عاصفة غبارية تحصد أرواحاً وتُخلّف دماراً واسعاً في الحسكة

الحسكة – تحولت محافظة الحسكة إلى ساحة مأساوية إثر العاصفة الغبارية العنيفة التي تضرب المنطقة منذ عصر يوم الخميس، تاركة وراءها دماراً واسعاً وخسائر فادحة في الأرواح والممتلكات. فجر يوم الجمعة، استيقظت المحافظة على خبر مؤلم آخر، حيث أودت العاصفة بحياة الطفل علي حمد الشبوط، البالغ من العمر ثماني سنوات، لترتفع حصيلة ضحايا العاصفة إلى ثلاث وفيات خلال يومين فقط.
وبحسب ما أفادت به صحيفة "الحرية"، لقي الطفل علي مصرعه إثر انهيار جدار مبنى قيد الإنشاء في حي الزهور جنوبي مدينة الحسكة. كان الطفل، برفقة طفلين آخرين وشاب، يحتمون داخل المبنى المهجور من العاصفة أثناء رعيهم للأغنام بالقرب من الموقع، ليتحول المأوى المؤقت إلى مقبرة صغيرة.
بدران محمد، أحد سكان الحي والمسعف الذي نقل الطفل إلى المشفى الوطني في حي العزيزية شرقي الحسكة، وصف المشهد المروع قائلاً: "كانت إصابة الطفل علي بليغة للغاية نتيجة لسقوط كتل من البلوك عليه، كان ينزف بغزارة. حاول الطاقم الطبي جهدهم لإنقاذه، لكن دون جدوى، فارق الحياة قبل الوصول إلى المستشفى." كلمات بدران تعكس حجم الألم والحزن الذي يخيم على أهالي الحي والمحافظة بأكملها.
يذكر أن العاصفة الغبارية قد تسببت يوم الخميس بوفاة رجل وطفل آخرين، ما يجعل وفاة الطفل علي الشبوط الفاجعة الثالثة التي تشهدها المحافظة في غضون ساعات قليلة.
لم تقتصر الأضرار على الخسائر البشرية، بل امتدت لتطال البنية التحتية والممتلكات. فقد أفادت مصادر محلية بتدهور عدة سيارات على طريق دير الزور – الحسكة المعروف بطريق "الخرافي"، بسبب شدة الرياح وتدني الرؤية الأفقية، ما زاد من حالة الهلع والفوضى في المنطقة.
من جانبها، ذكرت مصادر في الشركة العامة للكهرباء أن العاصفة تسببت بأضرار جسيمة في شبكة الكهرباء، تمثلت بانهيار ثلاثة أبراج لنقل التيار الكهربائي على بُعد نحو 25 كم غربي الحسكة. وأضافت المصادر أن هذا الانهيار أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن عدد من المحطات الحيوية، ما يعيق جهود الإغاثة والإنقاذ ويُفاقم معاناة السكان. وأشارت المصادر إلى أن أعمال الصيانة متوقفة حالياً بسبب استمرار إغلاق مقر الشركة ومنع الموظفين من الدخول إليه، مما يطيل أمد انقطاع التيار الكهربائي ويزيد من حدة الأزمة.
وعلى الصعيد المادي، تسببت العاصفة في تطاير عدد كبير من ألواح الطاقة الشمسية وألواح التوتياء وأغطية خزانات المياه، إضافة إلى سقوط قطع من القرميد من أسطح المنازل، ما ألحق أضراراً ببعض السيارات والمارة في الشوارع. كما أدت إلى تكسر عدد من الأشجار نتيجة لشدة الرياح المصاحبة للعاصفة، تاركة وراءها مشهداً يوحي بخراب ودمار شاملين.
تواجه محافظة الحسكة اليوم تحديات كبيرة في التعامل مع تداعيات هذه العاصفة المدمرة. فبالإضافة إلى الخسائر البشرية المؤلمة والأضرار المادية الجسيمة، يواجه السكان نقصاً حاداً في الخدمات الأساسية، وعلى رأسها الكهرباء والمياه، ما يستدعي تحركاً عاجلاً من الجهات المعنية لتقديم المساعدات اللازمة وتوفير الدعم للمتضررين وتأمين احتياجاتهم الأساسية. يبقى السؤال المطروح: متى ستنتهي هذه المحنة؟ وإلى متى سيستمر سكان الحسكة في تحمل وطأة هذه الكوارث المتتالية؟