وكالة قاسيون للأنباء
  • السبت, 23 نوفمبر - 2024

سياسات التنازل لدى بشار الأسد عن سيادة سوريا وثرواتها*

سياسات التنازل لدى بشار الأسد عن سيادة سوريا وثرواتها*

قاسيون ـ عادل قطف

الحديث عن مطامع اقتصادية ، لكل هؤلاء الذين يتجمعون ويتقاتلون في أقصى الشمال الشرقي من سوريا ، لم يعد تنجيما في فنجان ، أو قراءة متسرعة وخفيفة للحدث ، بل إن الخفيف هو من يقلل من أهمية الشروط الاقتصادية ، في إدارة النزاعات والصراعات بين الدول .

وكما يعرف الجميع ، ينام شرق الفرات السوري ، على ثروة طبيعية كبيرة ، قوامها النفط والغاز والمياه ، هذا ناهيك عن الثروة الزراعية والحيوانية والأراضي الخصبة الواسعة .

وهي منطقة ، خرجت عن سيطرة النظام السوري ، منذ نحو سبع سنوات ، وبكل ثرواتها ، التي تحت الأرض وفوقها .. لكن ما يلفت الانتباه على الدوام ، أن النظام قاتل بشراسة ، من أجل استرجاع جرود جرداء في مناطق شتى من سوريا ، لكنه أبدا لم يخض ولا معركة في تلك المنطقة الغنية من سوريا ، مع أنه كان يجب أن تكون معركته الأولى هناك ، وبالذات عندما زادت الضغوط الاقتصادية عليه ، جراء تأمين النفط والغاز والقمح لحكومته وجيشه .

هذا يعني شيئا واحدا ، أن النظام كان قد تخلى عن تلك المنطقة ، ومنذ بداية الثورة ، ضمن اتفاقيات تحت الطاولة الدولية ، مقابل تركه ينعم بكرسي الحكم ..

وسياسات التنازل لدى بشار الأسد ، لم تبدأ بعد إنطلاق الثورة السورية ، وإنما ميزت عهده بالكامل ومنذ توليه السلطة في العام 2000 ، فهو بعد ذلك التاريخ ، كان تقريبا في كل عام يتنازل عن شيء من السيادة الوطنية والنفوذ العربي والإقليمي لسوريا ، ضمن استراتيجية لم تكن مفهومة لأحد من السوريين .

لقد تخلى بشار الأسد عن دور سوريا العربي ، عندما انحاز لميليشيات وعصابات حزب الله ، على حساب سيادة لبنان وعلاقاته العربية .. ولا نريد في هذا الصدد التطرق إلى انسحابه من لبنان ، بطريقة مهينة ومذلة ، لأننا بالأساس كشعب سوري لم نكن نرغب بهذا التواجد ، ولكن بنفس الوقت ، كنا نرغب لهيبة بلدنا أن تبقى محفوظة ، وأن يخرج جيشنا من لبنان مرفوع الرأس وليس مطأطئه ..

سياسات التنازل ، لمن لا يدري ، امتدت إلى الأردن ، ولازالت الأردن حتى اليوم تحتفظ بأوراق لمباحثات في العام 2010 ، يطالبون فيها الحكومة السورية بعمق 5 كيلو متر على طول الحدود ، ويقولون إن بشار الأسد كان على وشك أن يوافق لولا بدء الثورة السورية في العام 2011 .

ونفس الشيء في الحدود مع لبنان ، الذي كان يطالب بترسيمها ، مع مطالبته بمناطق جديدة من سوريا ، لم يكن بشار الأسد يمانع بإعطائهم إياها ، مقابل أن يحفظ ذلك سلامة كرسي حكمه ..

نظرية التنازل عن الأراضي السورية والسيادة الوطنية ، لدى بشار الأسد ، تجلت بشكل أكبر ، بعد العام 2011 ، عندما جلب كل قوى الأرض لكي تقيم قواعدها العسكرية على أرض سوريا ، وتحصل على ما تشاء من امتيازات .. ولكم أن تتخيلوا ، من كل هؤلاء الأعداء الذين يتحدث عنهم نظام الأسد ، ومؤامراتهم ، فإن لا أحد يريد أن يسقط حكمه ..! بل على العكس ، الكل يسعى للحفاظ عليه ، بدءا من أمريكا واسرائيل وانتهاء بالبحرين ..

لذلك ، لم نعد نستغرب أن يكون هناك اتفاقا بين النظام وأمريكا، على أخذ المنطقة الشمالية من سوريا بكامل ثرواتها ، مقابل أن يدعوه وشأنه في الحكم ..

كل تصرفات وسلوك بشار ، تشير إلى أنه لم يعد راغبا بحكم العالم كما توقع له عضو مجلس الشعب في مطلع الثورة ، وإنما هو قابل بأي شيء .. المهم أن يبقى رئيسا ولديه شعب وحكومة .. ومؤامرة كونية يحاربها .. وممانعة يتحالف معها .. وكل ذلك لا يتطلب منه أن يكون حاكما لبلد عظيم مثل سوريا .. وإنما يكفيه قصر المهاجرين والمنطقة المحيطة به ..