وكالة قاسيون للأنباء
  • الثلاثاء, 6 مايو - 2025

روسيا تدعم إعادة إحياء خط أنابيب كركوك-بانياس.. طموحات موسكو الإقليمية تتوسع


دمشق – وكالة قاسيون: كشف تقرير صادر عن موقع "أويل برايس- OilPrice" المتخصص في شؤون الطاقة عن دعم روسي حثيث للمساعي العراقية الرامية إلى إعادة تشغيل خط أنابيب النفط الاستراتيجي الرابط بين مدينة كركوك العراقية وميناء بانياس السوري على البحر المتوسط. ويأتي هذا الدعم في سياق سعي موسكو لتعزيز نفوذها الإقليمي وترسيخ مكانتها كمورد رئيسي للطاقة إلى أوروبا، عبر بوابة استراتيجية جديدة.

التقرير، الذي اطلعت عليه وكالة قاسيون، يشير إلى أن هذا المشروع يحظى بتأييد واسع من الكرملين، ويأتي في إطار تنسيق متزايد بين روسيا وإيران والعراق، بهدف إحياء ممر طاقة استراتيجي يربط بين الدول الثلاث وصولاً إلى السواحل السورية، وهو ما يمثل تحولاً جيوسياسياً هاماً في المنطقة.

إعادة ترتيب الأوراق بعد سقوط النظام:

ويكتسب هذا التحرك الروسي أهمية خاصة في أعقاب التطورات الأخيرة في سوريا، وتحديداً سقوط النظام السوري في كانون الأول/ديسمبر 2024، الأمر الذي دفع موسكو إلى إعادة تقييم استراتيجياتها السياسية والعسكرية في المنطقة، وتحديد أولوياتها الجديدة.

وبحسب التقرير، كان نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، أول مسؤول دولي رفيع المستوى يزور دمشق بعد هذا التحول، في إشارة واضحة إلى إصرار موسكو على الحفاظ على دورها المحوري في الملف السوري. كما تبع ذلك زيارة لوفد أمني عراقي رفيع المستوى إلى العاصمة السورية، برئاسة رئيس جهاز المخابرات الوطني العراقي، حميد الشطري، مما يؤكد على التنسيق الوثيق بين الجهات الإقليمية الفاعلة.

أهمية استراتيجية لخط كركوك-بانياس:

يُعتبر خط الأنابيب المزمع إعادة تشغيله، والذي يمتد على طول 850 كيلومتراً تقريباً، مشروعاً حيوياً للعراق وروسيا وإيران على حد سواء. وقد توقف الخط عن العمل منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003، فيما لم تثمر الجهود اللاحقة، بما في ذلك اتفاق عام 2010 لبناء خطين جديدين لنقل الخام الخفيف والثقيل على نفس المسار، عن نتائج ملموسة.

يشير التقرير إلى أن إعادة إحياء هذا الخط ستمنح العراق منفذاً آمناً وموثوقاً لتصدير نفطه إلى الأسواق العالمية، في حين ستمكن روسيا وإيران من تعزيز حضورهما في سوق الطاقة العالمي، وتقديم بديل استراتيجي للطرق التقليدية.

دعم صيني و"طريق التنمية":

لم يقتصر الدعم الإقليمي والدولي على روسيا وإيران فحسب، بل يمتد ليشمل الصين أيضاً. فقد كشف مصدر أمني أوروبي لموقع "OilPrice" عن دعم صيني لهذا المشروع، باعتباره يتماشى مع خطط بكين الطموحة ضمن مبادرة "الحزام والطريق"، فضلاً عن ارتباطه الوثيق بمشروع "طريق التنمية" الذي يهدف إلى ربط البصرة بجنوبي تركيا.

**سوريا: ركيزة في "الهلال الشيعي" واستراتيجية روسية طويلة الأمد:**

ويرى التقرير أن روسيا تنظر إلى سوريا كركيزة أساسية ضمن "الهلال الشيعي"، الذي يمثل ممراً استراتيجياً يمتد من إيران عبر العراق وصولاً إلى البحر المتوسط. بالإضافة إلى ذلك، تحتضن سوريا مرافق عسكرية واستخبارية روسية مهمة، من بينها قاعدة طرطوس البحرية وقاعدة حميميم الجوية، مما يعزز من الأهمية الاستراتيجية للبلاد بالنسبة لموسكو.

وفي سياق أوسع، ترى موسكو أن إحياء هذا الخط يمكن أن يعزز من قدرتها على تصدير النفط والغاز، سواء من حقولها الخاصة أو من الحقول الإيرانية والعراقية، نحو الأسواق الأوروبية والأفريقية، مما يعزز استقلال هذه الدول عن الطرق التقليدية الخاضعة "للرقابة الغربية".

ويخلص التقرير إلى أن روسيا والصين تتبنيان استراتيجية "اللعب طويل الأمد" في الشرق الأوسط، في مواجهة النفوذ الأميركي المتراجع، معتمدتين على حلفائهما الإقليميين وفي مقدمتهم العراق، لتحقيق أهدافهما الجيوسياسية والاقتصادية، وهو ما يمثل تحدياً كبيراً للنظام العالمي الحالي.