عام جديد .. أمل صغير*
قاسيون ـ عادل قطف
يحدو الجميع أمل في العام الجديد ، أن يكون أفضل من سابقه ، لأن ما مر على البشرية خلال عام 2020 ، قد يكون الأصعب منذ الحرب العالمية الثانية ، والبعض يعتبره الأسوأ منذ أكثر من قرن من زمان ، قياسا لحجم الكارثة التي عمت جميع الدول ولم تستثني أحدا .
قراءات كثيرة ، قدمها عدد من المحللين السياسيين و الاقتصاديين ، للعام 2021 ، وجميعها تؤكد على أفضلية العام الجديد عن العام 2020 ، لكنها بنفس الوقت تتحدث عن تغيرات كبيرة سوف تطال العالم كله ، بدءا من تركيبته القائمة على تسيد مجموعة من الدول للقرار الدولي، وانتهاء بأنماط حياتنا الشخصية .
وهي قراءات فيها الكثير من وجهات النظر السديدة ، نظرا لحجم التحولات المنتظرة على صعيد الاقتصاد العالمي ومثلها على الصعيد السياسي ، والتي تنبئ بأن العالم لا يمكن أن يستمر على ما كان عليه ، من نظم اقتصادية قائمة على الرأسمالية المتوحشة ، التي تستأثر فيها مجموعة من الدول ، لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة ، على أكثر من 80 بالمئة من الثروة ، وكذلك الأمر بالنسبة للواقع السياسي ، إذ أن هناك وعي عالمي متزايد ، بضرورة تغيير الهيكلية الدولية التي تم رسمها في أعقاب الحرب العالمية الثانية ، ولا تزال مستمرة إلى يومنا هذا .
إذا الكل يتوقع ، أن يدخل العالم في العام 2020 ، في نقاشات كبيرة ، وإجراءات عملية ، لتغيير هذه التركيبة العالمية الفاشلة ، واستبدالها بتركيبة ، أكثر أنصافا للقوى الجديدة ، التي صعدت خلال الأربعين سنة الماضية ، وعلى رأسها الصين والهند ، وبكل تأكيد ألمانيا .
وقد يرى البعض ، أن ما يهمنا خلال العام الجديد ، هو الوضع السوري .. فما هي التغيرات التي يمكن أن تطرأ عليه خلال العام 2021 .. ؟
في هذا الأمر ، يمكن القول إن الأزمة السورية وصلت إلى منتهاها ، ولم يعد بالإمكان استمرار التجاهل الدولي لهذه المأساة ، وخصوصا ، مع تزايد الأزمات الداخلية ، و على رأسها المعيشية ، والتي على ما يبدو أنها ستكون أسوأ في العام 2021 ، وفقا للمؤشرات الاقتصادية ، التي تنذر بغلاء أكثر فحشا ، وانهيار أكبر للعملة السورية مقابل الدولار .
ومما لا شك فيه ، فإن هناك حديثا متزايدا ، عن أن الإدارة الأمريكية الجديدة ، بقيادة الرئيس جو بايدن ، سوف يكون لها أقوالا أخرى ، فيما يتعلق بالمسألة السورية ، وأكثر ما يتضح ذلك ، من خلال الحديث عن تشكيل جسم سياسي معارض ، سوف ينطلق من أمريكا وبدعم منها ، لكي يكون فاعلا أكثر من الأجسام السياسية القائمة .
وكذلك يجب أن لا نقلل من عنصر العقوبات الأمريكية ، وبالذات الأخيرة ، التي طالت المصرف المركزي ، والتي من شأنها أن تجبر النظام على الانصياع للقرارات الدولية والقبول بالحل السياسي ، الذي رسمته مقررات مؤتمر جنيف لعام 2013 .
باختصار ، كل المؤشرات تدل على أن العام 2021 ، سوف يكون عام الحسم بالنسبة لسوريا ، لكن ليس بالشكل الذي قد يرضى عنه النظام أو المعارضة ، وإنما بالشكل الذي تخطط له الدول الكبرى .. ولا نستغرب أن تكون أبرز هذه الخطط ، هي التقسيم ، أو النظام الفيدرالي في أحسن الحالات ..
في العموم ، ها هو العام الجديد أمامنا .. ولا يسعنا سوى الانتظار ، بعد أن فقدنا كسوريين ، كل شيء ، وكل قدرة على التصرف ، حتى فيما يتعلق بأمور حياتنا الشخصية .. من هنا نعتقد أننا عشنا الأسوأ ، ولهذا نرى بأن القادم لا بد أن يكون أفضل مما كنا عليه .. وكل عام وأنتم بخير .