وكالة قاسيون للأنباء
  • الاثنين, 23 ديسمبر - 2024

السوريون في أوروبا .. يتفوقون دراسيا ويفشلون اقتصاديا .. ما السبب ..؟

قاسيون ـ فؤاد عبد العزيز

أخبار النجاحات التي يحققها السوريون في أوروبا في المجال العلمي والدراسي ، لا يقابلها أية أخبار عن مشاريع اقتصادية قام بها السوريون هناك ، ومثلما فعلوا في جميع البلدان التي هاجروا إليها ... فما السبب ..؟
هل القيود التي تفرضها الدول الأوروبية على إنشاء المشاريع الاقتصادية ، حالت دون أن يفكر السوريون بالعمل التجاري ..؟ أما لأن جيمع السوريين الذين قصدوا هذه البلدان هم من الطبقات الفقيرة والمتوسطة ..؟
لا يوجد تجمعات كبيرة للسوريين :
باستثناء ألمانيا ، التي أتاحت نشاطا تجاريا محدودا ، ليس للسوريين فحسب وإنما لجميع الوافدين إليها ، فإننا لا نكاد نسمع أو نعرف عن سوريين في دول أوروبية أخرى ، قد بدأوا مشاريع تجارية أو استثمارية ، يمكن أن يكون لها شأن أو دور في المستقبل .. والسبب كما يراه ، أحمد .م ، اللاجئ في هولندا منذ أربع سنوات ، هو اختفاء ثقافة المحال التجارية الصغيرة ، وانتشار ثقافة المولات الكبيرة ، ذات الماركات العالمية المعروفة والمشهورة ، في أوروبا .
ويرى أحمد ، أن عدد اللاجئين السوريين الكبير في ألمانيا ، لعب دورا كبيرا ، في افتتاح البعض لمتاجر صغيرة ، من أجل تخديم هؤلاء اللاجئين بالمواد الغذائية السورية تحديدا ، بينما في باقي الدول الأوروبية ، قلما تجد تجمعات كبيرة لسوريين ، وبالتالي من الصعب أن تشهد فيها ولادة مشروع تجاري يمكن أن يتطور في المستقبل ، ويلعب دورا في ثقافة المواطن الأوروبي ذاته .
ويؤيد أحمد في وجهة النظر هذه ، أيهم المقيم في فرنسا منذ نحو عامين ، حيث يقول أنه عمل في تجارة المواد الغذائية من ألمانيا التي أصبح فيها مخازن كبيرة للبضائع السورية ، ، مشيرا ، إلى أنه كان أسبوعيا يذهب إلى هناك ، ثم يقوم بتوزيعها على العائلات السورية في عدد من المدن الفرنسية .
ويقول أن أيهم ، أنه استمر في هذا العمل لأكثر من سنة ، لكنه خلال هذه الفترة ، لم يستطع أن يؤسس محلا تجاريا في المدينة التي يعيش فيها ، بسبب عدم توافر الجدوى الاقتصادية ، نتيجة لقلة عدد السوريين في ذات المدينة .
اللاجئون .. فقراء .. !
وعلى جانب آخر ، يشتكي الكثير من السوريين ، الذين فكروا بالعمل التجاري في أوروبا ، من الكثير من القيود والضرائب والاشتراطات شبه التعجيزية ، التي تفرضها تلك الدول ، على كل من يخطط لممارسة عمل تجاري خاص .
فعلى سبيل المثال ، يقول محمد علي ، المقيم في فرنسا منذ نحو خمس سنوات ، ، إنه خلال حياته في سوريا ، لم يعرف عملا سوى التجارة ، وعندما جاء إلى فرنسا ، حاول أن يمارس هذا العمل ، لكنه اصطدم بالكثير من العوائق .. أولها حاجز اللغة ، كونه لا يوجد سوريون سوف يتاجر معهم ، إنما سيتاجر مع الفرنسيين .
والعائق الثاني ، يضيف محمد ، هو عندما عرفوا أنه سوف يعمل في التجارة ، حيث بدأوا يمطرونه بالأسئلة : كيف تكون لاجئا وتريد أن تعمل بالتجارة ..؟ من أين أتيت بالنقود التي ستتاجر بها .. ؟ لماذا لم تخبرنا قبل أن نمنحك اللجوء بأن تملك أموالا كثيرة ..؟
