وكالة قاسيون للأنباء
  • الجمعة, 29 مارس - 2024

غزوة عفرين في رواية أخرى غير متوقعة

غزوة عفرين في رواية أخرى غير متوقعة

قاسيون_هشام اسكيف

سردية الضوء الأخضر التركي للغزوة

الجولاني استغل حالة الامتعاض التي لدى الحليف التركي من الترهل التنظيمي داخل الجيش الوطني و سوء استغلال الموارد في الشمال السوري ليروّج لسردية قبول أو- تأييد - أنقرة لدخوله عفرين وأن نموذج " الإدارة والانضباط الأمني " بقبضة أمنية لا تختلف عن نظام الأسد جعل من تركيا تفضّله كضابط أمني وشرطي ، و الذي جعل رواية الجولاني تسير ويسهل ابتلاع طعمها أنه تحالف مع فصائل تعتبر من المقربين من بعض أجهزة الدولة في تركيا وبذلك أصبحت السردية مقنعة او تبدو كذلك .

تناقضات رواية الجولاني عن الضوء الأخضر

 أسباب عديدة تجعل هذه الرواية متناقضة ولكن أهمها أنها لا تتماشى مع الهدف الاستراتيجي للدولة التركية من إنشاء المنطقة الآمنة ،لا بل تجعل موقفها الدولي مٌحرَجاً للغاية ، فلا يمكن بأي حال أن تسمح تركيا بسيطرة منظمة مصنفة وفق قرار مجلس الأمن 2254 و2253 على منطقة تسميها الدولة التركية بالمنطقة الآمنة وتريد توسيعها وتطمح لذلك وتسلك كل الطرق لتحقيق هذا الهدف ،فعند تلك السيطرة ستتصبح المنطقة " الآمنة " نهباً لكل طيران الأر ض وعلى رأسه الطيران الحربي الروسي وبذلك وبقوة القانون الدولي ستتم محاربة الهيئة و كل من يتعامل معها أيضا وتصنيفه كمنظمة إرهابية وسيما أن أحداً لم يعتمد أيً من التغيرات الشكلانية التي اعتمدتها الهيئة خلال السنوات الماضية فلا زالت على تصنيفها إذن الصورة التي روّج لها الجولاني هي مضحكة لدرجة غير طبيعية ولا تتسق مع دعوة تركيا الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة وروسيا مساندتها في إقامة تلك المنطقة وهي تسلمها أو تدعم تسليمها لمنظمة تخضع لقرار مجلس الأمن بالتصنيف الإرهابي

موقف تركيا ومواقف الدول من غزوة عفرين وانكشاف الخدعة

تركيا: هناك سوابق لأنقرة حذرت من خلالها الجولاني من الاقتراب من عفرين وقد ردعته طائرات البير قدار حينما جرب حظه منذ أشهر قليلة، ولكن ماذا حدث هذه المرة؟ لابد أن اختلاط الأوراق بشدة وسياسة الجولاني التي تعتمد على الحرب الخاطفة وفرض الأمر الواقع على الجميع ثم عليهم التعامل معه أثرت في صورة الأحداث لكن صمود الفيلق الثالث واندلاع مظاهرات شعبية وصفت بالمليونية في شوارع الشمال ومدنه الكبيرة والصغيرة رافضة للجولاني وهيئته ،سرعت من تدخل الجيش التركي الذي يعرف تماما الجولاني واختبره تماما كما يعرف الجيش الوطني الحر الذي اختلط دمه بدم الجنود الأتراك على هذه الأرض أثناء تحريرها من قسد وداعش قد نسلم بوجود بطء في التحرك التركي ولكن الأهداف الاستراتيجية للدولة التركية ومنطق المنطقة الأمنة وسعي أنقرة بكل قوة لها ، لا يمكن بأي حال من الأحوال التسليم بسردية الضوء الأخضر التر كي

الولايات المتحدة الأمريكية :

صدمت الولايات المتحدة الأمريكية الجولاني بموقفها الحازم والصارم إذ أن هذا الموقف هدم وبسرعة الضوء أي فرضية أو احتمال أو إشارة أوهم بها الجولاني أتباعه أو من تحالف معه بأن الولايات المتحدة ستصل معه إلى حد ازالته من التصنيف مدلساً على أتباعه لأن الأمر مرتبط بقرارات مجلس الأمن وأي تغير في التصنيف يحتاج إلى قرار مماثل ، علاوة على ذلك فإن الولايات المتحدة بموقفها من دخول الجولاني إلى عفرين وتذكيرها بتصنيفه الإرهابي كان ليس صدمة فقط بل خسر فيها الجولاني سنوات طويلة من محاولاته التزلف لأمريكا وبذله كل المعلومات لها والتضحية بحلفائه في " الجهاد " على مذبح سلطته وسعيه النهم من أجلها ، من خلال الوقائع التي سردناها يمكن الوصول لنتيجة مهمة : ما جرى يمكن اعتباره خليط من انتهاز فرصة من الجولاني ترافق مع بطء في اتخاذ قرار حازم وحاسم من حليف الثورة السورية تركيا ،ساعد الجولاني على جعل روايته سارية المفعول

