بشار الأسد يسارع لإطفاء حرائق حاضنته الطائفية
قاسيون ـ خاص
كثيرون علقوا على صور بشار الأسد وهو يهرع إلى المنطقة الساحلية التي ضربتها الحرائق ، لكي يواسي أهلها ، أنه لو فعل نفس الشيء قبل أكثر من تسع سنوات مع أهالي درعا ، لما وصلت البلد إلى ما وصلت إليه اليوم .
لكن عفوا .. ! المقارنة هنا سيئة وانفعالية ، ولا تخدم المشهد .. فشتان بين من خرجوا في مظاهرات تنديدا بالنظام الأمني والقمعي ، وبين من لازالوا يناشدون "السيد الرئيس" رغم كل المآسي التي سببها لهم .. فهو لم يهرع إليهم ، إلا بعد أن تأكد أنه لو أحرق نصفهم ، لبقي النصف الآخر مواليا له وفي خدمة بسطاره العسكري ..
بشار الأسد ذهب إلى جبال الساحل حيث المتضررين من الحرائق ، وليس في جعبته ما يقدمه لهم من مساعدات سوى "طلته" الحلوة عليهم ، لأنه يعتقد أو متيقن ، بأن ذلك أقصى ما يطمح إليه مؤيدوه ، بعد أن ضيق الخناق عليهم ، عازيا نصره ، على ما يسميه بالمؤامرة الكونية ، إلى تدخل القوات الروسية والميليشيات الإيرانية إلى جانبه ، وليس إلى تضحياتهم .
تقول الاحصائيات بأن نحو 28 ألف عائلة متضررة في اللاذقية وخسائر تقدر بآلاف الهكتارات من الأشجار المثمرة والحراجية ، وشملت الأضرار 1,340 مليون شجرة حمضيات، و3،370 ملايين شجرة زيتون، 259 ألف شجرة من أنواع مختلفة، و2 طن من التبغ مقابل تضرر 11 بيتاً بلاستيكياً في جبلة، و220 دونماً مزروعاً بخضار خريفية مكشوفة، و1100 خلية نحل و7 رؤوس أبقار، و30 ألف متر من شبكات الري بالتنقيط.
أما تعويض هذه الأضرار ، فهي تقدر بعشرات مليارات الليرات السورية ، وهو ما لا تملكه الحكومة ، لذلك لجأت بداية إلى إجبار رجال الأعمال في دمشق وحلب على التبرع ، إلا أن مجمل الأموال التي تم جمعها بلغت 400 مليون ليرة سوريا ، وهو ما دفع مؤسسات النظام للبحث عن آلية للتعويض ..
المقترحات بحسب مسؤولي النظام ، تقول بإمكانية توزيع غراس مجانية للفلاحين مع الأخذ بعين الاعتبار أجور الغرس ، إلا أن أهالي المنطقة ردوا على هذا المقترح ، بأن أشجارهم عمرها عشرات السنين ، وقد تعبوا عليها كثيرا من أجل أن تصل إلى مرحلة العطاء ، فما هذا التعويض السخيف بحسب وصف أحدهم ، في تعليق على الخبر المنشور على صفحة جريدة "الوطن" على الفيسبوك ..
مسؤول آخر اقترح تقديم سلل غذائية للمتضررين مع إتاحة سحب قروض ميسرة من دون فوائد لتعويض ما أمكن للمزارعين الذين خسروا مواسمهم التي يعتاشون منها ، وهو مقترح رفضه كذلك المتضررون ، لأن القروض بحسب قولهم بحاجة إلى سداد ، ما يعني أن التعويض في هذه الحالة سوف يكون من جيوبهم .
يعتقد الكثير من المراقبين ، أن هذه هي فرصة بشار الأسد الأخيرة ، للإبقاء على آخر أواصر الود بينه وبين مواليه وأبناء حاضنته الطائفية ، الذي لا يرون ترجمة لهذا الود سوى بإجزال العطاء لهم من أموال الدولة ، تحت بند التعويض عن الأضرار .
لهذا ذهبت اقتراحات المحللين الاقتصاديين الموالين للنظام ، ومنهم عابد فضلية ، رئيس مجلس إدارة سوق دمشق للأوراق المالية ، إلى أنه على الحكومة أن تقوم بتعويض المتضررين من فوائض موازنة العام 2020 ، وهي فوائض تقدر بأكثر من 200 مليار ليرة ، وكانت الحكومة تخطط لتحويلها إلى موازنة العام القادم المقدرة بـ 8.5 تريليون ليرة .
وهذا الاقتراح نابع من إيمان النخبة الاقتصادية المحيطة بالنظام ، بأن ذلك هو الحل الوحيد ، لكي تعود الحاضنة الطائفية للالتصاق به من جديد ، بعد الشرخ الذي حدث بين بشار الأسد وابن خاله رامي مخلوف ، حيث اتضح أن هذا الأخير ، كان أكثر اقترابا من أوجاع أبناء طائفته ، ويملك المسكنات لها .. لذلك حصد التعاطف خلال صراعه مع ابن عمته ، واستطاع إلى حد ما أن يشق صف الطائفة العلوية .
لهذا ينتظر المتضررون في جبال الساحل أن يتم ترجمة زيارة بشار الأسد لهم ، بما سيوعز به من قرارات تتعلق بالتعويض ، بينما يعتقد بشار الأسد أن زيارته لهم بحد ذاتها هي التعويض ..