وتستخدم الأخيرة أسلوب الغارات غير المعلنة في سوريا فيما يعرف بـ"حرب وسط صراعات" ، وبعد الهجوم المتقن على المفاعل النووي السوري في عام 2007، و منذ ذلك الوقت تستخدم إسرائيل نفس الأسلوب على نطاق واسع حيث ألقت 4239 قنبلة لاستهداف 955 هدفاً داخل سوريا ، وشارك في تلك الحملة 70% من الطيارين الإسرائيليين وتصدرتها مقاتلات إف-35" في أنحاء سوريا وحتى يومنا هذا ، رغم ذلك زادت إيران من وجودها العسكري في هذا البلد عبر قوات فيلق القدس وحليفها اللبناني حزب الله وغيره من الوكلاء.</p><p>تل أبيب في الفترة الأخيرة ،تحاول أن تتناغم وبشكل مستمر مع موسكو على الساحة السورية، وذلك رغبة منها في إبعادها عن حماية المليشيات الإيرانية في سوريا ،وتحجيم دورها في مساندة النظام السوري، ومؤخراً بدأت تطفو على السطح أيضاً بوادر صراع بين طهران وموسكو، لأن الأخيرة تعتبر طهران مصدر إزعاج لديها نتيجة اندلاع اشتباكات بين قوات النظام الموالية لموسكو ، وأخرى لطهران على الأرض السورية، وموسكو بدورها كلما ضاقت بها السبل تلجأ الى تل أبيب لردع التوسع الإيراني في المنطقة .</p><p>بين هذا وذاك، طهران تعمل جاهدةً للانخراط في الحروب القائمة في المنطقة عبر أدواتها ووكلائها لتفرض شروطها في أية مفاوضات محتملة مع واشنطن قد تحدث على مستقبل سوريا والمنطقة برمتها بما فيها ( اليمن والعراق ولبنان) ، وتعتبر أن الهجوم أفضل وسيلة للدفاع، وتحاول جاهدة نقل الكرة الى الملعب اللبناني والسيطرة على مفاصل الدولة هناك لتتحكم بقرارها السياسي لحماية النظام السوري من السقوط ومن البوابة الخلفية ،لأنها تعتبر أن سوريا تشكل جبهة متقدمة لها في الصراع القائم مع تل أبيب ، ومن جهةً أخرى يعتقد المراقبون أن وجود العسكري الروسي في سوريا كانت برغبة إسرائيلية - أمريكية لخلق حالة من التوازن العسكري في مواجهة أنقرة في الجبهة الشمالية .</p><p>ومن هنا نستطيع القول أن تغلغل إيران داخل سوريا (عسكرياً واقتصادياً) ، بات من الصعب على تل أبيب مواجهته، خصوصاً مع ضعف نظام بشار الأسد واعتماده على الإيرانيين، بشكل كبير لا يسمح له بالطلب منهم بالخروج من البلاد، وتعتقد طهران أن بقاء نظام الأسد في السلطة، هو مصلحة أمنية وطنية رئيسية وضرورية لضمان بقاء أحد حلفائها الإقليميين للجمهورية الإسلامية. </p><p>وبحسب المسؤولين في طهران ، فإن سقوط منظومة البعث في سوريا في أيدي القوات "المعادية لها" سيهدد بشكل خطير نفوذ إيران الإقليمي وعمقها الاستراتيجي من خلال احتمال قطع وصول طهران إلى "حزب الله" في لبنان، وهو الورقة الإيرانية الأكثر أهمية من الناحية الإستراتيجية لمواجهة واشنطن وتل أبيب في الشرق الأوسط .</p><p>الخلاصة : </p><p> تل أبيب ترى أن ترسيخ طهران تواجدها العسكري المتزايد على حدودها الشمالية أمر غير مقبول ،وعلى الرغم من كونها "محايدة" رسمياً في الحرب السورية، إلا أن النشاط الإيراني المتزايد في البلاد دفعها إلى رسم "خطوطها الحمراء" واتخاذ إجراءات عسكرية تهدف إلى مواجهة إيران وحلفائها في سوريا ، كما أنها تسعى لوقف توسيع نفوذها الإقليمي بمزيد من العمليات العسكرية والسرية.</p><p>بالمحصلة ، بعد تدخل الرياض والدوحة والقاهرة بالتنسيق مع أنقرة من خلال الجامعة العربية في 2012 واقتراح الحلول السلمية لتطويق شرارة المتظاهرين في سوريا مقابل إجراء إصلاحات إدارية وسياسية في البلاد ، إلا ان طهران و من خلال وكلائها في هرم النظام ضربت جميع الجهود بعرض الحائط و تمكنت من الإطاحة بخلية الأزمة و نسف مكان الجلسة بالكامل وفرضت أجنداتها على المشهد السوري العام منذ ذلك الوقت ، و اصبح قرار النظام رهيناً بيدها ووجدت تل أبيب نفسها في موقف محرج وألتجأت إلى الخطة (ب) من خلال واشنطن ،ووضعت قبضتها على النفط في شمال شرق سوريا لإخراج طهران من الملعب فارغة اليدين، ولهذا السبب الصراع على سوريا سيستمر ، وقوات سوريا الديمقراطية من أكثر المستفيدين ، ،وأنقرة بدورها تلعب على التناقضات القائمة فيما بينهما لإيجاد حالة من التوازن في المشهد العسكري على الأرض وتبقى كلمة الفصل هي لموسكو وواشنطن حول مستقبل هذا البلد ، والمعادلة تقول إن لم ترضخ طهران لأجندات تل أبيب في سوريا فاحتمال كبير ان تذهب إيران نحو فوضى عارمة وخلاقة ومن الداخل ، ومحاولة تحريك الشارع نحو حالة التمرد على النظام الحكم وبدعم من الإمبراطورية الإعلامية الغربية بات أمر مفروغ منه ، ويبدوا مطلوب منها أيضاً مراعاة مصالح تل أبيب في المنطقة وإلا فإن سوريا باعتبارها الورقة الأقوى التي بحوزتها ذاهبة نحو تشكيل ثلاث مقاطعات منفصلة فيما بينهم ، وبالتالي نحن أمام معادلة (تقسيم المقسم وتجزئة المجزء ) في سوريا والكرة باتت في الملعب الإيراني لتقرر مصير هذا البلد كأمر واقع جديد لا مفرّ منه وعليها ان تحسم الجدل وتقرر ما إذا كانت ترغب بسوريا مفككة أو موحدة والخروج منها عسكرياً بالتي هي أحسن .</p><p><br></p><p>علي تمي : المتحدث باسم تيار المستقبل الكردي</p>