ماذا وراء التصعيد العسكري الروسي في إدلب ..؟
قاسيون ـ العقيد فايز الأسمر
أتوقع أن التصعيد الروسي وحملات القصف والغارات الجوية على بلدات ومناطق جبل الزاوية وإدلب عموما أن تزيد وتيرتها كلما اقترب الاجتماع المزمع عقده بين أردوغان وبوتين في 29 أيلول الجاري في سوتشي والذي سيكون من أهم نقاط البحث بينهما الملف السوري عموما وادلب خصوصا..
لاشك ان هدف موسكو من خلال زيادة التصعيد على إدلب يندرج تحت بند زيادة الضغط على تركيا بل وإحراجها أمام المعارضة والمجتمع الدولي سياسيا وعسكريا والايحاء زيفا بأن التصعيد الاجرامي الدموي واليومي لها ، هو فقط سببه وكما تدعي ، عجز انقرة عن تنفيذ بقية المقررات التي تم التوصل اليها في محادثات موسكو التي جرت في 5 آذار 2020 بين الرئيسين بوتين وأردوغان والتي تطالب موسكو انقرة مرارا وتكرارا بتنفيذها وهذه المقررات هي :
1..سحب وإخراج الفصائل المصنفة إرهابيا( هيئة تحرير الشام ) وغيرها من إدلب ومحيطها .. وهذا إن تم وحصل بالطرق السلمية وهذا ما لا أتوقعه ، فأردنا أم لم نرد ، فإن هذا الخروج سيضعف جبهات وخطوط القتال الطويلة في إدلب وسهل الغاب وسيثقل كاهل الفصائل قتاليا وبذلك يسهل على روسيا والنظام تحقيق أهدافهم العسكرية اللاحقة في إدلب ومحيطها !! ..
اما ان لم يحصل خروج هيئة تحرير الشام سلما وهو المتوقع والاكيد والذي ايضا تعيه وتدركه موسكو جيدا لا بل وتخطط له وتتمناه ، وذلك لاجبار ودفع الفصائل وبدعم تركي في الدخول في مواجهة مفتوحة مع هيئة تحرير الشام وهذا من شأنه إرهاق وخسران الجميع ولا يصب إلا في مصلحة روسيا والنظام وميليشياته وهذا ما سيستثمرونه لاحقا في هجوم محتمل واسع بعد استنزاف الفصائل واضعاف سيطرتهم على المناطق ..
2..تشكيل الممر الآمن الخالي من السلاح والمسلحين بعرض 12كم مناصفة جنوب وشمال طريق M4 وخضوع هذا الممر لاشرافهما. إلا أن هذه البنود كما تقول موسكو ، منذ الاتفاق عليها ، لم تبصر النور بسبب ما تدعي أنه مماطلة تركية .
عمليا روسيا سعت في كل المناطق التي استعادها النظام سابقا كما تسعى الآن في آخر معاقل الفصائل ، وبكل السبل ، عسكريا وبالمؤتمرات (سوتشي والاستانة) والمؤامرات ومهزلة مناطق تخفيف التصعيد والاتفاقيات و المفاوضات لتنفيذ أهدافها المعلنة وغير المعلنة باضعاف وتمزيق المناطق وتفتيت البنية العسكرية للفصائل وشرذمتها وبكل الوسائل الممكنة ليسهل عليها وعلى النظام استثمار ذلك في أي عمل عسكري مستقبلي سيقومان به يقلل من خسائرهم ويجبر الفصائل والمعارضة في نهاية المطاف على رفع الراية والاستسلام .
ختاما... تكتيكيا ومن خلال قراءتي لخارطة العمليات والسيطرة وللتموضعات عليها فاستطيع القول إن تنفيذ هذين البندين عمليا كفيلان والى حد كبير وقاتل في إضعاف القدرة العسكرية للفصائل وخاصة في بند الممر الأمن هذا الذي لم تخطط له موسكو وتريده ولا تصر عليه عبثا ، بل لأنها تعي وتدرك تماما انه في حال إقامته فإنه كفيل بتقطيع أوصال مناطق سيطرة الفصائل إلى مناطق سيطرة شمالي الممر ومناطق اخرى بما فيها جبل الزاوية جنوبي هذا الممر ولا تواصل بينهما وبذلك تضيق جغرافيا المناورة و الإسناد للفصائل.. ناهيك عن أن هذا الممر الآمن سيضيق ويقطع طرق الإمداد عن الفصائل المتمركزة في الريف الشمالي للاذقية و مناطق جبل الأكراد و تلال الكبينة ويسهل على النظام مالم يستطع تحقيقه وكلفه خسائر فادحة بالارواح والمعدات وخلال سنوات طوال .