وكالة قاسيون للأنباء
  • الجمعة, 15 نوفمبر - 2024
austin_tice

الصراع على قمح الجزيرة بين النظام وقسد

قاسيون ـ تحليل

عاد الصراع ليحتدم من جديد على شراء محصول الفلاحين من القمح في منطقة "الجزيرة السورية" بين النظام السوري وما يسمى "الإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا " وذلك بعدما أعلنت هذه الأخيرة اليوم تعديل أسعار القمح ، لتصبح مقومة بالدولار ، وذلك في أعقاب انهيار سعر صرف الليرة السورية ، التي أفقدت التسعيرات السابقة لقيمتها الفعلية ، الأمر الذي يعني بأن الفلاح لن يبيع قمحه لأي من الأطراف المتنافسة .

وقال الرئيس المشترك للمجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا ، الذي يدعى عبد حامد المهباش ، في تصريح صحفي ، إنهم قرروا وضع تسعيرة جديدة لن يتم الكشف عنها إلا بعد أن يبيع الفلاح كامل محصوله للإدارة الذاتية ، لكنه أكد بأن التسعيرة الجديدة سوف ترضي الفلاح ، ولن تظلمه .

وكانت الإدارة الذاتية في المنطقة الشرقية من سوريا ، قد وضعت في مطلع شهر نيسان سعرا لاستلام كيلو القمح 225 ليرة سوريا ، وبما يتوافق مع سعر النظام ، إلا أنها قامت في نهاية الشهر الماضي بتعديل السعر ليصبح 315 ليرة ، بسبب تراجع سعر صرف الليرة .

أما النظام فهو الآخر قام بتعديل أسعار استلام محصول القمح لتصبح 400 ليرة للكيلو ، عندما كان سعر صرف الدولار يراوح حول 1700 ليرة ، أما الآن وبعد وصول سعر الصرف إلى أكثر من 2400 ، فإن هذه التسعيرة الجديدة أصبحت تعادل 250 ليرة سوريا ، بينما لا يستطيع النظام في الوقت الحالي تعديل أسعار بنفس المرونة التي تقوم بها "قسد" ، أو الحكومة المؤقتة في إدلب ، والتي أعلنت هي الأخرى منذ البداية عن تسعير كيلو القمح مقيما بالدولار ، وهو يبلغ وفقا لأسعار الصرف الحالية ، أكثر من 550 ليرة .

لذلك فإن التنافس بين هذه الأطراف الثلاث ، يبدو واضحا على القمح في المناطق التي تقع خارج سيطرة النظام ، سيما وأن الكمية المقدرة من المحصول في منطقة الجزيرة السورية لوحدها ، يقدر بنحو مليون طن ، ما يعني بأن من يمتلك هذه الكمية ، سوف تكون له الأفضلية لدى السكان المحليين ، لأنه سيكون قادرا على تأمين غذائهم .

ويقدر عدد السكان في المنطقة التي تخضع لسيطرة الإدارة الذاتية بنحو 5 مليون نسمة ، تبلغ حاجتها السنوية من القمح لأغراض صناعة الخبز ، نحو نصف مليون طن ، أي "قسد" إذا ما استطاعت شراء كامل المحصول ، سوف يكون لديها فائض نصف مليون آخر .

وفي المقابل يرى الكثير من المراقبين ، أن هناك تنسيقا عالي المستوى بين النظام و"قسد" ، وهو ما بدا واضحا خلال التصريح الصحفي للرئيس المشترك للإدارة الذاتية في المكتب التنفيذي ، عبد حامد المهباش ، والذي تحدث عن قانون قيصر ، وأنه يهدف للضغط على الحكومة المركزية في دمشق ، وعلى المصرف المركزي ، من أجل تجويع الشعب السوري ، من خلال انهيار سعر الصرف .

لذلك ، من غير المستبعد أن تقوم الإدارة الذاتية ، بحسب هؤلاء المراقبين ، بتزويد النظام بالقمح ، إذا ما استطاعت شراء كامل المحصول .

وتبقى المشكلة الأكبر ، هي لدى حكومة الإنقاذ في إدلب ، والتي يعيش في مناطقها أكثر من 3 ملايين نسمة ، بينما المساحات المزروعة بالقمح في تلك المنطقة ، محدودة ، ولا تزيد إنتاجيتها ، عن 50 ألف طن فقط من القمح .. وهي كمية لا تكفي لأغراض صناعة الخبز ، لأكثر من ثلاثة أشهر .

لهذا عمدت الحكومة مؤخرا لرفع أسعار الخبز ، حتى أصبحت الربطة تباع بـ 500 ليرة سوريا ، وهو سعر مرتفع جدا ، تسبب بالأمس في خروج مظاهرات واحتجاجات في مناطق عدة من التي تسيطر عليها ، وتطالب بتخفيض سعر ربطة الخبز .

أمام هذا الواقع ، يجد السوريون أنفسهم ، أحد الأدوات التي يتنازع عليها الأطراف الثلاث ، لكي يحكمونهم عبر رغيف الخبز فقط ..

لذلك يتساءل الكثيرون اليوم : ماذا لو أن الفلاحين رفضوا بيع قمحهم لأي من الأطراف الثلاث السابقة ، واحتفظوا به لأنفسهم ، ثم باعوه فيما بين بعضهم البعض ، من أجل أن تتولى كل أسرة صناعة خبزها بنفسها ..؟ ألا يجعلها ذلك أكثر حرية .. وأكثر كرامة ..؟