اجتماع مخيب للآمال.. وإصلاحات لم تر النور
<p><span style="color: rgb(247, 247, 247); background-color: rgb(231, 99, 99);">سامر العاني</span><br></p><p>كان اجتماع الدورة 60 للهيئة العامة للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة أمس الإثنين مخيب للآمال، بعد وعود قطعها رئيس الائتلاف الوطني بإجراء إصلاحات جذرية من شأنها تصحيح مسار المؤسسة، وعلى رأس تلك الإصلاحات، تعديل النظام الأساسي للمؤسسة، إلا أنّ الرياح لم تجر بما اشتهى رئيس الائتلاف، فاستطاع التيار الرافض للإصلاح إفشال هذا المشروع، فكيف تم ذلك؟</p><p>ليتمكن الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية من التخطيط للعملية السياسية، لا بد له من إصلاح بنيته التنظيمية ومكوناته، لاسيما إن كانت هذه البنية، وممثلو تلك المكونات، سبب رئيس في تصدع العلاقات مع الكثير من الدول العربية والإقليمية، ومن الطبيعي أن تبدأ عملية الإصلاح بوضع نظام أساسي متين، يوضح بدقة المفاهيم السياسية والهيكل التنظيمي، فضلا عن تسمية المكونات التي من أهم ميزاتها انها تضفي على الائتلاف شرعيته.</p><p>من ناحية الأفكار لم تغب هذه المسألة عن رئيس الائتلاف الذي يبدو أنّه جاد في العملية الإصلاحية، لدرجة أنّه لوح بالاستقالة إن لم يقر النظام الأساسي، على الأقل ليسجل نجاحاً يضاف إلى سجله في العمل السياسي المعارض، إلا أنّ آلية التنفيذ حالت دون إنجاز أي تقدم على مستوى النظام الأساسي الذي يعتبر جوهر الإصلاح.</p><p>من المعروف أنّ المشكلة الرئيسية داخل الائتلاف الوطني تكمن في مكونين رئيسيين هما كتلة المجالس المحلية وكتلة الحراك الثوري، فأعضاء الأولى لم يعودوا يمثّلون مرجعياتهم، وأعضاء الثانية فلم يعد لهم مرجعية أساسا، وبالتالي أصبح وجودهم غير قانوني داخل الائتلاف الوطني، إلا أنّ حساب التوازنات تغلّب على أحلام السوريين وآمالهم بالتغيير.</p><p>بدأت عملية الإصلاح بتشكيل لجنة لتعديل النظام الأساسي، وهنا برزت عدة مشكلات تتلخص في نقطتين جوهريتين، الأولى أنّ رئيس اللجنة كان قد وصل إلى عضوية الهيئة السياسية بصفقة عقدها مع كتلة المجالس المحلية، ضمنت له استمرار راتبه الشهري، بعد أن انتهت فترة ولايته كأمين عام للائتلاف الوطني، مقابل تحالف تكتيكي معهم، وهذا يعني أنّه سيعطل أي مقترح يستهدف تلك الكتلة أو حلفاءهم في كتلة الحراك الثوري.</p><p>المشكلة الثانية تكمن في عضو اللجنة عبد الإله الفهد الذي ينتمي لكتلة المجالس المحلية، وهو أحد الأعضاء الذين تعتبر عضويتهم منتهية بسبب رغبة مرجعيته باستبداله، وبالتالي له مصلحة كبيرة في تعطيل أي تعديل ينهي وجوده في الائتلاف الوطني.</p><p>مع ظهور عدد من المشكلات في لجنة تعديل النظام الأساسي، لم يكن من الممكن إجراء إصلاحات جذرية، بل على العكس، توجه الإصلاح نحو تثبيت أعضاء الكتلتين والانتقام من الحكومة السورية المؤقتة من خلال وضع مواد، وتعديل أخرى، من شأنها سحب كامل صلاحياتها وتحويلها إلى حكومة ائتلافية بهدف إفشالها، ولهم في ذلك تجربة مع حكومة أحمد طعمة الأولى.</p><p>فبدل تثبيت المرجعيات والتأكيد على وجود مرجعية لكل مكون لتعزيز شرعية التمثيل، ابتدع أصحاب المصالح بندا ينص على أن "تلغى كتلة الحراك الثوري، وكتلة المجالس المحلية ويحول أعضاء الكتل سابقة الذكر إلى التقييم ويصدر قرار من الائتلاف بتشكيل مجالس تمثيل للمحافظات تجمع كافة الفعاليات ضمن المحافظة من إعلامي وثوري ومجتمعي بعدد لا يقل عن ٢٠٠ عضو، على أن تتضمن اللجنة أعضاء من الائتلاف من أبناء الحافظة المعنية، ويقوم الائتلاف بتشكيل هذا المجلس باختيار أهم الشخصيات والفعاليات بالمحافظات وعقد مؤتمر عام لهم كلسنتين ينتخبون فيه هيئة إدارية من سبعة أعضاء، ويقوم الائتلاف بتأمين مكتب لكل محافظة داخل مبنى الائتلاف بالداخل، وتقوم الهيئة الإدارية بتعيين ممثل لها داخل الائتلاف ولا يحق لهم استبداله إلا مرة كل عامين أو في حال مخالفته للنظام الأساسي للائتلاف"</p><p>إنّ ما سبق يعني تحويل أعضاء كتلة الحراك الثوري إلى مستقلين وبالتالي تنتهي مشكلتهم مع مرجعياتهم، وهذا إنقاذ لأعضاء الكتلة وعلى رأسهم رئيس الائتلاف السابق نصر الحريري وياسر الفرحان، فضلا عن إخراج المجالس المحلية من التمثيل في الائتلاف الوطني واستبدالهم بكتلة يعينها الائتلاف على هواه بحسب الولاءات، مما يعني بالتأكيد بقاء ممثلي المجالس المحلية لكن بمرجعية مختلفة، وهذا انقاذ لرياض الحسن وعبد الإله الفهد وآخرين.</p><p>يراهن أعضاء كتلتي المجالس المحلية والحراك الثوري على كسب موافقة رئيس الائتلاف الوطني لتمرير ما يريدون، وهذا ما تحدث به عضو لجنة تعديل النظام الأساسي عبد الإله الفهد في جلسة ضمت بالإضافة له كل من نصر الحريري وياسر الفرحان ورياض الحسن ويحيى مكتبي وعضوين أخرين من الهيئة السياسية، بأن الضغوط على رئيس الائتلاف قد تأتي أكلها في عدم تمرير أي مادة لا تضمن بقاؤهم في الائتلاف الوطني.</p><p>المشكلة الحقيقية لا تكمن في استبدال عبارة إسقاط النظام بتغييره، ولا بالمفاهيم السياسية التي من شأنها تغيير المعادلة والتأثير في السياسة الخارجية وتحديد أهداف الائتلاف بما يتوافق مع رؤية الثورة السورية، وإنما ينحصر الخلاف على المادة الثالثة التي تختص بالكتل والمناصب والصلاحيات.</p><p>المخرج الآن أمام رئيس الائتلاف الوطني هو تشكيل لجنة لإصلاح النظام الأساسي تضم قانونيين من خارج الائتلاف الوطني وتعرض على الهيئة العامة للتصويت دون المرور بالهيئة السياسية، وإلا فلن يكون هناك توافق إلا إذا فرض النظام الأساسي عليهم من دولة ما، كما حدث مع بداية تشكيل الائتلاف الوطني، وبهذا يثبت الائتلاف قصوره وعدم قدرته على إدارة شؤونه بنفسه.</p>