وكالة قاسيون للأنباء
  • الجمعة, 15 نوفمبر - 2024
austin_tice

ما تأثير مصرع الرئيس الإيراني على سياسة طهران في سوريا

ما تأثير مصرع الرئيس الإيراني على سياسة طهران في سوريا

قاسيون_متابعات

مع بداية تبدد الآمال بإنقاذ الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، ومرافقيه، الذين سقطت طائرتهم في أذربيجان، وجّه المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، خطابه إلى الداخل الإيراني، مطمئنًا بأن آلية الحكم في البلاد ستجري بشكل سليم، ولن يؤثر مصرع الرئيس الإيراني إثر الحادث على إدارة البلاد.

ولأن طهران لا تعترف رسميًا بنفوذها في الخارج، وتحديدًا في سوريا والعراق ولبنان، لم يتضح بعد فيما إذا كانت وفاة رئيسي ورفاقه، قد تترك أثرًا على نفوذ إيران في البلدان العربية، أو طريقة إدارة هذا النفوذ فيها.

ولم يتأخر نظام الأسد من جانبه عن تضامنه مع إيران فور إعلان وفاة المسؤولين الإيرانيين، إذ أعلن الحداد الرسمي العام لمدة ثلاثة أيام، وتنكيس الأعلام في جميع أنحاء البلاد، والسفارات والهيئات الدبلوماسية في الخارج، وفق ما نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).

وجرى الإعلان الرسمي عن مقتل الرئيس الإيراني ووزير خارجيته يوم الإثنين من “حرم الإمام الرضا”، وتبع ذلك اجتماع عاجل للحكومة الإيرانية.

و يجري الحديث الآن عن “الحرس الثوري الإيراني” واستخباراته الخارجية “فيلق القدس”، أو المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي في الوقت الذي يقل فيه ذكر الرئيس الإيراني، أو الوجوه الدبلوماسية الأخرى.

الباحث بالشأن الإيراني محمود البازي، يرى أن بحث تأثير حادثة مقتل الرئيس ووزير الخارجية الإيرانيين، يتطلب النظر بآلية الحكم في إيران، فيما يتعلق بالسياسة الخارجية ، وتحديدًا سياستها في سوريا.

وأضاف الباحث الذي يقيم في طهران، لمصادر إعلامية ، أن الملفات المتعلقة بالسياسة الخارجية الإيرانية تديرها مؤسسة “بيت المرشد”، ولجنة السياسات الخارجية الموجودة في البرلمان الإيراني، ومجلس الأمن القومي، و”الحرس الثوري” عبر أشخاص محددين، وتعتبر وزارة الخارجية مسؤولة عن تنفيذ السياسات التي تحددها المؤسسات السابقة.

ومنذ بداية تشكل ملامح الملف السوري، سلّمت إيران مفاصل إدارته لـ”الحرس الثوري”، وفق البازي، أي أن ما يحدده الأخير يعتبر السياسة المتبعة من جانب طهران في سوريا.

وكان قائد “فيلق القدس” الإيراني، قاسم سليماني، المسؤول عن الملف السوري، ويكلّف ممثلين له في سوريا.

وقتل قاسم سليماني في غارة أمريكية طالته في العراق في كانون الثاني 2020.

ثم قتل واحد من أكبر المسؤولين عن الملف السوري، محمد رضا زاهدي، في نيسان الماضي، بغارة إسرائيلية استهدفت مبنى مجاورًا للقنصلية الإيرانية في دمشق.

الباحث محمود البازي، اعتبر أن صلاحيات قاسم سليماني كانت مطلقة في الملف السوري، إذ كان سليماني المسؤول حتى عن تنسيق زيارات الرئيس السوري، بشار الأسد، إلى طهران، والدعم المالي والعسكري المقدم في سوريا، وشكل صلة الوصل ما بين سوريا ولبنان وإيران.

وأضاف أن تعاطي طهران مع دمشق لن يتغير بتغير الحكومات، سواء كانت إصلاحية أو أصولية، إذ لا تزال تدار من قبل الجهة نفسها.

وأشار البازي إلى أن أوج الأعمال العسكرية في سوريا كانت في ظل حكومة الرئيس الإيراني السابق، حسن روحاني، وعقب ذلك جرى انتخاب إبراهيم رئيسي، لكن تعاطي طهران لم يتغير مع الملف السوري مع تغير الأفراد.

و يرى المحلل السياسي المتخصص بالشأن الإيراني مصطفى النعيمي. بأنه كان لوزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، الحضور الأبرز على الساحة السورية، إذ أنه لعب دورًا مهماً في تنسيق عمل ميليشيات موالية لإيران في سوريا بعد مقتل قاسم سليماني،

وأضاف النعيمي لنفس المصدر أن مهام وزير الخارجية ترتبط دائمًا بدبلوماسية بلده، لكن لعبد اللهيان مسار مختلف، إذ سبق وزار ميليشيات موالية لإيران في لبنان و العراق.

واعتبر النعيمي أن خسائر إيران المتكررة لقادة بارزين، وأشخاص مؤثرين في الملفات الخارجية قد تؤثر على صناعة السياسة الخارجية فيها، لكن حتى الآن لا يمكن اعتبار أن وفاة الرئيس الإيراني ووزير الخارجية حدثًا يمكن أن يؤدي إلى هذا التحول.

وأضاف النعيمي بأنه في الوقت الذي تمتلك فيه طهران آلية حكم معقدة ، تعتبر فريدة من نوعها في العالم من حيث هيمنة المرشد الأعلى الإيراني على جزء واسع من مفاصل الحكم، لم يختلف الباحثون والخبراء على أن النفوذ وآلية التعاطي الإيراني في سوريا لن تتأثر بغياب إبراهيم رئيسي.

وصرح مروان فرزات المحلل السياسي المتخصص بالشأن الإيراني، بأن كل الملفات الأمنية ومنها سوريا، تدار من قبل “الدولة العميقة” في طهران وبشكل خاص من “الحرس الثوري”، بينما رئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية هي سلطات تنفيذية تتغير كل عدة سنوات.

وأضاف أن السلطات التنفيذية تُحصر مهمتها في تنفيذ ما ترسمه “الدولة العميقة” من سياسات مع وجود هامش بسيط من حرية الحركة والمناورة لكن ضمن الاستراتيجية الموضوعة مسبقًا.

ويعتقد فرزات أن رئيس الجمهورية أو وزير الخارجية لن يغير تفاصيل المعادلة التي وضعها صناع القرار في طهران، كما هو الحال عندما قتل “مستشارا الحرس الثوري” النافذان في سوريا، ولم يكن لمقتلها أثر قابل للقياس.

وأردف أن خسارة القادة العسكريين الإيرانيين إثر الهجمات الإسرائيلية قد تكون ذات أثر أكبر من خسائر الدبلوماسيين والسياسيين، إذ تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على آلية تنفيذ هذه المخططات التي ترسم في طهران أصلًا.