الجيش السوري ينسحب من قرية حدودية مع لبنان بعد اتفاق مع بيروت

أعلن الجيش السوري، اليوم الأربعاء 19 مارس 2025، انسحابه من قرية "حوش السيد علي" الحدودية مع لبنان، وذلك بعد تنسيق مشترك مع الجانب اللبناني أفضى إلى اتفاق يهدف إلى تهدئة التوترات على الحدود بين البلدين. وأكد العقيد عبد المنعم ضاهر، قائد اللواء الأول بالفرقة 52 في الجيش السوري، أن الاتفاق تم بين ضابط الارتباط في وزارة الدفاع السورية ونظيره في الجيش اللبناني، وينص على انسحاب وحدات الجيشين من القرية لضمان عودة المدنيين إليها دون أي وجود عسكري داخلها، مع تمركز القوات على أطراف البلدة.
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" عن ضاهر قوله: "الجيش السوري ملتزم بتنفيذ الاتفاق بشكل كامل، ونحذر من أن أي خرق لهذا التفاهم من جانب حزب الله سيواجه رداً حازماً ومباشراً دون إنذار مسبق". ويأتي هذا الإعلان بعد يوم من التوصل إلى اتفاق بين سوريا ولبنان لوقف إطلاق النار على الحدود، عقب اشتباكات عنيفة بين الجيش السوري وميليشيا "حزب الله" أسفرت عن مقتل ثلاثة جنود سوريين.
انتشار عسكري مشترك
رصد مراسل "تلفزيون سوريا"، في ساعات الصباح الأولى اليوم، انتشاراً لقوات الجيش اللبناني على الشريط الحدودي مع سوريا، خاصة في نقطة "حوش السيد علي"، بهدف منع تسلل الأسلحة أو تحركات عناصر "حزب الله" والمجموعات المسلحة العشائرية في المنطقة. وأشار المراسل إلى أن "الجيش اللبناني وسّع انتشاره على طول الحدود، فيما يتمركز الجيش السوري على الجانب المقابل"، في خطوة تعكس التزама مشتركا بتثبيت التهدئة بعد أيام من التوتر العسكري.
تفاصيل الاتفاق
أفادت وزارة الدفاع السورية، عبر مكتبها الإعلامي، أمس الثلاثاء، بأن الاتفاق مع الجانب اللبناني يتضمن وقفاً فورياً لإطلاق النار وتعزيز التنسيق بين الجيشين لضبط الأمن على الحدود. ونقلت وكالة "سانا" تأكيد الوزارة على أن هذا التفاهم جاء "لمنع التصعيد وحماية المدنيين في المناطق الحدودية". من جانبها، أوردت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام أن وزير الدفاع اللبناني، ميشال منسى، أجرى اتصالاً هاتفياً مع نظيره السوري، مرهف أبو قصرة، لبحث التطورات وتأكيد الالتزام المشترك بتطبيق الاتفاق.
خلفية التوترات
تأتي هذه التطورات على خلفية اشتباكات اندلعت في ريف منطقة القصير الحدودية، حيث نفذت ميليشيا "حزب الله" كميناً قرب سد زيتا غربي حمص، أدى إلى اختطاف ثلاثة جنود سوريين ونقلهم إلى الأراضي اللبنانية قبل تصفيتهم ميدانياً. واستمرت المواجهات حتى منتصف ليلة الإثنين، مما دفع الجيش السوري إلى شن عمليات تمشيط واسعة في القرى المحاذية للحدود. وعلّق مصدر في وزارة الدفاع السورية على الحادثة قائلاً: "بعد غدر حزب الله بثلاثة من مقاتلينا، اتخذنا إجراءات فورية لتأمين المنطقة وضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات".
سياق التصعيد الحدودي
تشهد الحدود السورية-اللبنانية توترات متكررة منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، مع تصاعد الخلافات بين الجيش السوري و"حزب الله" الذي يحتفظ بنفوذ قوي في المناطق الحدودية اللبنانية. ويعكس هذا الاتفاق محاولة لاحتواء التصعيد في ظل مرحلة انتقالية حساسة تمر بها سوريا، حيث تسعى الحكومة الجديدة لفرض سيطرتها على الأراضي السورية وضبط الحدود مع جارتها الغربية. وكان الجيش اللبناني قد سلم جثامين الجنود الثلاثة إلى الجانب السوري عبر معبر جوسية الأسبوع الماضي، في إشارة إلى وجود قنوات تنسيق مستمرة بين البلدين رغم التوترات.
تداعيات وتطلعات
يُنظر إلى هذا الاتفاق كخطوة إيجابية لتهدئة الأوضاع في منطقة شهدت نزاعات متكررة، لكن المراقبين يحذرون من أن استمرار نفوذ "حزب الله" في المناطق الحدودية قد يشكل تحدياً لتطبيقه بشكل كامل. ومع انتشار الجيشين على جانبي الحدود، يبقى السؤال حول قدرة التنسيق المشترك على منع أي خروقات مستقبلية، خاصة في ظل التوترات المستمرة بين دمشق والميليشيا المدعومة من إيران. وفيما يترقب الأهالي عودتهم إلى قراهم، تظل الأنظار متجهة نحو مدى التزام الأطراف بهذا التفاهم وتأثيره على استقرار المنطقة الحدودية في المستقبل القريب.