ويتابع محمد بالقول : " شعرت أنني في ورطة كبيرة .. كدت أتعرض لإلغاء لجوئي ، وترحيلي وأسرتي بعدها "
ومن وجهة نظر محمد علي ، أن الدول الأوروبية ، وبالذات فرنسا ، لا ترغب لأحد من اللاجئين ، أن ينمو ويكبر على أراضيها ، وأن يصبح ذا تجارة وشأن .. اللهم إلا في بعض الأنشطة المحدودة ، مثل افتتاح مطعم صغير لبيع الحمص والفول وسندويش الفلافل … وهي تجارة بحسب محمد ، لا تصنع رجال أعمال ولا مستثمرين ، والأهم لا تصنع مستقبل للسوريين في الدول الأوروبية .
صعوبات وقيود :
وعلى جانب آخر ، يرى تيسير اللاجئ في فرنسا كذلك ، وكان يعمل في سوريا محاميا ، أن قضية الضرائب المرتفعة ، التي تفرضها الدول الأوروبية على أصحاب الأعمال الخاصة ، والتي قد تصل إلى نحو 40 بالمئة ، هي لوحدها كافية ، لأن تجعل أي مستثمر ، التراجع عن القيام بأي نشاط تجاري أو ما شابه ، لافتا في هذا المجال ، إلى أن المستثمرين من أبناء البلدان الأوروبية ذاتها ، بدأوا يفرون إلى الدول الأخرى ، مثل الدول الآسيوية والأفريقية ، وإقامة أنشطتهم التجارية فيها .. بالإضافة إلى ذلك يقول تيسير ، إن قضية العمالة لوحدها ، مسألة معقدة في الدول الأوروبية ، إذ تفرض هذه الدول تأمينا شهريا على العامل يعادل أجره الشهري .. بمعنى آخر يشرح تيسير ، إنه إذا كان لدي عامل يتقاضى شهريا مبلغ 1500 يورو ، فإنني أدفع له فعليا مبلغ 3000 آلاف يورو ، لأنني أدفع 1500 يورو أخرى شهريا ، كتأمين بطالة في حال توقف هذا العامل عن العمل .
ويتعمق تيسير أكثر في شرح قضية عقود العمل وحقوق العمال في الدول الأوروبية ، والتي يرى أنها في مجملها تحد من النشاط التجاري والاستثماري لأي مستثمر ، ومن أي جنسية كانت .
هل نستطيع أن نرى في المستقبل رجال أعمال سوريين في أوروبا ..؟
توجهنا بهذا السؤال لعدد كبير من السوريين المقيمين في الدول الأوروبية ، فأبدى أغلبهم عن عدم اعتقاده بتحقيق هذا الأمر ، وإنما يمكن أن يصل السوريون إلى مراتب علمية متقدمة .. وهو أمر توقعته المفوضية الأوروبية ، بحسب الصحفي محمد ، ع ، التي قالت في أحد تقاريرها ، بأنه في غضون عدة سنوات ، فإن أغلب المدراء التنفيذيين قد يكونوا من السوريين ..
ويرى محمد المقيم في بلجيكا منذ أكثر من خمس سنوات ، أنه جاء من الخليج عبر البحر ، ومعه مبلغا جيدا من المال ، هو خلاصة تعب سنين طويلة في الغربة ، فافتتح شركة صغيرة لتأدية بعض الخدمات الإعلامية ، لكنه اصطدم بعوائق هائلة ، وتوصل إلى أفكار وخلاصات جديدة ، أبرزها ، أن الغريب في هذه البلدان ، له مقدار معين من النجاح يستطيع الوصول إليه ، وهو المقدار الذي لا تستطيع السلطات السيطرة عليه ، كالتفوق والنجاح الدراسي والعلمي فقط .. وما عدا ذلك ، يقول محمد ، إنه يشك أن يصبح السوري رجل أعمال كبير في الدول الأوروبية ، اللهم إلا إذا أصبح أوروبيا صرفا ، وتخلى عن سوريته وثقافته وعروبته بشكل كامل ..

//