الرواية الأخرى لغزوة عفرين :

من روسيا وإيران تبدأ الحكاية ، فتعثر واستحالة الاتفاق النووي الإيراني واشتعال المظاهرات في إيران حيث أصبحت تهديداً حقيقا للنظام، و غرق روسيا في أوكرانيا واقتراب خسارتها لخيرسون الاستراتيجية و وبذلك تصبح الدولتان بحاجة ماسة لتحريك أوراقهما خارج الحدود، بعد التقائهما بشكل صريح هذه المرة على عدو واحد وهدف واحد ، وسوريا هي المكان الأفضل لكتلا الدولتين ، لوجود قوات لهما ووجود خصميهما أيضا ، وبهذا يصبح تحرك هيئة تحرير الشام منطقياً ومفهوماً وقابل للفهم أكثر بمرات من رواية الجولاني العرجاء ، فروسيا وإيران تريدان خلط الأوراق وتمدد الهيئة على حساب قوى معترف فيها دولياً كمعارضة مسلحة يخلطها بشكل سوريالي ويجعل هذه المنطقة مسرحاً جديداً لطيرانها والمتداخل مع سيطرة القوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة شرق الفرات وقواعدها المنتشرة هناك ،ويجعل من اتفاقية الحد من الاحتكاك بين الدولتين في المنطقة شيء من الماضي ولن يستطيع الجيش التركي ولا الدولة التركية حينها فعل أي شيء حيال هذه الأزمة فقرارات مجلس الأمن ستظهر من الأدراج وترمى في وجه الجميع وعلى وجه الخصوص القرار 2253 الذي يتيح محاربة الإرهاب ( داعش والقاعد والمنظمات المرتبطة بهما وعلى رأسها هيئة تحرير الشام ) بموجب الفصل السابع ، و الذي يجعل هذا الكلام حقيقة لا تحليل ، حين زحفت قوات الجولاني بالألاف وبأرتال تحوي على مئات العربات والدبابات والمدافع دون أن يتحرك الطيران الروسي ـ طبعا كعادته حين يتحرك الجولاني منذ الرتل الضخم الذي استعرض به داخلا حلب ـ رغم أنها فرصة ثمنيه لإنهاء ( الإرهاب ) دون حتى ضحايا مدنية فرصة ذهبية يتم فيها تدمير القوة الضاربة " لعدو روسيا المفترض " ولكن الصاعقة أن القصف أتى على من قاوم الهيئة بعد معارك ضارية في كفر جنة ؟؟ ثم تنسحب ارتال الجولاني أيضا بلا أي مضايقة تذكر من الطيران الروسي وفي هذه الاثناء يظهر بوغدانوف ليصرح (( متهماً تركيا بأنها تحاول إطفاء الشرعية على تنظيم إرهابي بخلطه مع المعارضة المسلحة بينما كانت دولة بوغدانوف تغط في نوم عميق حين سار الجولاني بأرتاله إلى عفرين وخرج منها .. وبالعودة لروسيا وإيران نذكر أن للدولتين طموحاً سابقاً ومستمرا ً أصلا لإشعال مواقع النفوذ الأمريكي في سوريا مما يجعل من دخول هيئة تحرير الشام هذا الحلف أمراً حتميا، كي تكون المسوغات قانونية تلجم غضب واشنطن أو تحرجها في الرد فإن سيطرة هيئة تحرير الشام على المنطقة وخضوعها للقانون الدولي لمكافحة الإرهاب سيجعل من مهمة روسيا وإيران مهمة قانونية ومتاحة ومهمة الولايات المتحدة ومعها تركيا مهمة صعبة للغاية إذ سيترتب عليهما ظهورهما بأنهما يدافعان عن منظمات إرهابية أما عن أزمة اللاجئين فمن المؤكد أن موسكو ستكون سعيدة بفتح مسارات آمنة لعودة الشعب الى حظيرة نظام الأسد وتفرض عندها اعترافا به كمحارب للإهاب وليس كنظام واجه ثورة شعبية وتمردا مسلحا ناتجاً بالأصل عن ازمة في نظامه السياسي القمعي والذي قتل وشرد واعتقل الملايين لحمايه نظامه وبهذه الحقيقة الناصعة يمكن الآن فهم كل ما حصل وفهم كل ردة الفعل بعدها إن كان الدولية أو التركية على حد سواء يبد أن أنقرة بدأت فعلا بمراجعة سلوك هذه الجماعة التي انكشفت بكل وقاحة سيما أن لها سوابق في افتعال التفجيرات ضد الدوريات التركية ,وخاصة بعدما ارتكبت اليوم روسيا المجزرة في المخيمات في إدلب في رسالة عقابية لأنقرة لأنها وقفت في وجه مخططها مع إيران وأوقفت عميلهما المفضل الجولاني.