وكالة قاسيون للأنباء
  • الجمعة, 20 سبتمبر - 2024
austin_tice

أزمة اللاجئين السوريين... والوجه غير الإنساني للرأسمالية الأوروبية

أزمة اللاجئين السوريين... والوجه غير الإنساني للرأسمالية الأوروبية
<p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px">أظهرت المعاملة المروعة للاجئين الباحثين عن مأوى في أوروبا الوسطى، خلال الأسابيع الأخيرة في دول البلقان وإيطاليا الوجه الوحشي، وغير الإنساني للرأسمالية الأوروبية. ويواجه اليائسون، والخائفون على حياتهم، والفارون من المناطق التي دمرتها الحروب في الشرق الأوسط، وشمال أفريقيا محنة مريرة.</span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px">وكل يوم توجد إساءة جديدة: الجثث التي تنجرف في مياه البحر المتوسط، واللاجئون المتكدسون جنبًا إلى جنب دون طعام ومياه كافيين في ظروف صحية لا تُحتمل، والأسر التي تحتوي على أطفال صغار يتم إجبارهم على عبور الحدود مئات الكيلومترات سيرًا على الأقدام، وتنشر الشرطة الهراوات، والقنابل المسيلة للدموع ضد المهاجرين العزل، وتنتشر الحواجز في كل مكان بالحدود المحمية تماماً بالأسلاك الشائكة، وقوات الأمن من أجل التصدي للاجئين بالقوة.</span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px">وبالأمس فقط، غرق قاربان يحملان ما يصل إلى 500 مهاجر قبالة سواحل ليبيا مع وجود مئات القتلى. ومن بين هؤلاء الموجودين على متن القوارب كان هناك مهاجرون من سوريا، وبنجلاديش، والعديد من الدول الإفريقية -حسب تقارير وسائل الإعلام.</span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px">ويأتي ذلك في أعقاب اكتشاف جثث ما يصل إلى 50 لاجئًا سوريًا داخل شاحنة على إحدى الطرق السريعة بالنمسا. ويفترض أنهم قد اختنقوا وهم في الطريق. وقد تم إيقاف الشاحنة عن طريق عامل الطريق السريع الذي لاحظ سائل الجثث المتحللة يتقطر من الشاحنة.</span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px">وعلى بُعد بضعة كيلومترات قليلة، وفي فيينا الهادئة، استجاب رؤساء الحكومات ووزراء الخارجية لكل من النمسا وألمانيا وإيطاليا، وست دول من دول البلقان الغربية لهذه الحادثة المروّعة عن طريق إحكام التدابير ضد هؤلاء الفارين إلى أوروبا. وسوف يتم تعزيز الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، ومراقبة الطرق التي يسلكها اللاجئون من خلال منطقة غرب البلقان بشكل أفضل. وقد ألقوا باللوم في حوادث الوفاة الكبيرة على &ldquo;تجار البشر المجرمين&rdquo; الذين ازدهرت تجارتهم؛ بسبب السياسات الانعزالية للقوى الأوروبية.</span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px">وتبيّن أزمة اللاجئين مدى سخافة الادعاء القائل إن الاتحاد الأوروبي؛ هو ملاذ السلام والرخاء، والتفاهم الدولي. في حين تعمل الحكومات مع بعضها البعض بشكل وثيق؛ من أجل تحويل أوروبا إلى قلعة يموت الآلاف على حدودها، حيث ينخرطون في منافسة شرسة على الدولة التي يمكنها أن تردع بشكل أكثر فعالية اللاجئين، أو ترسلهم إلى دولة أخرى في أسرع وقت ممكن. وفي الوقت نفسه، يحذر المهتمون السياسيون المعنيون بالأمر من أن إنشاء حدود جديدة، والنزاع حول حصص اللاجئين الخاصة بكل دولة، يمكن أن تفجر أزمة داخل الاتحاد الأوروبي.</span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px">وتنفق بريطانيا، التي قبلت فقط استضافة 1% من اللاجئين السوريين الذين يصلون إلى أوروبا، الملايين؛ من أجل تتريس مدخل النفق المؤدي إلى الاتحاد الأوروبي في مدينة كاليه، حيث يعيش آلاف اللاجئين في حالة من البؤس، وحيث مات 12 منهم بالفعل في هذا العام. كما يواجه المهاجرون الذين يعملون دون تصريح عقوبات قاسية.</span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px">كما أقامت المجر -وهي بلد عبور على طريق دول البلقان الغربية- سورًا بارتفاع 3.5 أمتار، على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي مع صربيا وتفكر في اتخاذ تدابير لمعاقبة العابرين الحدود بطريقة غير مشروعة، بالسجن لمدة سنوات.</span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px">وتسعى ألمانيا والنمسا والدول المستهدفة لكثير من اللاجئين للتصدي لهم عن طريق ظروف لا تُحتمل في مراكز الاحتجاز، وإجراءات الترحيل السريع، وتخفيض الدعم الاجتماعي. وتمارس ألمانيا -على وجه الخصوص- بالتعاون مع فرنسا ضغطًا على دول الاتحاد الأوروبي الأخرى؛ من أجل توزيع اللاجئين بالاعتماد على نظام الحصص.