مشروع ماروتا السكني في دمشق يسلط الضوء على الفساد المستشري وتهجير السكان في عهد نظام الأسد
في ظل الصراع الطويل الذي تشهده سوريا، يبرز مشروع ماروتا السكني في دمشق كمثال صارخ على الفساد المستشري والنتائج المأساوية للسياسات الحكومية. يُعاني سكان منطقة المزة من تداعيات الهجرة القسرية والاستيلاء على ممتلكاتهم، الأمر الذي زاد من معاناتهم في وقت يتطلب فيه المجتمع إعادة البناء والعدالة.
يعود تأثير هذا المشروع إلى المرسوم رقم 66، الذي تم إصداره في عام 2012، حيث أحدث تغييرات ديموغرافية عميقة، تركت آثارًا سلبية على المجتمع المحلي. فقد تعرض الكثير من السكان للقتل، التهجير، وفقدان أحبائهم ومنازلهم. تجسدت معاناة العائلات من خلال تجربة عائلة أم سمير التي فقدت منزلها وذكرياتها، لتصبح قصتها ممثلة لمعاناة العديد من الأسر في البلاد، حيث تكررت هذه المآسي في مختلف المناطق السورية.
تمتاز منطقة المزة بتنوعها التاريخي والثقافي، إلا أن الفساد الذي اجتاحها بعد عام 2012 جعل منها مسرحًا للاستغلال وحرمان مواطنيها من حقوقهم. وبموجب المرسوم رقم 66، تم حرمان السكان من حقوق الملكية، حيث حصلت الدولة على 40% من الأراضي، بينما لم يحصل السكان إلا على 17%، مما يشير بوضوح إلى التفاوت الكبير في الحقوق القانونية.
لم تتوقف المعاناة عند هذا الحد، إذ تشكلت لجنة قانونية بعد سقوط النظام لغاية متابعة حقوق السكان، إلا أنها واجهت تحديات هائلة بفعل الفساد المستشري الذي كان يعتبر جزءاً لا يتجزأ من النظام السابق، مما جعل عملية استعادة الحقوق أكثر تعقيدًا وصعوبة.
يشار إلى أن الأهالي في منطقة المزة قاموا بمحاولات لتعديل المخططات التنظيمية، مع أمل ضعيف في تحسين وضعهم القانوني. في هذا السياق، يسعى السكان المحليون إلى استرداد حقوقهم وممتلكاتهم، على الرغم من التحديات الجمّة التي يواجهونها.
إن مشروع ماروتا السكني وما يتبعه من أحداث ووقائع لا يُعدّ مجرد مشروع سكني، بل هو تجسيد لمأساة عريضة يعاني منها الشعب السوري. هذه الحقائق المريرة لا تُلقي الضوء فقط على الفساد والانتهاكات، وإنما تُشير أيضًا إلى ضرورة وجود آليات قانونية فعّالة لحماية حقوق المواطنين، وإعادة بناء المجتمع على أسس من العدالة والمساواة.