وكالة قاسيون للأنباء
  • الثلاثاء, 24 ديسمبر - 2024

صحيفة تلقي الضوء على الاوضاع المعيشية : فقر وتضخم غير مسبوق في دمشق ومدن النظام

قاسيون – رصد

كشف تقرير خاص أعدته صحيفة "نيويورك تايمز" عن مدى سوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية التي بات يعاني منها السوريون في مناطق نفوذ بشار الأسد، بعد مرور 10 سنوات على انطلاقة الاحتجاجات الشعبية التي تحولت لاحقا إلى حرب دامية تشاركت فيها أطراف إقليمية ودولية.
ومن خلال لقاءات تمكنت الصحيفة من إجرائها مع بعض السوريين في دمشق وضواحيها، يظهر مدى البؤس والفقر المسيطران على حياة الناس مع تدهور قيمة العملة المحلية والارتفاع الجنوني في أسعار المواد الغذائية حتى الأساسية منها، ناهيك عن انقطاع كبير في وقود الطهي (الغاز)، والانقطاعات  الطويلة للتيار الكهربائي.
ويمر الاقتصاد السوري حاليا في أسوأ مراحله منذ عام 2011، فقد هبطت الليرة هذا الشهر إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق مقابل الدولار الأميركي في السوق السوداء، ما أدى إلى انخفاض قيمة الرواتب وارتفاع تكلفة الواردات.
وزادت أسعار المواد الغذائية أكثر من الضعف في العام الماضي، فيما حذر برنامج الغذاء العالمي أن 60 في المئة من السوريين، أو 12.4 مليون شخص، معرضون لخطر الجوع، وهو أعلى رقم تم تسجيله على الإطلاق منذ بداية الأزمة في البلاد.
يكرس معظم السوريين الآن أيامهم لإيجاد الوقود للطهي وتدفئة منازلهم، والوقوف في طوابير طويلة للحصول على الخبز .
أما انقطاع التيار الكهربائي مستمر، حيث تحصل بعض المناطق على بضع ساعات فقط من الكهرباء في اليوم، وهو ما يكفي بالكاد للناس لشحن هواتفهم.
وبات يعني انخفاض العملة أن الأطباء السوريين يكسبون الآن ما يعادل أقل من 50 دولارًا في الشهر، وفي هذا الصدد أوضح نقيب الأطباء مؤخرا أن الكثير منهم باتوا يسافرون إلى دول فقيرة مثل السودان والصومال للحصول على أجور أفضل.
وما يزيد من المعاناة، أن حلفاء الأسد الاستراتيجيين، روسيا وإيران، لم يعدا قادرين على تقديم المساعدات الإنسانية كونهما بالأساس يعانيان من قلة الموارد جراء العقوبات الغربية وتبعات جائحة فيروس كورونا المستجد.
وكان السفير الروسي في سوريا ألكسندر إيفيموف قد قال لوكالة الأنباء "ريا نوفوستي" في وقت سابق من هذا الشهر إن "الوضع الاجتماعي والاقتصادي في سوريا اليوم صعب للغاية". لكنه أكد أن إرسال المساعدات أضحى "صعبًا للغاية" لأن روسيا أيضًا تعاني من الوباء والعقوبات الغربية.
 
