الدكاكين السورية في تركيا... صيدليات صغيرة تبيع أدوية مهربة

نور دالاتي (قاسيون) - دفعت الحرب في سوريا، المواطنين إلى ابتكار وسائل مختلفة لكسب الرزق، حيث أصبح السوري في سباق مع تأمين قوت يومه، وفي بلاد اللجوء والاغتراب أيضاً عرف السوريّ بسعيه الدؤوب إلى تحصيل المال لإعالة عشرات الأفراد في عائلات قلّ عدد معيليها.
في تركيا، الدولة التي منحت السوري جزءاً من حريّة التحرك والعمل، انتشرت دكاكين السوريين، بين مثيلاتها التركية بشكل كبير، وأصبحت نشاطات التاجر السوري التي تخدم شريحة واسعة من اللاجئين والمقيمين على قدر من الأهميّة على المستوى الاقتصادي الشخصي، والعام في الدولة المضيفة.
معلبات وأدوات منزلية... وأدوية
وتعجّ دكاكين السوريين، في أنحاء تركيا بالبضائع المحلّية، والمهرّبة من سوريا، ولا يتقصر عمل هذه المحال التجارية على بيع الأجبان والألبان والمعلبات كما يبدو للداخل إليها، للوهلة الأولى، إنما غالباً ما تكتشف أنّ صيدلية صغيرة مخبأة في مكان ما داخل البقالية.
الأسعار الرخيصة مقارنة مع الدواء التركي، تدفع العديد من السوريين إلى التعامل مع بائعي الأدوية في دكاكين السمانة للحصول على أنواع من الدواء السوري المهرّب بطرق غير شرعية، حسبما يقول «أحمد» اللاجئ الحلبي المقيم في مدينة غازي عنتاب جنوبي تركيا، منذ سنتين، ويضيف أحمد «نشتري الدواء من إخوتنا السوريين، لإكسابهم الربح، هنا نجد الأدوية التي اعتدنا استعمالها في سوريا، ولا نتكبد عناء الحديث باللغة التركية».
رقابة تركية ... غائبة
بقدر قليل من السرّية يتداول السوريون الأدوية على مرأى الداخل- والخارج- إلى الدكان، يقول «محمد» الممرض السوري الذي يعمل إلى جانب إخوته في مخزن للجملة والمفرق في أحد أحياء غازي عنتاب «نخدم عدد كبير من اللاجئين، ونصرف جزءاً من وصفات الأدوية التي يكتبها الأطباء السوريون، إلى جانب الأودية المسكنة؛ والتي تستخدم بشكل يومي، وأدوية الأطفال».
ويرى «محمد» الملقب بـ«الصيدلاني»، أنّ عمله يوفّر مصدراً إضافياً لدخل أسرته، ويخدم إخوته من السوريين الذين لا يجيدون اللغة التركية، ولا يستطيعون الحصول على الأدوية بأسعار مناسبة دائماً.
الدولة التركية بدورها، لا تشكل جانباً معيقاً في عملية بيع الأدوية في محال السمانة، مادام الدواء المباع سوريّاً، وليس تركيّاً، حسبما أكّد «الصيدلاني»، الذي أشار إلى أنّ دوريات التموين ليست مصدر قلق بالنسبة له.
التاجر السوري... بائع وصيدلي وطبيب
من جهة أخرى، يتعامل جزء من مشتري الأدوية مع البائع المتخصص بتجارة المواد الغذائية على أنه طبيب يشخّص الحالة، ويمنح الدواء، مثل الحاجة «أم أكرم» التي تقول إنها تطلب من البائع المجاور لمنزلها الواقع في حيّ شعبي في غازي عنتاب، أن يعيطها الدواء المناسب حسب حالتها، وتعتمد عليه في تأمين منظمات السكر، وأدوية الضغط والقلب للسوريين، وتضيف الحاجة «غالباً ما يمنحني البائع الدواء على الحساب، وأدفع له ثمنها على دفعات».
ورغم رواج الأدوية السورية في تركيا، إلّا أنّ شريحة واسعة من السوريين، تفضل اللجوء إلى الصيدليات التركية التي توظّف ناطقاً بالعربية، للحصول على أدوية تراها الشابة السورية «ميس» أضمن من ناحية الفعالية والصلاحية، مشيرةً إلى وجود مستوصفات مخصصة تخدم اللاجئين، وتوفر أدوية شبه مجانية لحاملي بطاقة «الكملك»، الأمر الذي ينفي ضرورة شراء الدواء السوري، بحسب رأيها.
وتحرك الأدوية السوريّة، مخاوف عدد من المواطنين بسبب صعوبة عمليات التهريب، وتراجعها بشكل كبير مؤخراً الأمر الذي يضع الكميات المباعة حالياً موضع شكّ، حول صلاحيتها وجودتها، ويثير الأسئلة حول الدور الرقابي للدولة التركية.