وكالة قاسيون للأنباء
  • الأحد, 22 ديسمبر - 2024

رفع رواتب المعلمين: خطوة نحو تحسين جودة التعليم في سوريا

رفع رواتب المعلمين: خطوة نحو تحسين جودة التعليم في سوريا

في إطار الجهود المستمرة لوزارة التربية السورية، أُعلن عن عودة 4 ملايين طالب إلى مقاعد الدراسة، وذلك بعد سنوات من النزاع التي أثرت بشكل عميق على قطاع التعليم في البلاد. يعكس هذا الإنجاز التزام الحكومة بتحقيق استقرار تعليمي رغم الظروف الصعبة. ولضمان نجاح هذه العودة، تؤكد الوزارة على عدم إمكانية تغيير المناهج الدراسية في منتصف العام الدراسي، مما يسمح للطلاب بالاستمرار في المنهج الحالي حتى نهايته، مع التأكيد على أهمية إعادة النظر في هذه المناهج بعد انتهاء العام الدراسي.


تشير الوزارة إلى أن المناهج السورية تتسم بقوة تاريخية ومعترف بها عالمياً، والتي بحاجة ماسة إلى تقييم وتطوير بعد تقدم الطلاب في العملية التعليمية. إن تساؤلات المواطنين حول مآل المناهج التعليمية، وما إذا كانت ستكون أكثر توجهاً إسلامياً أو ستستمر في الحفاظ على التنوع والحرية، تبقى مفتوحة للنقاش والنقاش الاجتماعي الموسع.


في الماضي، تمتعت سوريا بتعايش سلمي بين مختلف الأديان والطوائف، وهو ما ساهم في نسيج المجتمع الغني والمتنوع. ومع ذلك، فقد أسهم النزاع الحالي في نشر النعرات الطائفية، مما دفع البعض إلى التساؤل حول كيفية الحفاظ على هذا التعايش بعد تحقيق الحرية. هنا، يبرز دور التعليم كوسيلة أساسية لترسيخ قيم التعايش وحقوق المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم.


في هذا السياق، يشدد الوزير على ضرورة معالجة آثار النظام السابق من خلال التأكيد على عدم التخلي عن أي مكون من مكونات الشعب السوري، مما يتطلب التعامل مع الجميع بشكل عادل وشامل. وإذ يتراوح عدد المعلمين في سوريا حوالي 350 ألف معلم، تعكس هذه الأرقام التزام الشعب بالتعليم كوسيلة أساسية للنهوض بالمجتمع.


لا تقتصر التحديات التي تواجه قطاع التعليم في سوريا على المحتوى التعليمي فحسب، بل تمتد لتشمل الظروف المعيشية للمعلمين. حيث تعاني فئة كبيرة منهم من ضعف الرواتب، مما ينعكس سلباً على جودة التعليم. وهنا تأتي نية الحكومة في رفع الرواتب كخطوة ضرورية لضمان معيشة كريمة للمعلمين، مما يسهم بدوره في تحسين جودة التعليم المقدمة للطلاب.


من المهم الإشارة إلى أن المعاناة التي تعرض لها قطاع التعليم في سوريا نتيجة النزاع أسفرت عن حرمان العديد من الأطفال من التعليم، مما يستدعي تعويض الفاقد التعليمي المكتسب خلال السنوات الماضية. بالإضافة إلى ذلك، يعتبر تدمير المدارس من القضايا الملحة، حيث تُشير التقارير إلى أن حوالي 9500 مدرسة تعرضت للتدمير. وتخطط الحكومة لترميم المدارس التي تعرضت للتدمير الجزئي وإعادة بناء المدارس المدمرة كلياً بشكل يستجيب لاحتياجات الطلاب والبنية التحتية التعليمية.


إن العودة إلى المدارس تمثل بارقة أمل ليس فقط للطلاب وإنما للمجتمع السوري بشكل عام. إن التعليم هو أساس بناء الأمم، ولا يمكن إغفاله في ظل الأزمات. ولذلك، يتحتم على الحكومة والمجتمع بأسره العمل من أجل إعادة تأهيل هذا القطاع الحيوي، ليكون قادراً على احتضان جميع الأطفال ومنحهم الفرصة لتحقيق ذواتهم والمساهمة في بناء وطنهم.


في الخاتمة، تعكس خطوات وزارة التربية السورية التزامها العميق بالاستثمار في التعليم كوسيلة أساسية للنهوض بالمجتمع. ويجب أن نؤكد أن التعليم حق لجميع الأطفال، وخلال هذه المرحلة الانتقالية، يتوجب على كافة المعنيين في القطاعين العام والخاص التعاون لضمان تحقيق بيئة تعليمية ملائمة تعكس تطلعات وآمال الشعب السوري نحو غدٍ أفضل.

//