ابناء دير الزور.. احذروا حجري الرحى ..!*
سامر العاني - قاسيون
لاشكّ أنّ محافظة دير الزور بحاجة جسم سياسي يكون نواة حزب أو تيّار يطرح أفكار الثورة الأولى، ويعمل على تحقيقها، ولا شكّ أيضاً أنّ واقع المحافظة بحاجة لمثل هذا الجسم لملء الفراغ السياسي من جهة المعارضة، في ظل المتغيّرات السياسيّة التي تجري في الساحة شرق الفرات، وفي ظل تفاهمات دوليّة قد تغيّر خارطة السيطرة، لاسيما أنّ لدى الأمريكان رغبة في أن ينشأ حزب سياسي أو تيار عربي محافظ من خارج منظومة قسد لخلق توازن في شرق الفرات بشكل عام وفي محافظة دير الزور بشكل خاص.
تلك المتغيّرات دعت مجموعة من أبناء تلك المنطقة لتشكيل "مجلس دير الزور السياسي" رغبة منهم في ملء هذا الفراغ من جهة، والمشاركة في القرار السياسي تجاه منطقتهم من جهة ثانية، وهذا حق لايمكن لأحد مصادرته منهم، إلّا أنّ التجربة القاسية لأبناء المحافظة مع "مجلس ثوار دير الزور" سابقاً كافية لجعلهم يتعاملون بحذر مع أيّ جسم يشكّل لاحقاً، فماذا لو كان جسم يضمّ بين مؤسّسيه رئيس مجلس الثوّار سيء الذكر.
لم يعد هناك جديد يمكن إضافته على خيبات أمل أبناء المنطقة تجاه "مجلس ثوّار دير الزور" ابتداءً من محاولته الناجحة في إخراج الثورة من طابعها الشعبي وإدخالها إلى نفق الأصوليّة الجهاديّة من خلال استحواذه على الدعم المالي والعسكري والإنساني وتجييره لمشروعه وصولاً إلى مبايعة بعض قياداته لتنظيم متطرّف كان من أهم عوامل القضاء على الثورة في دير الزور.
إنّ الظروف التي دعت لتشكيل "مجلس ثوّار دير الزور" لاتختلف من حيث الشكل عن الظروف التي تستوجب تشكيل مجلس سياسي للمحافظة، إلا أنّ المفارقة الغريبة تكمن في انضواء من كان مجلس الثوار جزء من معاناتهم، في مجلس يضمّ بين صفوفه ذات الشخص الذي كان يرأس ويدير مجلس الثوار، على الرغم من رفض أبناء المحافظة التام لوجوده في مؤسّسة الائتلاف الوطني كممثّل عنهم، لاسيما أنّ رغبته في الزعامة ابتداءً من قيادته للحركة السلفيّة العلميّة ثمّ الجهاديّة ثم زعامة مجلس ثوّار دير الزور وصولا إلى تمثيله المحافظة في الائتلاف الوطني، يعكسان عدم قبوله إلّا أن يكون صاحب القرار النافذ في أي جسم ينتمي إليه، وهذا يعني أنّه سيصل إلى مرحلة يستنسخ فيها تجربة مجلس الثوّار ويطبّقها في "مجلس دير الزور السياسي".
إنّ من عاصر تجربة مجلس ثوّار دير الزور يعرف أنّ الأولويّة بالنسبة لرئيسه هي انطلاق هذا الجسم بغض النظر عن الجزئيات البسيطة، إذ لم يكن يتدخّل بتشكيل اللجان والنقاشات والعضويّة في المرحلة الأولى، لثقته التامة بقدرته على "تطفيش" من لايتّفق مع مشروعه في مرحلة لاحقة، وهذا بالضبط مايسعى إليه حاليّاً مع "مجلس دير الزور السياسي" وبالتالي يصل لهدفه الأهم الذي مفاده "إن كان مجلس الثوّار فقد الحاضنة الشعبيّة، فيمكن استنساخ التجربة تحت مسمّى آخر".
أعود للقول إنّ تشكيل مجلس سياسي لدير الزور هو ضرورة لمواجهة القوى الانفصاليّة والاستبداديّة المتمثّلة بقسد والأسد، لكن دون أن يجعلوا من المجلسين حجري تطحنهم أكثر فأكثر، ودون تكرار تجربة مع شخص أدرك أبناء المنطقة خطره على ماضيها ومستقبلها، والأهم من هذا وذاك، دون أن ينسفوا تاريخهم المشرّف بوضع أيديهم بيد من كان سبب معاناتهم ووأد ثورتهم، فالتاريخ إن كتب لن يرحم.