الضربات الجوية الإسرائيلية على مدينة القصير: حالة من القلق والاستقرار الهش في ظل نفوذ “حزب الله”
سلطت الضربات الإسرائيلية التي وقعت الأسبوع الماضي على مدينة القصير، الواقعة جنوبي محافظة حمص السورية، الضوء على الوضع المعقد في هذه المنطقة حيث يتمتع “حزب الله” اللبناني بنفوذ ملحوظ. جاءت الضربتان الأخيرتان، إحداهما في 31 من تشرين الأول والثانية يوم الثلاثاء 5 من تشرين الثاني، في وقت حساس حيث تتصاعد التوترات الأمنية في البلاد.
واتهمت إسرائيل “حزب الله” بامتلاك مستودعات أسلحة في القصير، وهو الأمر الذي أجج المخاوف بشأن استمرار تحرير المنطقة من مرتزقة الحزب. في الوقت نفسه، نفت وسائل إعلام سورية رسمية أو مقربة من النظام أن تكون الضربات قد استهدفت مواقع عسكرية، مؤكدة أنها طالت أهدافًا مدنية، مما يزيد من تعقيد المشهد ويعكس حجم الدمار الذي تعرضت له المدينة.
وبحسب ما أفاد به سكان محليون لـ "عنب بلدي"، شهدت القصير ثلاث غارات جوية رئيسية في الهجوم الذي وقع في 31 من تشرين الأول، حيث تم قطع الطرق المؤدية إلى معبر “جوسية” الحدودي مع لبنان وطريق المدينة الرئيسي، إضافة إلى تدمير محطة الوقود الوحيدة التي يعتمد عليها السكان لتأمين احتياجاتهم من المحروقات.
وتعاني المدينة التي سكنت بها أطياف متنوعة من الطوائف من حالة عدم استقرار مستمرة، حيث يخشى الأهالي من هجمات إضافية تستهدفهم، نتيجة لوجود عناصر “حزب الله” في المنطقة. ومع ذلك، رفض الحزب التعليق على الغارات الأخيرة، مما يترك الكثير من التساؤلات حول مستقبل النفوذ الإيراني في البلاد.
تاريخيًا، تعد القصير واحدة من أوائل الخطوط الأمامية للصراع السوري، حيث كانت ملاذًا لعناصر “حزب الله” الذين لعبوا دورًا عسكريًا محوريًا إلى جانب قوات النظام منذ عام 2013. تعرضت المدينة بعد ذلك لتدمير هائل، ولا تزال تعاني من آثار الحرب الدائرة على الأرض.
أصدرت الحكومة السورية في العام 2018 مخططًا تنظيميًا يمكّنها من ضبط التوزيع السكاني في المدينة، الأمر الذي أثير حوله جدل واسع بسبب القيود المفروضة على عودة المهجرين. وتشير التقديرات إلى أن عدد سكان المدينة قبل النزاع كان يقارب 112 ألف نسمة، لكن الأرقام الحالية غير مؤكدة، حيث لا تزال العائلات تُعاني من صعوبات في العودة بسبب متطلبات الموافقات الأمنية.
بينما تستمر الضغوطات على الحكومة السورية و”حزب الله” من أجل تحقيق استقرار يتماشى مع احتياجات السكان المحلية، يبقى سكان القصير في حالة ترقب وقلق مستمر من الوضع الأمني المتدهور، مع دعوات متزايدة للمجتمع الدولي للضغط من أجل حلول سلمية تضمن حقوقهم وأمنهم.