استقالات جماعية من "هيئة التفاوض السورية" و"الائتلاف الوطني"
في تطورٍ بارز يبعث على إعادة تقييم المشهد السياسي في سوريا، شهدت فترة ما بعد سقوط نظام بشار الأسد استقالات جماعية من "هيئة التفاوض السورية" و"الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية".
حيث أعلن عدد من الأعضاء المستقيلين عن اتخاذهم قرار ترك العمل في الكيانين المعنيين بالمعارضة خلال يومي 18 و19 من كانون الأول، مؤكدين أنه لم يعد هناك حاجة لوجود هذين الكيانين بعد انهيار النظام بتاريخ 8 من كانون الأول.
الأعضاء المستقيلون، معظمهم ضباط منشقون عن جيش النظام المخلوع، عبروا عن موقفهم عبر حساباتهم الرسمية على منصات التواصل الاجتماعي.
ومن بين المستقيلين الذين تم الإعلان عنهم حتى لحظة إعداد هذا الخبر، العميد إبراهيم الجباوي، والعميد الركن عبد الله قاسم الحريري، والعميد عوض أحمد العلي، والعميد عبد الجبار عكيدي من هيئة التفاوض، بالإضافة إلى الدكتور محمد الدغيم من الائتلاف.
تجدر الإشارة إلى أن "الائتلاف الوطني" قد تأسس في 11 من تشرين الثاني 2012، بعد توافق قوى المعارضة السورية لمواجهة النظام تحت لواء كيان موحد، وذلك في أعقاب مشاورات تمت في الدوحة بمشاركة دبلوماسيين عرب وغربيين. بينما تعتبر "هيئة التفاوض" ذات طبيعة سياسية جامعة، تعكس تنوع قوى الثورة والمعارضة السورية، وتلعب دورًا محوريًا في المفاوضات التي تجري تحت رعاية الأمم المتحدة.
تتكون الهيئة من 37 عضوًا يمثلون سبعة مكونات أساسية، وتشمل ممثلين عن "الائتلاف الوطني"، و"هيئة التنسيق الوطنية"، ومنصتي موسكو والقاهرة، فضلاً عن مقاعد للفصائل العسكرية والشخصيات المستقلة. وقد كان لهذه الهيئة دور فعّال في التفاوض مع النظام السوري، ومع ذلك يبدو أن الأحداث الأخيرة قد دفعت إلى إعادة تفكير جذرية في هيكلتها ووظيفتها.
سقط النظام في 8 من كانون الأول بعد أن تمكن مقاتلو "إدارة العمليات العسكرية" من دخول دمشق، مما أدى إلى فرار بشار الأسد. ونتيجة لهذه المتغيرات، تم تعيين محمد البشير كرئيس لحكومة تسيير أعمال في 10 من كانون الأول، بعد أن كان رئيس حكومة "الإنقاذ" في إدلب.
مع انهيار سلطة النظام، يُظهر الوضع أن محافظات شمال غربي سوريا قد شهدت حكومتي أمر واقع تعملان على إدارة المنطقة، وهما "الحكومة المؤقتة" التابعة للائتلاف، وحكومة "الإنقاذ" في إدلب.
وفي سياق المتغيرات، أعلن "الائتلاف" في 18 من كانون الأول عن نية العودة إلى سوريا وإقامة مقر له داخل البلاد. وأكد رئيس الائتلاف، هادئ البحرة، على ضرورة أن تكون الحكومة الجديدة ذات مصداقية وأن تشمل كافة الأطراف السورية دون استثناء أو تعصب طائفي. فيما أشار البحرة إلى أنهم قاموا بإجراء اتصالات مع حكومة تسيير الأعمال، في حين لم يلتقوا بعد مع قائد إدارة العمليات العسكرية، أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني).
تحمل هذه التغييرات في هيكليتي "الهيئة" و"الائتلاف" دلالات عميقة على المرحلة المقبلة من الصراع السوري، إذ يُحتمل أن تشهد البلاد تحولات جديدة في توزيع القوى والسيطرة، مما يُشكل تحدياً للمجتمع الدولي الذي لا يزال يسعى لتحقيق حل سياسي شامل للأزمة المستمرة منذ سنوات.