وكالة قاسيون للأنباء
  • السبت, 28 سبتمبر - 2024
austin_tice

الطاغية ابن الطاغية... الحفاظ على السلالة أهم من الحفاظ على وطن ينزف

<p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>الطاغية ابن الطاغية... الحفاظ على السلالة أهم من الحفاظ على وطن ينزف... مقال</strong> <strong>أسعد أبو خليل الذي رفضته جريدة الأخبار اللبنانية!!.</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>ولأن جريدة &ldquo;الأخبار&rdquo; ارتأت ألّا تنشر مقالة أسعد أبو خليل الأسبوعيّة؛ سننشرها بنصّها الكامل كما جاءت:&nbsp; </strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>&nbsp;يجثم فوق صدور العرب طغاة، ويجثم فوق صدورهم أبناء الطغاة. الطغاة يولّدون، لكن ليس إلى ما لا نهاية. الانتفاضات العربيّة- إن دلّت على شيء- دلّت على أن أجل الطغاة محدود، حتى لو كانت أميركا وإسرائيل هما الضامنتيْن. وسوريا عانت من حكم الطاغية، وتعاني من حكم إبن الطاغية.</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>&nbsp;غاب بشّار الأسد لأشهر عن السمع قبل أن يطلّ على محطة &ldquo;الدنيا&rdquo;، وهي نموذج للتخصيص الاقتصادي في دول القمع العربيّة، يحصل ابن العم أو ابن الخال على حق إنشاء شركة خاصّة، لا غيره. التخصيص ما هو إلا انتقال حظوة الأسرة الحاكمة المُتجّسدة في الدولة إلى حظوة الأنساب والأصدقاء والتوابع. وغياب بشّار عن السمع كان ملفتاً بالرغم من أنه يرى في نفسه خياراً شعبيّاً يحظى باستفتاءات بعثيّة لها من المصداقيّة ما لطقوس تقديم البيعة في دول النفط والغاز أو الفوسفات.</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>&nbsp;عاد بشّار للظهور لكن لهجته على الشاشة السوريّة تختلف عن لهجته على الشاشة الغربيّة. تراه مثلاً في مقابلته مع &laquo;بربارة ولتزر&raquo; يظهر بمظهر من يجهد كي يبدو مُحبّباً ومُقرّباً ولطيفاً. لا نرى أي أثر لهذا الجهد في مقابلات بشّار السوريّة. لا يجد ابن الطاغية ضرورة لإقناع الناس، أو للاعتذار. لا يجد ابن الطاغية ضرورة لكسب ودّ الناس، لأنه يضمن حبهم الأبدي في مخيّلته.</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>&nbsp;ولد بشّار ابنا لطاغية. لم يمرّ بما مرّ به والده في مرحلة التحضير لمؤامرات السلطة. كانت اللجنة العسكريّة السريّة التي شكّلها حافظ ورفاقه أثناء الوحدة تعلم أن في مرحلة تخطيطها للاستيلاء على السلطة عليها أن تعترف أنها على تضاد مع معظم قطاعات الشعب.</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>&nbsp;حزب البعث أدرك أنه لن يصل إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع، فقّرر أن المؤامرة العسكريّة هي الطريق الوحيد. والمؤامرة العسكريّة هي من نتاج براعة حزب البعث التسلّطيّة: يعرف الجهاز الحزبي ليس فقط كيف يحضّر لانقلاب؟ وإنما كيف يقضي على انقلابات مضادة. تمرّس حافظ الأسد ورفاقه في التآمر من خارج ومن داخل السلطة. وفي فترة صلاح جديد (التي شكّلت حقبة علمانيّة حقيقيّة في التاريخ المعاصر لسوريا) كان حافظ الأسد هو الذي تولّى ضبط إيقاع قمع الانقلابات الوشيكة، أو ردع الانقلابات، أو حتى توقّع الانقلابات قبل أن تحدث. </strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>لم تساور الزمرة الحاكمة أوهام: كانوا يعلمون علم اليقين أنهم يفرضون حكما قاسياً بالقوّة العسكريّة والمخابراتيّة. خلت خطبهم من الكلام عن حب الجماهير بعد سنوات قليلة فقط من تسلّمهم السلطة. ابن الطاغية يظنّ أن النساء يتجاوزن العذريّة عند ظهوره على الملأ، وأن المواطن والمواطنة تنتشي من ذكر اسمه. الحاشية أقنعت ابن الطاغية أن ولادته لم تكن صدفة: أنه ذات صفة إلهية. لا يجد ملك المغرب (الإصلاحي بمفهوم الغرب المنافق) حرجاً في عرض نعليْه أمام رؤوس الناس المنحنية أمامه. ولا يجد بشّار حرجاً في الوقوف أمام مجلسه (غير) المُنتخب ليرى الأعضاء يصفّقون بتكرار كالبطاريق. </strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>&nbsp; لم يسمع ابن الطاغية أصوات الشعب منذ سن الطفولة: هو سمع فقط أصوات الحاشية والمصفّقين والمطبّلين. لا يدخل حجرته منذ الطفولة من لا يتأبطّ طبلاً ومن لا ينفخ مزماراً: هي شروط الدخول إلى الحجرة الأميريّة. والسلالات الجمهوريّة طريفة: هي تفترض أن الناس لا تلاحظ إنشاء السلالة. عندما مات باسل الأسد، نُظم فيه كم من القصائد جمعت بين دفتيْ كتاب (معظم ناظميها من منافقي الفريقيْن المتنازعيْن في لبنان). كيف يرى ابن الطاغية الناس واسم البلد العريق بات ملتصقاً&nbsp; باسم العائلة الحاكمة. درج متملقو السياسة في لبنان على تسمية &ldquo;سوريا الأسد&rdquo;. أي أن وجود سوريا متلازم مع وجود العائلة، والعكس صحيح. هل هذا يعني أن العائلة لا تقبل بوجود سوريا من دون العائلة؟ هل هي الحكمة من وراء التسمية؟ أم أن التسمية ترمّز إلى تقويم- لا ميلادي ولا هجري- جديد: أن سوريا بدأت مع حكم العائلة. أم أن التسمية تقول إن سوريا باتت من ممتلكات العائلة؟ لم يشرح المفسّرون. نشأ بشّار في منزل الطاغية. مرّت أحداث جسام وتوالت المؤامرات، لكن نشأة بشّار لم تكن على نسق نشأة حافظ ليس فقط لخلوّها من شظف العيش بل لناحية العزلة عن الناس العاديّين.</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>&nbsp;يُحاط ابن الطاغية بهالة من التعبّد وبطبقات من الحاشية تحول دون الاختلاط بالناس. ينشأ ابن الطاغية على فكرة أن الناس تعبد الطاغية الوالد، وأن كل من تسوّله نفسه المعارضة أو حتى مساءلة النظام هو حكما متآمر ومرتبط بالأجنبي.</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>&nbsp;ليس هناك من أسباب تخفيفيّة للمعارضة عند ابن الطاغية. الكثير من سلوك الطاغية بشّار في فترة الصراع الجاري في سوريا ينمّ عن عقليّة نشأة ابن الطاغية. عزلة الحاكم بادية في كل تعامل بشّار مع الانتفاضة. إطلالات قليلة أمام الناس على مرّ نحو سنة ونصف. إصرار على تجاهل تطلّعات شعبيّة عارمة، حتى لو أن النظام يتمتّع، ولأسباب مختلفة، ببعض من التأييد الشعبي. التمسّك بشعارات إصلاح لم تعد تقنع أحداً. إن انشقاق رئيس وزراء سوريا كان خير دليل: كان حجاب على اتصال مع المعارضة قبل تكليفه بالمهمّة. أي أنه لم يدر في خلد بشّار أن يكون الرجل ليس من صف مصفّقيه ومُطبّليه؛ أو أنه كان من المُطبّلين والمُزمّرين لكنه ذهب بثمن.</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>&nbsp;الإصلاح يكمن فقط في الحفاظ بأي وسيلة على النظام مع تغييرات في الديكور والإتيان بمعارضة مرضي عنها وموثوق بها. وابن الطاغية نشأ ثريّاً وأعتاد بالرغم من كل ما يُقال عن عدم ثرائه الذاتي وعن بساطة عيش والده؛ على الثراء من حوله. أعمام وأولاد عم يكنزون الذهب والفضّة والدولارات بسبب صلة الأرحام فقط. القطاع العام تحوّل في حكم البعث إلى قطاع خاص- خاص بالعائلة الحاكمة وأفخاذها-. أي أن الخاص هو ملك العائلة، والعام هو ملك العائلة. وعندما أدخل الحكم السوري ما يُسمّى- بمفهوم البنك الدولي وصندوق النقد- بـ&rdquo;الإصلاحات الاقتصادية&rdquo;، زاد ثراء الأثرياء وزاد فقر الفقراء. الحزب الذي كان يتحدّث في زمن غابر عن الفقراء، بات يخجل بهم.</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>الطبقة البورجوازيّة تحوّلت إلى عماد النظام. ازدراء الفقراء باد لمن يتابع إعلام النظام: تعبير &ldquo;أبو شحّاطة&rdquo; يرمي إلى تعيير الفقراء- لفقرهم- كأن العائلة المالكة أثرت بعرق الطائفة. يتحدّث النظام عن بضع دولارات لإغراء الفقراء كي يثوروا وكي يفجّروا. لا يدري أغنياء النظام أنهم يواجهون أثرياء الخليج. الفقراء منسيّون من الطرفين. لا يبدر عن بشّار إشارة تشكيك ذاتيّة. هناك نواحي من غرور الشخصيّة تذكّر بصدّام. حتى الطاغية بن علي تواضع قسراً وزار البوعزيزي وكاد أن يقبّل يديه وقدميه. صحيح أن حسني مبارك لم يتواضع هو الآخر، وكان متكبّراً متعجرفاً على طريقة بشّار. لكن قد يكون بشّار نشأ على قيم الميكيافيليّة الأسديّة: التواضع ضعف والنقد الذاتي يقدّم المرء نحو المقصلة. الاعتراف بالخطأ يجب أن يترافق مع تجهيل المُرتكب.</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>&nbsp;دخلت سوريا في أتون حرب أهليّة وإقليميّة - عالميّة أيضاً. المتحاربون باتوا أدوات في معركة لا يدركون دوافعها ومراميها. قد يكون بشّار قد تحوّل إلى أداة هو الآخر، لكن يدرك أن السلالة جزء من إرث الطاغية. والعائلة لا تقبل بالتسليم، مهما كان. الحفاظ على السلالة أهم من الحفاظ على وطن ينزف. قد يكون الرعاة</strong> <strong>في صفّه مثل الرعاة في صفّ الخصوم: لا يكترثون لما يدري. مصالح الدولة (غير السوريّة) أهم.</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>قد تطول حقبة ابن الطاغية، أو قد تقصر. لكن من المحتم أن حفيد الطاغية لن يحكم؛ ولو يوماً واحداً. يندم والداه على تسميته بالعبء الأبدي.</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify">&nbsp;</p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>سوريتي: قاسيون</strong></span></sup></span></p>