تعميم وزارة التربية.. من المستفيد؟
من الواضح تفاقم الخلاف بين مجموعة رئيس الائتلاف الوطني نصر الحريري من جهة والحكومة السورية المؤقتة من جهة ثانية إذ يكشف التعميم رقم (1) الصادر عن وزيرة التربية والتعليم هدى العبسي والذي يعزّز هيمنة الائتلاف الوطني على العملية التعليمية، التيار الخفي لعضو الائتلاف الوطني "أحمد رمضان" الذي يقود المعركة نيابة عن رئيس الائتلاف.
التعميم وإن كان لا يوحي بشيء في مضمونه للوهلة الأولى، إلا أنّه يشير ما بين السطور إلى اصطفاف وزيرة التربية إلى جانب كتلة رئيس الائتلاف الوطني وهذا ما تؤكده اللقاءات المتكررة التي جمعت عضو الائتلاف "أحمد رمضان" بوزيرة التربية في مدينة غازي عنتاب وفي الداخل السوري فضلا عن زيارات متكررة إلى الجامعات في الداخل السوري.
لا يختلف اثنان على أنّ هذا التعميم كتب في مقر الائتلاف الوطني وأعطي جاهزا لوزارة التربية على اعتباره مصاغا بأسلوب اللاعب السياسي وهذا ما يفوق قدرة الوزيرة التنفيذية على ذلك، ولا يختلف اثنان على أنّ اللوبي المناطقي الذي يقوده أحمد رمضان داخل الائتلاف هو المستفيد من هذا التعميم على اعتبار أنّ من يصنع جيل المستقبل يضمن دوام السلطة له، وهذا ما يشكل خطرا ليس على الثورة فقط، إنما على تحقيق الديمقراطية في سوريا المستقبل أيضا.
عندما تحابي وزيرة التربية والتعليم الائتلاف الوطني معتبرة إياه "الجهة الوحيدة المخولة برسم السياسة التعليمية للحكومة السورية المؤقتة" فإنها تعترف بعدم قدرتها على قيادة العملية التعليمية أو رسم سياساتها على اعتبار أن هذه المسألة في جميع حكومات العالم –باستثناء حكومة حزب البعث- من اختصاص وزير التربية والتعليم وإقرار رئيس الحكومة وليس من اختصاص المؤسسة السياسية، بل وتسهم أيضا بتعزيز فرض الوصاية من قبل المؤسسة السياسية على أهم وزارة في المؤسسة التنفيذية، وهذا سبب كاف لإقالة من يحاول إقحام السلطة السياسية بالعمل التنفيذي بشكل عام، إذ يقال وزير في الدول الديمقراطية لأسباب تعدّ صغيرة أمام مثل هذا التعميم، فكيف إذا كانت المسألة من شأنها تسييس التعليم بالكامل.
إنّ رئيس الحكومة المؤقتة يتحمل وحده مسؤولية العمل التنفيذي في الداخل السوري، وهو مطالب اليوم بحماية المؤسسات التنفيذية من التدخلات السياسية، وعدم السماح بتحويل الحكومة المؤقتة إلى حكومة ائتلافية تنخرها التجاذبات والاستقطابات لاسيما في قطاع التعليم إذ لا فرق بين تسييس التعليم في نظام الأسد عن طريق حزب البعث أو تسييسه في المناطق التي تديرها الحكومة المؤقتة عن طريق الائتلاف الوطني، لاسيما أن العجز السياسي الذي دفع رئيس الائتلاف الوطني لإصدار قرار مفوضية الانتخابات التي تمكنه من الترشيح لانتخابات بمشاركة بشار الأسد أفقد جمهور المعارضة الثقة به وبفريقه لقيادة العملية السياسية فكيف إذا كان الأمر متعلق بجيل المستقبل التي تعدّ مسؤوليته أمانة برقاب الجميع.
لا شك أنّ الائتلاف الوطني يضم في هيئته العامة أعضاء وازنين يستطيعون تشكيل جبهة من شأنها إصلاح المؤسسة السياسية ومواجهة الاستقطابات التي حرفت مسار الثورة السورية وغلّبت المصلحة الخاصّة على مصلحة الشعب السوري، ولا شك أن تلك الكتلة قادرة على الضغط لرفد الائتلاف بشخصيات وطنية قادرة على قيادة العملية السياسية من منطلق وطني، فالأمر لا يحتاج إلا لفصل بين السلطات والعمل معا كلّ في اختصاصه، مع دعم المؤسسات لبعضها البعض لا التصارع فيما بينها.