السوريون .. لا عيد ولا سعيد
قاسيون ـ محمد أبو قيصر
يشكو الكثير من السوريين في هذه الأيام ، أنهم يجدون صعوبة بالغة في إفهام أولادهم بأن عيد الفطر على الأبواب ، وأنها مناسبة كبيرة عند المسلمين ، يجب الشعور بالسعادة خلالها .
فالطفل الذي ولد في أحضان الحرب ، وترعرع في مناطق اللجوء في المخيمات وفي دول الجوار ، لا يعرف معنى العيد ولا مزاياه ، و أما بالنسبة للكبار ، الذين تربوا على مفهوم أن بهجة العيد للصغار فقط ، فإنهم يخرجون أنفسهم سلفا من معادلة السعادة في العيد أو الفرح به ،فهو ، لا يعدو أكثر من مناسبة للاتصال بالأهل والأقارب المشتتين في شتى أصقاع الأرض ومبادراتهم التهاني والتبريكات ، وما عدا ذلك فإنه يوم عادي ، ككل الأيام .
ورغم كل ذلك ، فإن بعض الأسر السورية في المغتربات والمخيمات ، تصر على ضرورة الإحساس بالعيد ولو بحده الأدنى ، ويتجلى ذلك من خلال استحضار بعض الطقوس المتعارف عليها في سوريا ، كالذهاب إلى المسجد صباحا لحضور صلاة العيد ، برفقة أطفالهم ، وجعلهم يستمعون للتكبيرات ، وما يتبعها ، من تبادل للتهاني بين المصلين أمام المسجد ، وهذا برأيهم لا بد أن يترك أثرا في نفس الطفل ، ومن ثم يرسخ المناسبة في ذهنه .
أما السوريون الموجودون في أوروبا ، فهم يشكون كذلك بأنهم يجدون صعوبة كبيرة في استحضار أجواء العيد ، وخاصة بالنسبة لأطفالهم ، فأكثرهم بات يرى أن الفكرة كلها لم تعد موجودة في أذهانهم ، لأن العيد يعني المجتمع الذي حولك ، فهو أكثر ما يشعرك به ، ويحثك على أن تعيش أجواءه . وهو طقس غير موجود في أوروبا ، وخصوصا أنه ليس يوم عطلة .
وبالانتقال إلى الداخل فإن الأوضاع تبدو أكثر مأساوية ، سواء في مناطق النظام أو المعارضة ، حيث الأسعار والغلاء ، فرض إيقاعه على الجميع ، بالإضافة إلى ضيق ذات اليد ، حيث أن الكثير من الأهالي لم يستطيعوا شراء قطعة قماش جديدة لأولادهم ، عدا عن قرارات منع نصب مدن الألعاب والمراجيح التي اتخذها النظام في مناطقه ، والتي تعني تراجع البهجة بالعيد بالنسبة للأطفال .
أسباب كثيرة تمنع السوريين من الفرحة في هذا العيد ، وخصوصا في ظل جائحة كورونا ، حيث أن السوريين المتواجدين في تركيا والذين يبلغ عددهم أكثر من ثلاثة ملايين شخص ، يخضعون للحجر في البيوت مثلهم مثل أقرانهم الأتراك ، الأمر الذي سوف يمنع عليهم التواصل مع بعضهم البعض ، والاكتفاء بالاتصال عن بعد ..
ومع ذلك ، لا بد أن نقول : كل عام وأنتم بخير