وكالة قاسيون للأنباء
  • الثلاثاء, 19 نوفمبر - 2024
austin_tice

قبل وأثناء وبعد جنيف: موتوا أيها السوريون!

قبل وأثناء وبعد جنيف: موتوا أيها السوريون!
<p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>سوريا لم تمت بعد؟ يا ليت!</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>هل من أعجوبة في جنيف؟ لِم لا؟</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>هل من خاتمة سعيدة؟ بالتأكيد لا.</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>هل &laquo;سنرجع يوماً إلى حيِّنا؟&raquo; لا جواب. قد تكون فلسطين أقرب من الشام!</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>الأخبار تتحدث عن لقاءات متعثرة في جنيف. يحصل ذلك بعد خمس سنوات من تراكم الركام: تراث متمادٍ في القتل، يتجدد كل يوم، حصارات ومجاعات. تسوُّل للرغيف والأمن والموت الاعتيادي، البحث عن منافٍ بلا ضفاف... ومع ذلك، ليس أمام السوريين غير هذا السراب في جنيف... فليتنحَّ اليأس قليلاً. هناك فرصة لتحقيق مستحيل ضئيل. هدنة ما. وقف إطلاق نار في مكان ما، إفراج عن معتقلين. تسلم وتسليم أحبة في تبادل مهين. بارقة مصافحة بين الأطراف، ولو بدت المخالب... إذاً، هناك أمل خافت و &laquo;سنرجع يوماً إلى حينا&raquo; مهما طال الزمن.</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>الخلافات شاهقة. شيء مما يشبه ميادين القتال في قاعة الاجتماعات الناقصة. الغائبون الحقيقيون لم يتمثلوا بعد. لا أحد يمثل الضحايا، القتلى، المهجرين، النازحين، المفقودين، الداشرين، الضائعين في صحراء هذه الدنيا... لم يفكر أحد بترك مقعد فارغ لآيلان ورفاقه الغرقى في رحمة &laquo;المتوسط&raquo; الدامسة والخانقة... لا بأس. يمكن الإقلاع إلى سوريا الغد، من دون أجنحة ملائكتها من الأطفال والنساء والرجال والعجائز، ومن دون أسماء &laquo;الشهداء&raquo;.</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>لم يحضر المتفاوضون بإرادتهم. أمرت المرجعيات الدولية والإقليمية وكلاءها بالحضور. التمنع مفهوم. الشروط والشروط المضادة، من حواضر التفاوض، الضغوط الميدانية والقتالية على الجبهات وفي المدن، هي من حواضر التفاوض. التفاوض تحت وطأة وقسوة القصف والقتل، أكثر إقناعاً. &laquo;الحجة الفضلى هي حجة الأقوى&raquo;. لا قوة تضاهي في التفاوض قوة الطلقة. الكلام تابع للمواقع، ملحق بالخنادق... التفاوض بلا قتال، جدل بيزنطي في جنس الشياطين، حيث لا ملائكة أبداً في الحروب.</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>لذا، مطالب المعارضة العسكرية تبدو منطقية نظرياً، وغير عملية أبداً. لا هدنة فعلية متوقعة. كل هدنة مكتوبة يخرقها السلاح ويهزأ منها الحصار. سنوات التفاوض بين هنري كيسنجر ولي دوك تو حول مآلات الحرب في فيتنام، جرت تحت جحيم القصف لهانوي وفيتنام الشمالية... الاسترسال بالكلام المحق لكل طرف لا ينفع. إن كتابة سطر واحد تحتاج إلى إسقاط جبهة. والجبهات في سوريا مشتعلة ومشتبكة ومشتركة وتمتد من كل سوريا إلى كل السوريين. الطاولة المثلثة، إذا التأمت وفودها، ستشهد تداولاً شاقاً في كل نقطة من أطر التفاوض التي نص عليها القرار الأممي. الشكل وحده بحاجة إلى مرجعيات. دي ميستورا وحده لا يكفي. لا بد من أوباما وبوتين وأردوغان وسلمان وروحاني. تفاصيل التفاصيل بحاجة إلى جولات عنف... وقد لا يستقيم التفاوض بعد كل ذلك، وقد لا يجدي... المشكلة السورية، أن تركتها ثقيلة، والورثة كثيرون وليسوا متفقين على شيء بعد... الحرد متوقع، الانسحابات محسوبة، الفشل كامن عند كل منعطف. خمس سنوات من القتال، بالوحشية المتلفزة والبربرية النموذجية المتداولة، بحاجة إلى سنوات وسنوات كي تستقر نهايتها في جملة ختامية، تنهي الحرب، ولا تنهي النزاع بين المذاهب والطوائف والأقوام، ورعاتهم الإقليميين. من دخل سوريا لن يخرج منها خالي الوفاض وفارغ اليدين... تلك قاعدة ما بعد الحروب. فلنتعظ قليلاً... &laquo;أفضل&raquo; ما تبلغه سوريا الوفاق، &laquo;حكومة اتحاد وطني&raquo; مؤلفة من ممثلي أحزاب وتيارات ومذاهب وأقليات وأثنيات. العراق نموذجاً ولبنان أمثولة.