</span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px">وقد قُوبل هذا الاقتراح بمقاومة عنيفة، خاصة في أوروبا الشرقية. ورفض الرئيس البولندي أندريه دودا بشكل قاطع قبول أي لاجئ إضافي. ويبرر موقفه -من بين العديد من المبررات الأخرى- أن دولته تتوقع موجة جديدة من اللاجئين القادمين من أوكرانيا، حيث تم تكثيف الحرب الأهلية بين نظام بوروشينكو المدعوم من الغرب، والمتمردين الموالين لروسيا.</span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px">وقد دعا نائب رئيس الوزراء التشيكي أندريه بابيس، وهو رائد أعمال ملياردير، إلى تدخل حلف شمال الأطلسي؛ من أجل &ldquo;إغلاق منطقة شنغن من الخارج&ldquo;، مشيرًا إلى تدفق موجات اللاجئين باعتبارها &ldquo;أعظم خطر على أوروبا&ldquo;.</span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px">ويقف رد فعل طبقات عريضة من السكان بالنسبة لمحنة اللاجئين في تناقض صارخ مع رد فعل النخب الحاكمة. خاصة في ألمانيا، حيث قُوبل اللاجئون بتدفق المساعدات التي فاجأت، وصدمت الأوساط السياسية السائدة.</span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px">وفي هامبروج، تم تسليم عدة أطنان من التبرعات إلى قاعة عروض وفرت مأوى لـ1100 لاجئ من سوريا، وإريتريا على مدار الأسبوعين الماضيين. وقد تبرع آلاف المواطنين المحليين بالملابس، ولعب الأطفال، والبطانيات، أو بشراء اللوازم الصحية التي يحتاجون إليها. في حين أن السلطات تضايق اللاجئين، وتبرر أفعالها بحجة أنهم يحتاجون إلى مزيد من الأموال، شكّل مئات المتطوعين سلسلة إمدادات تقوم بتوزيع التبرعات في جميع أنحاء ألمانيا، وتنظم دورات لتعليم اللغات، والرعاية الصحية.</span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px">وتقوم وسائل الإعلام بالحديث بشكل متقطع عن مثل هذه الأفعال، وتفضل بدلاً من ذلك أن تملأ عناوينها الرئيسة بالحديث عن المظاهرات المعادية للأجانب، والتي تنظمها جماعات النازية الجدد، المخترقة من قبل المخابرات، والأفعال الليلية التي يقوم بها مشعلو الحرائق الجبناء. وردًا على تلك الاستفزازات، تم تكثيف موجة المساعدات، والدعم.</span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px">ولا يعتبر الدعم المقدم للاجئين مجرد تعبير عن المشاعر الإنسانية الأساسية، بل يفهم الكثيرون بشكل فطري أن اللاجئين ما هم إلا ضحايا لنظام اجتماعي يهدد حياتهم.</span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px">ولم يكن هناك دعم شعبي للحروب الإمبريالية التي حدثت في العراق وأفغانستان وليبيا وسوريا، والتي دمرت مجتمعات بأكملها، والتي هي السبب الرئيس لتلك الموجة من اللاجئين. ومنذ سنوات شهد العمال في جميع أنحاء أوروبا تراجعًا في مستويات المعيشة، في حين أن أقلية صغيرة تقبع على رأس المجتمع قد أثرت نفسها بشكل هائل.</span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px">وأزمة اللاجئين هي التعبير الأكثر إثارة عن أزمة نظام اجتماعي لم يعد متوافقًا مع الاحتياجات الأساسية للغالبية العظمى من البشر.</span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px">وفي عام 1940، ومع بداية الحرب العالمية الثانية، أعلنت الأممية الرابعة أن &ldquo;العالم قد اكتظ بالرأسمالية المتحللة. وأصبحت مسألة الاعتراف بمائة لاجئ إضافي مشكلة كبيرة للقوى العالمية؛ مثل الولايات المتحدة، في عصر الطيران والتليغراف والهاتف والراديو والتليفزيون، والسفر من بلد إلى بلد والذي أصبح مقيدًا بجوازات السفر والتأشيرات. وأصبحت فترة الإنفاق على التجارة الخارجية، وتراجع التجارة الداخلية، هي نفس مدة التكثيف الشنيع للشوفينية خاصة معاداة السامية&ldquo;.</span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px">وهذه الكلمات لها وقع شديد على عالم اليوم. إذ أصبحت الرأسمالية، المرتكزة على الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، وإخضاع كل جانب من جوانب الحياة الاقتصادية لربح قلة من المالكين، غير متوافقة مع احتياجات المجتمع العالمي الذي يضم 7 مليارات شخص يعتمدون بشكل اقتصادي على بعضهم البعض. وتقف الدولة القومية -التي تجذرت فيها الرأسمالية- موقفًا متناقضًا من الاقتصاد العالمي القائم على التقسيم الدولي للعمل.</span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px">&nbsp;والمعاملة غير الإنسانية للاجئين، وتشييد حواجز جديدة لا يمكن تجاوزها أكثر من أي وقت مضى، وتعزيز أجهزة الدولة، والعسكرة المتزايدة لها، توضح استجابة النخب الحاكمة لتناقضات الرأسمالية غير القابلة للحل. والمعاملة المهينة للاجئين ما هي إلا نتاج نظام اجتماعي غير إنساني عميق.</span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify">&nbsp;</p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>مركز تبادل المعلومات &ndash; التقرير - قاسيون</strong></span></sup></span></p>