طوابير الذل أم طوابير الكرامة ..؟!
قاسيون ـ خاص
يقول الكثير من المراقبين ، إن السوريين الذين آثروا السلامة على الكرامة ، ها هم يفقدون الاثنتين معا ، وذلك في وصفهم للسوريين الذين لم يناصروا الثورة أو اتخذوا موقف الحياد منها ، إلا أنهم اليوم يدفعون ثمنا باهظا ، لأنهم ارتضوا العيش في ظل هذا النظام ، الذي يقوم بإذلالهم من خلال طوابير البنزين والخبز .. بينما القادم أعظم ..!
هذا الموقف الشامت من بعض السوريين الذين ثاروا على النظام ، هو أكثر ما يبحث عنه بشار الأسد ، وأكثر ما يثير غبطته، لأنه منذ البداية حاول أن يصدم أبناء الشعب السوري ببعضهم البعض ، عبر إثارة النعرات الطائفية والعشائرية والعرقية فيما بينهم ، وعندما لم يفلح قام باستخدام جيشه في تدمير إرادة هذا الشعب .
ما يعيشه الشعب السوري في الداخل اليوم ، يعنينا جميعا ، لأن من يمارس عليهم النظام ساديته ووساخته ، هم أهلنا وأخوتنا وخواتنا وأبناء بلدنا ، حتى بمن فيهم أولئك الذين اتخذوا موقفا مؤيدا للنظام ، فإننا لا يمكن أن نرضى أن تتم معاقبتهم بهذه الطريق المذلة .. بل يقتضي الموقف الأخلاقي ، منا أن نتألم لما يحصل معهم ، عبر كلمات التعاطف .. وهذا أضعف الإيمان ..
يقول أحد السوريين في دمشق في تصريح لـ "قاسيون" ، بأن الناس في الداخل أصبحت تعوي مثل الكلاب ، حسب وصفه ، وهم يتنقلون من دور الخبز إلى دور البنزين إلى دور الغاز إلى دور السكر والرز والزيت وغير من المواد التي فرض النظام توزيعها على البطاقة الذكية ، حيث أن أفراد العائلة باتوا يتقاسمون هذه المهام وعلى مدى اليوم بأكمله ، من أجل الحصول على الحد الأدنى من الغذاء ..
والأمر لا يتوقف عند هذا الحد ، بل إنه لا يوجد وسائل نقل تقل الناس إلى أعمالهم ، بسبب نقص المحروقات ، وهي مصيبة جديدة ، حيث أن الخارج من بيته لم يعد يعلم متى يعود .. !
وزيادة على كل ذلك ، فلا ننسى أن هناك أزمة في الكهرباء وأخرى في المياه ، ما يزيد من معاناة السوريين وسوء أحوالهم .
الكثيرون يتساءلون اليوم عن الحل .. وهل هو متوفر ..؟
الحل متوفر وهو بيد النظام ، لكنه يرفض القبول به ، بحجة الصمود والعلاك المصدي ، إلا أن من يدفع هذا الصمود ، ليس قيادات الجيش والمخابرات والمسؤولين ، وإنما الشعب السوري .
الحل بكل بساطة ، هو أن يقبل النظام بالحل السياسي مع المعارضة ، وأن يقوم بإخراج إيران وحزب الله وغيرها من التنظيمات الإرهابية الطائفية من سوريا .. وعندها لن يكون هناك مشكلة مع المجتمع الدولي ، الذي صرح مسؤولوه أكثر من مرة ، بأنهم جاهزون ، ليس لرفع العقوبات فحسب ، وإنما بضخ الاستثمارات في سوريا ، ومساعدتها في إعادة الإعمار .. إلا أن النظام يرفض ويتعنت ، وليس لديه أي مشكلة لو مات كل الشعب السوري من الجوع .
بل وصل الأمر بهذا النظام ، بأنه بدأ بتوجيه وسائل إعلامه ، لوصف طوابير السوريين على الخبز والبنزين والغاز ، بأنها طوابير الكرامة وليست طوابير الذل ، ردا على تهكمات البعض .. وهي مرحلة من أخطر ما يواجهه الشعب السوري اليوم .. إذ أن ذلك يعني ، بأن النظام على استعداد للتضحية به ، و تحت نفس عناوين المقاومة والممانعة والعلاك المصدي .