انتكاسة قسد وفشل الهجوم على سبع قرى بدير الزور
تُعَدُّ المنطقة الشرقية من سوريا، وتحديداً محافظة دير الزور، واحدة من أكثر المناطق تعقيداً في الصراع السوري المستمر.
خلال الأيام الأخيرة، تعرضت "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) لانتكاسة ملحوظة عندما فشلت في هجومها ضد قوات النظام السوري لطردها من سبع قرى بريف دير الزور الشرقي. هذا الفشل ليس مجرد حدث عابر، بل يحمل في طياته مجموعة من المعاني والدلالات حول الوضع العسكري والسياسي في المنطقة.
الهجوم الذي تم تنفيذه من قبل "مجلس دير الزور العسكري"، والذي يتبع لـ"قسد"، يهدف إلى إخراج قوات النظام من القرى السبع الواقعة شرق الفرات، وهي: الصالحية وطابية وحطلة وخشام ومرّاط ومظلوم وحسينية.
يأتي هذا الهجوم في سياق "الأوضاع الأمنية الخطيرة" التي تشهدها المنطقة، حيث تتزايد المخاطر بسبب نشاط خلايا تنظيم "الدولة الإسلامية"، والذي يسعى للسيطرة على مناطق غير محمية.
يمكن تحليل أسباب الفشل من عدة جوانب:
1. المقاومة الشديدة من قوات النظام: شهدت الاشتباكات مقاومة قوية من قوات النظام والميليشيات الرديفة، مما أدى إلى تصاعد حدة القتال. تم تجهيز النظام لقوة نارية كافية يمكن أن تصد الهجوم، مما أعطى دفعة لعزيمة مقاتليه.
2. الضغوطات العسكرية: القصف "العنيف" الذي تعرضت له قوات "قسد" من قبل النظام كان عاملاً مهماً في تراجع العملية الهجومية. هذا القصف جعل من الصعب على القوات المهاجمة الانتقال إلى الخطط الهجومية دون تكبد خسائر فادحة.
3. عدم توظيف كامل القدرات العسكرية: سحب "قسد" لبعض قواتها ومنع مشاركة مقاتلين عشائريين من أبناء المنطقة كان له تأثير سلبي على القدرة القتالية. لم يكن هناك تنسيق كافٍ بين الألوية المختلفة، مما أعاق فعالية الهجوم.
4. قلة الأسلحة والعتاد: إن المشاركة المحدودة في العملية بـ15 مدرعة فقط، لا تعكس مدى الاستعداد أو القدرة العسكرية، مما دفع إلى التساؤل عن الجدوى من الهجوم في ظل هذه الظروف.
5. تحركات العشائر: في ظل التوترات بين "قسد" والعشائر المحلية، نشأت انتفاضة ضد "قسد" من قبل بعض العائلات، مما عرقل جهود التنسيق والاحتواء، وفتح المجال لظهور تكتلات عشائرية جديدة قائمة على العداء تجاه وجود "قسد".
النتائج والآثار
لم يكن الفشل العسكري مجرد نكسة للقوات المهاجمة، بل أثر على حياة المدنيين في تلك القرية. الانهيار الأمني أدى إلى حركة نزوح بين الأهالي، وهو ما يعكس حجم المعاناة الإنسانية الناتجة عن هذا الصراع. إن تزايد نشاط خلايا تنظيم "الدولة الإسلامية" في المنطقة وسط هذه الفوضى يعد بمثابة تحذير واضح للمجتمع الدولي والحكومة السورية من عواقب استمرار حالة عدم الاستقرار.
في نهاية المطاف، فإن الفشل في هجوم "قسد" ضد قوات النظام في دير الزور يسلط الضوء على الكثير من التحديات التي تواجهها الجماعات المحلية في ظل الصراع المستمر في سوريا. إن الافتقار إلى التنسيق الفعّال بين القوات المحلية، واستمرار التوترات العشائرية، وعمليات القصف العنيف، كلها عوامل تساهم في تعزيز حالة عدم الاستقرار في المنطقة. هذه التجربة تُعَدُّ دروسًا مهمة للجهات المعنية، إذ يجب التعامل بشكل كامل مع الجوانب العسكرية والسياسية والإنسانية للوصول إلى حل شامل يضمن الأمن والاستقرار لجميع سكان المنطقة.