</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>وبرغم ذلك كله، السوريون، &laquo;معذبو الأرض&raquo; بجدارة التراجيديا، بحاجة إلى هدنة. مهما كان الصراع على الهوية. في الأساس، الوفود التفاوضية ناقصة. حسناً فعلت القيادة الفعلية للمؤتمر، بأنها استثنت &laquo;داعش&raquo; و &laquo;النصرة&raquo;. لكنها غضت الطرف عن أشباه لهما، مذهباً وارتكاباً وفظاعة... لا بأس. الوفود الميدانية تتشابه في الارتكاب. لقد فقدت الحروب في سوريا شرعيتها النظامية وشرعيتها التغييرية عندما بالغت في ممارسة الارتكاب. إنما، ولسخرية الأزمنة، من لا سلاح معه، لا كلام له. القادمون من المواقع السلمية (وفد موسكو) يتمتعون بثقل معنوي. من يصرف هذه القيمة؟ أي قيمة لهذه القيم؟</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>الغائبون الحقيقيون عن جنيف، هم سوريون بطريقة غير قتالية. إنهم مقيمون في الضياع التام ولا يجدي البحث عنهم. هؤلاء أرقام فقط: أربعة ملايين لاجئ، ستة ملايين نازح، مئات آلاف القتلى والمفقودين والهاربين والمقتلعين. عشرات آلاف التائهين على أرصفة الدول، مئات وآلاف الغرقى... هؤلاء أرقام فقط. حتى صورة الفتى آيلان، بهتت عمداً. الضمير الأوروبي بهت كذلك بعد أسابيع. تحوَّل الفتى الغريق في الرسوم الكاريكاتورية في &laquo;شارلي أيبدو&raquo; إلى مهووس جنسي. لو كبر لكان من متحرشي كاتالونيا. أوروبا لا تحتمل أن تكون إنسانية إلا بنسبة متدنية. لبنان الصغير يستضيف مليونا ونصف المليون. الأردن ينوء بأعداده. أوروبا تستغيث لوقف الهجرة. تعقد قمماً، توجه إنذارات إلى اليونان، تدعم تركيا لوقف الهجرة. أوروبا لا تريد من يعكر بياضها. فلترتفع الأسوار وممنوع عليك أيها السوري أن تتسلَّل بجرحك إليها... يحدث ذلك في وقت سيئ الحظ: تعلن المنظمة الدولية للهجرة أن عدد من غرق في شرق المتوسط في شهر ك2 فقط، يفوق عدد من غرق في ثمانية أشهر من العام الفائت. فقط 218 غريقاً... يحدث ذلك في وقت يتم فيه الإعلان عن ضياع أكثر من عشرة آلاف طفل في المدن الأوروبية... أين هم؟</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>يحدث ذلك، والمتفاوضون لم يسألوا عنهم ولن. لم يذرفوا دمعة ولن. وسيحدث أشنع من ذلك، فيما المتفاوضون، يتفاوضون على النقطة التي يلزم أن يبدأ منها التفاوض... فيا أيها السوريون موتوا... ما قمتم به في موتكم، ليس كافياً بعد، للحظة ضمير، لبارقة إنسانية.. موتوا... لأن استمرار التفاوض، عملياً، بحاجة إلى المزيد من موتكم.</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>ومع ذلك، لنفرض أن حلاً اجتُرح، بعد استنفاد عصارة الأحقاد، فكيف ستكون سوريا وطناً لشعب مشوه الولاءات ومشوه الهوية. ستتفوق &laquo;الكردية&raquo; على &laquo;السورية&raquo;، و &laquo;السنية&raquo; و &laquo;الشيعية&raquo; على المواطنة. سيتم اقتسام سوريا انتخابياً. صناديق الانتخابات ستنجب بالأرقام مسوخاً تمثيلية، وستولد سلطة من الأعداء تتاجر بالرقيق الديني والمذهبي... توحيد سوريا وهمٌ جميل. الحقيقة أنه سيتم تقييد سوريا لا تحريرها.</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>سوريا لم تمت بعد. الذي مات هو هؤلاء الناس الذين يسألون: هل &laquo;سنرجع يوماً إلى حيِّنا&raquo;.</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align: justify;">&nbsp;</p> <p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>نصري الصايغ: السفير</strong></span></sup></span></p>