وكالة قاسيون للأنباء
  • الجمعة, 15 نوفمبر - 2024
austin_tice

معرض إزالة آثار الجريمة

قاسيون ـ فؤاد عبد العزيز

استقدام آلات ثقيلة ، مثل " الجرافات" بكافة أنواعها و"التركسات" وغيرها من الآلات التي تخص عمليات نقل الردم والأنقاض ، لكي تكون واجهة معرض إعادة الإعمار في دورته الحالية ، هو تطور لافت ، إذ أنه في الدورات السابقة للمعرض ، الذي تعود فكرته إلى نحو ست سنوات فقط ، كان الزائر لا يجد سوى "المفكات" والبراغي والمسامير و " مسكات" الأبواب والشبابيك ، و"أسطل" الدهان ، وما إلى ذلك من أدوات ، لا تمت للإعمار بصلة ، ولا حتى للترميم ، وهو ما يعني بأن النظام كان يقيم المعرض بدافع الترويج لمرحلة لم يكن مقتنعا ببدايتها ، أما اليوم فيرى مراقبون ، أنه أصبح أكثر جدية في التعاطي مع موضوع إعادة الإعمار ، وأكثر إدراكا بأن هذه المرحلة لا بد أن تسبقها مرحلة إزالة آثار الدمار أولا ..
لكن من جهة ثانية ، يرى آخرون ، أن ما ينوي النظام إقامته حاليا على أرض مدينة المعارض بدمشق ، لا يعبر أبدا عن رغبته في البدء بمشروع إعادة الإعمار ، إنما يعبر بالضبط عن رغبته بإزالة آثار الجريمة التي ارتكبها بحق المدن السورية .. إنه يعتقد بان نظامه قاب قوسين أو أدنى من التأهيل ، وبالتالي هو يستعد لكي يستقبل المزيد من الزائرين الذي يرغبون بالمساهمة في هذا التأهيل ، لكن بنفس الوقت لا يريد لهؤلاء أن يروا آثار جريمته الشنيعة بحق الشعب السوري ..
وما يؤكد رغبة النظام بإزالة آثار الجريمة فقط وليس إعادة الإعمار، هو غياب الشركات العقارية الكبيرة عن المشاركة في المعرض ، والتي تمتلك مخططات جديدة للمدن المدمرة ، مثلما كان يحدث في الدورات السابقة ، إذ أنه لم يكن يخلو الأمر من مشاركة بعضها ، وعرض رؤيتها عبر الصور والرسومات الوهمية ، والتحدث لوسائل الإعلام كذبا عن خططها المستقبلية لسورية المدمرة ، أما حاليا فإن الزائر لن يصادف سوى هذه الوحوش المكانيكية ، بأحجامها المختلفة ، ليدرك معها أن مرحلة الحقيقة قد بدأت . وأن ما تحتاجه سوريا بالضبط هو هذا الشيء المعروض ، وربما أكبر من ذلك بكثير ..!
موضوع إعادة الإعمار ، الذي كان يتعامل معه النظام كجزرة ، يحاول أن يغري بها ، ما يعتقد أنهم حمير أو بغال ، تحول اليوم بيد النظام ذاته ، إلى مقصلة مسلطة على رقاب الشعب السوري ، بعد أن أيقن أن جزرته لا تسيل لعاب الآخرين .
لكن سجلوا معي هذه الحقيقة وتذكروها جيدا ، أن هذا النظام لا يريد إعادة الإعمار وهو لن يسمح بها سوى في مناطق محددة ، وذلك كي لا يعود أبناء الشعب السوري المهجرين إلى بلدهم ، ويقاسمونه تكاليف معيشة من تبقى من السوريين على هذه الأرض .