وتقول إحدى السيدات التي رفضت الكشف عن اسمها الحقيقي لأسباب أمنية، أنها اضطرت إلى أن تبيع شعرها إلى إحدى صالونات التجميل حتى تعيل عائلتها، مردفة: "كنت أمام خيارين أما أن أبيع جسدي أو أتخلى عن شعري".
وتضيف في حديثها إلى الصحيفة: "زوجي يعمل نجارا ولكنه يعاني العديد من الأمراض ويعمل بشكل متقطع، ولدينا ثلاثة أطفال علينا إعالتهم، اشتريت بثمن شعري ليترات قليلة من وقود التدفئة ومعاطف شتوية لأولادي، ودجاجة مشوية، لأننا لم نتذوق اللحم منذ ثلاثة أشهر".
وتردف: "بقيت أبكي لمدة يومين من القهر والألم والعار".
من جانبه، قال فنان موسيقي إن أكثر ما يشغل الناس هذه الأيام هو كيفية تأمين الطعام وغاز الطهي ووقود التدفئة، مشيرا إلى أن الأجواء الأمنية والقمعية تجعلهم خائفين وغير قادرين على فتح أفواههم للاعتراض على أوضاعهم المزرية والصعبة.
وبالفعل كان النظام السوري قد اعتقل المذيعة التلفزيونية المعروفة، هالة الجرف، منذ أكثر من شهر ضمن المجموعة التي اعتقلتها القوى الأمنية السورية بحجة تسريب معلومات مضللة إلى مواقع إلكترونية خارج سوريا.
ونشرت الجرف يوم الجمعة 22 يناير، أي قبل توقيفها بيومٍ واحد منشوراً قالت فيه: "ليكن شعارك للمرحلة القادمة (خليك بالبيت) والتزم الصمت المطبق"، إضافة إلى الكثير من المنشورات التي تتحدث عن الوضع المعيشي السيء الذي تعاني منه المناطق الخاضعة لسيطرة النظام.
وليس بعيدًا عن قصر الأسد، يجني أب لتسعة أطفال ما يعادل 5 دولارات في اليوم من بيع الخضار، وهو مبلغ لا يسد رمق جوعهم، مشيرا إلى أنه خلال العام الماضي، ارتفعت أسعار المواد الغذائية بسرعة كبيرة لدرجة أنه قام بتنويع منتجاته لتغطية نفقاته، فأصبح صنع دبس الرمان ومخلل الباذنجان، لكنه توقف عن ذلك بعد ما بات الحصول على غاز للطهي أمر شبه مستحيل.
وأوضح أنه لم يعد قادر على تحمل نفقات المدراس رغم قلتها، لذلك امتنع اثنين من ابنائه عن الدراسة، فيما هاجر آخر إلى ألمانيا ليرسل إلى أبيه بضعة دولارات تكفي لسداد إيجار بيتهم المتواضع، مضيفا أن أحد أبنائه يتفرغ كل يوم لمدة ثلاثة أو خمس ساعات للوقوف في طابور طويل للحصول على بضعة أرغفة من الخبر المدعوم من الحكومة.
وزاد: "حتى الكماليات البسيطة أصبحت نادرة، فقبل أسابيع قليلة اشتريت دجاجة أعدت زوجتي منها ثلاث وجبات".
ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية، دخل السوريون الذين كانوا يعتبرون من الطبقة المتوسطة مرحلة الفقر والعوز.
وفي هذا الصدد يقول وسيم، الذي يعمل في وزارة حكومية أن راتبه وأجر زوجته كانت تسمح لعائلته بالحصول على معيشة كريمة نوعا ما، ولكن ومع انهيار العملة، الذي بدأ في أواخر عام 2019، تضاءل دخلهم، مما أجبرهم على تناول نوعيات أرخص من الطعام وشراء ملابس مستعملة.
وأوضح وسيم أنه افتتح مؤخرًا متجرًا للعطور يديره عقب انتهاء دوامه لزيادة دخله، ولكن ذلك يترك له القليل من الوقت للانتظار في طابور الحصول على الخبز، مما يجبره على شراء الخبز غير المدعوم (الخبز السياحي) والذي يكون سعره أعلى بستة أضعاف الخبز المدعوم.
وينهي كلامه: "نسمع يوميا تصريحات من رئيس النظام  بشار الأسد وحكومته حول المقاومة والسيادة الوطنية، لكن الحكومة أغلقت آذانها وعينيها ولا تبدي أي اهتمام بظروفنا المعيشية".
الحرة

//