استمرار حراك السويداء المدني السلمي وسط ملاحقات قضائية تعسفية ضد النشطاء
يستمر حراك السويداء المدني السلمي في الجنوب السوري في التأكيد على مطالبه الأساسية، حيث يجتمع المؤيدون له كل يوم جمعة في ساحة الكرامة للتعبير عن رغبتهم العميقة في إسقاط النظام الحاكم وتطبيق القرار الدولي 2254. منذ انطلاقته قبل أكثر من عام وشهرين، لم يتوانَ الحراك عن المطالبة بحرية المعتقلين وسعيه المتواصل للإضاءة على مصير المغيبين قسراً، مع التركيز المستمر على أهمية إنقاذ الآلاف من المعتقلين، ووقف نهج السلطة القائم على التضييق والملاحقة والاعتقال.
ورغم الحملة الأمنية المتزايدة، فإن المحتجين والمحتجات واجهوا تحديات جديدة تتعلق بعدم قدرتهم على إيجاد وسائل النقل اللازمة للوصول إلى ساحة الكرامة، وذلك عقب تهديد السلطات لسائقي الحافلات العامة بعقوبات قاسية إذا قاموا بنقل المتظاهرين، مما يعكس تصعيداً غير مسبوق في قمع الحراك. ففي الأيام الأخيرة، أصدرت النيابة العامة في السويداء مذكرة توقيف بحق عدد كبير من نشطاء الحراك، وصلت إلى 109 أسماء، تحت اتهامات تتعلق بـ"تخريب رأس مال الدولة".
من بين هؤلاء، تم تسليط الضوء على المحامي مهند بركة الذي نشر قائمة الأسماء على صفحته الرسمية في موقع "فيسبوك"، محذراً المطلوبين من المرور عبر الحواجز الأمنية أو السفر، مشيراً إلى ضرورة مراجعة ديوان النيابة العامة للتأكد من مدى شمول أسماءهم.
وفي سياق متصل، أشار أحد المحامين لـ"العربي الجديد" إلى أن القضاء والخدمات القانونية تخضع لضغوطات كارثية، حيث نصحه قاضٍ بعدم التدخل في قضايا المطلوبين، مؤكداً أن قائمة جديدة ستصدر قريباً تشمل العديد من المحامين الذين شاركوا في الحراك، وتحذيرهم من التعرض لنفس المصير، مما يعكس واقعاً مقلقاً بالنسبة للعدالة في البلاد.
جاءت كلمات الناشط مفلح الصبرا لتصب في إطار التأكيد على استهداف الحراك، حيث أوضح أن الأسماء قد اختيرت بعناية في أقبية الأجهزة الأمنية بهدف إضعاف الحركة الشعبية، خاصة في مناطق العشائر البدوية التي بدأت تشهد دعماً مكثفاً للحراك، مستحضراً الممارسات السابقة للسلطات في نشر الفتنة بين مكونات المجتمع بهدف تفكيك جبهة المعارضة.
وقد أعرب الناشطون المشاركون في الحراك عن شجبهم لقرارات النيابة العامة، مُحمّلين القضاء مسؤولية التبعية للأجهزة الأمنية، الأمر الذي يزيد من تفاقم الأوضاع. وأوضح الناشط ناظم سلوم أن تفشي ظاهرة الملاحقات القضائية والأمنية يأتي نتيجة فشل السلطات في قمع انتفاضة السويداء، مُشيراً إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها استهداف النشطاء، حيث سبق أن تم إصدار قائمة مشابهة قبل حوالي شهر.
ومع استمرار الضغوط، يبقى حراك السويداء steadfast في مطالبه، حيث يسعى المشاركون إلى التأكيد على أن الاضطهاد والاستبداد لا يقتصران على سوريا بل يتجاوزانها إلى القضايا الإقليمية. ويجسد سعيهم الدائم إلى تحقيق العدالة والتغيير الأمل الذي لا يزال يشع في النفوس رغم كل التحديات.