السوري وهاجس امتلاك المنزل
<p><span style="color: rgb(247, 247, 247); background-color: rgb(231, 99, 99);">قاسيون ـ عادل قطف</span></p><p>كل من كان يشاهد السوري وهو يبني بيته، يظن بأنه خائف على هذا البيت من الطيران، وذلك لحجم الإنفاق الكبير الذي يضعه في تسليح الأساسات تحت الأرض، والتي كانت تصل في بعض الأحيان إلى ما يعادل تكلفة البناء فوق الأرض.
</p><p>مرة فاجئنا أحد نجاري الباطون في قريتنا بالقول، إنه إذا ما وقعت هزة أرضية خفيفة فإن سبعين بالمئة من أبنية القرية سوف تنهار.. كان يقول هذا الكلام كونه الصانع لأغلب هذه البيوت، ويعلم حالها أكثر من غيره.. وعندما ناقشه أحدهم بفكرة الأساسات العميقة والصرف الهائل تحت الأرض، أجاب: "كان من الصعب أن تقنع من يريد أن يبني بيتاً أن الكثير مما يتم صرفه في الأساسات، لا معنى له، بل كان يصر على بذخ المال تحت الأرض لأسباب نفسية، تتعلق بفكرة الإحساس بالاستقرار على الأغلب".
</p><p>فكرة البيت بالنسبة للسوري كانت جوهراً، يسعى إليه طوال عمره، وحتى لو لم يحقق غيره في هذه الحياة، فإنه كان يشعر بالرضا وبأنه أنجز إنجازاً عظيماً يستحق التفاخر به.
</p><p>هذا السوري، الذي يحمل هذا المفهوم، وجد نفسه فجأة مشرداً، في المخيمات على الحدود، وفي دول الجوار، يسكن بيوتاً لا يملكها، ولا تستحق أن يملكها، بحسب مفهومه لفكرة البيت..
</p><p>والصدمة الأكبر التي واجهها السوري، ذاك الذي هاجر إلى أوروبا، والذي اكتشف أن فكرة الحصول على البيت ليست هدفاً يستحق السعي إليه مدى الحياة، بل هي حق لكل إنسان، ويجب أن يكون أول ما يحصل عليه..
</p><p>باختصار، لقد أضعنا جزءاً كبيراً من أعمارنا في بناء بيوتنا، ثم كانت أسرع شيء تخلينا عنه في هذه الحياة.. فهل يعطينا ذلك درساً للبحث عن معانٍ جديدة في حياتنا والعمل عليها أكثر من فكرة الباطون والبناء..؟</p><p>
</p><p>
</p><p>
</p><p>
</p><p>
</p>