وكالة قاسيون للأنباء
  • الثلاثاء, 19 نوفمبر - 2024
austin_tice

التنظيمات الجهادية… تمرض ولا تموت!

<p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>في أفغانستان قتل بن لادن بعد إسقاط حكم طالبان قبل أكثر من عقد، وفي العراق قتل الزرقاوي ثم المهاجر والبغدادي والعشرات من قادة تنظيم الدولة الإسلامية، وكذلك الأمر في سوريا والسعودية واليمن، ومع ذلك فان هذه التنظيمات التي تمكنت من السيطرة على مناطق واسعة في أفغانستان والعراق وسوريا تمتلك قدرة ملفتة على البقاء، الكمون في فترات حرجة حيناً والتمدد حينا آخر.</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>وبنظرة سريعة نجد أن طروحاتها وأفكارها هي التي تبقى ومن ثم تعيد الحياة بدماء جديدة لهيكلها التنظيمي، فمعظم أبناء الجيل الأول والثاني من القاعدة في أفغانستان ومن تنظيم الدولة في العراق، منذ 12 عاما، قتلوا أو اعتقلوا، ومعهم الآلاف من عناصر هذا التنظيم على مدى تلك السنوات، ومع ذلك تجد ان قيادات جديدة تخرج وآلاف العناصر ينتمون من حواضن تؤمن لهم الحماية في فترات كمون مؤقتة، مع دوام أسباب النزاعات الأولى التي نمت في تربتها هذه التنظيمات، فالصراع هو أكسير الحياة لها والاستقرار مثبط. </strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>مناطق البشتون في أفغانستان، ومدن السنة في العراق وسوريا، ما زالت تعيش أزمة حقيقية ونزاعا داميا مع محيطها الطائفي والعرقي المعادي، وما دام هذا النزاع مستمرا، فان الجهاديين سيبقون مؤثرين بل الطرف الأكثر ثأثيرا ونفوذا في مجتمعاتهم. </strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>في النزاع مع الجيش السوفييتي في أفغانستان، وفي مقاومة الاحتلال الأمريكي في العراق، ومن ثم في قتال النظام السوري في سوريا، كانت فصائل الجهاديين المسلحة هي الأبرز والأكثر تأثيرا، وهذا أعطاها مكانة الصدارة في مجتمعاتها، فكلما كنت قادرا على تلبية حاجات مجتمعك والتصدي للخصوم في حالة الحرب كلما بدأ الناس ينجذبون لما تحمله من أفكار .. وكلما اقتربت الحركات من هموم الطبقات الشعبية وقضاياها الملحة كلما فرضت نفسها كرقم أساسي، خصوصا ان هناك تلاقيا بين المزاج العام والمطالب الأساسية لهذه المجتمعات وبين ما تطرحه هذه الحركات، فالعداء للغرب والولايات المتحدة الذين يدعمون إسرائيل والأنظمة المستبدة هو أحد المشتركات، كما هو الحال مع العداء للأنظمة المستبدة، والعداء كذلك للقوى والأنظمة ذات التكوين الطائفي.</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>الكثير من الحركات الإسلامية المسلحة تحمل الخطاب الجهادي نفسه، وتتبنى قضايا المجتمعات الإسلامية، لكن الفرق أن الجهاديين الأصوليين يتميزون بمرجعية ذاتية مستقلة تستند لمفاهيم عقائدية صلبة تجعل تطويعهم من قبل قوى الأمر الواقع ( الأنظمة والقوى الدولية) أمرا صعبا. </strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>وهذا هو ما يجعل تلك الجماعات تفترق عن الجهادية الأصولية في نهاية الطريق بعد أن ينطلقا سوية في البداية. </strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>وهذا أحد الأسباب التي تجعل حركات إسلامية جهادية تختلف بل تقتتل مع الحركات الجهادية الأصولية، كما حصل مع الجيش الإسلامي وكتائب العشرين في العراق، وجيش الإسلام وأحرار الشام في سوريا، الذين افترقوا عن مسار تنظيمي الدولة والنصرة في سوريا والعراق..</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>لذلك فان من أسباب بقاء واستمرارية التنظيمات الجهادية الأصولية أنها ترفض الذوبان في التسويات، فهي عصية على التدجين والانخراط في منظومات هجينة، لان هذه التسويات ما تلبث وان يتكشف أنها ليست سوى صيغة استسلام، فيرفضها المجتمع ويعود للتمرد من جديد ولا يجد حينها سوى الحركات التي لم تنخرط في هذه التسويات، كما يحدث مع جماعات إسلامية مجاهدة ظلت تدور في فلك الأنظمة حتى أصبحت جزءا منها، وهذه الخطوة الأولى نحو التسوية النهائية مع أعداء هذه الفصائل السابقين، كما حدث مع الفصائل الإسلامية المقربة من الحزب الإسلامي الإخواني في العراق، وكما سيحدث قريبا مع الفصائل الإسلامية المعارضة التي قبلت مبدئيا التسوية مع النظام السوري. </strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>ثم أن من المفيد ملاحظة أن التنظيمات ليست نفسها من تتوسع، بل أن المجتمعات المحلية التي تعيش ظروف النزاع نفسها قادرة على إنتاج تنظيمات تصبح بمثابة فروع تعلن تأييدها لرموز وأفكار التنظيمات الجهادية فتتحول إلى ذراع جديدة للتنظيم الأصلي، خصوصا بعد فترة من التجربة مع الفصائل والتيارات الإسلامية الأخرى، ويمتد التنظيم بها من خلال أفكاره وليس نتاجا لتطور رأسي من بنيته التنظيمية الأصلية، ورغم أن انتشار الفكرة يبدأ من فوق إلا انه يتكاثر هيكليا وتنظيميا من تحت لفوق وليس العكس، وهذا ما رأيناه يحصل بشكل حثيث في سوريا وليبيا، حيث انضمت مجموعات من الثوار والفصائل المقاتلة إلى تنظيم الدولة والنصرة والقاعدة بعد مخاض، ما أوصلها إلى الارتباط بالقيادة المركزية لهذه التنظيمات.</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>إنها كفروع الأنهار الصغيرة التي تصب وتشكل في النهاية النهر الكبير، وليس العكس، وكلما جف فرع ظهر آخر!</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify">&nbsp;</p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>وائل عصام</strong>: <strong>القدس العربي</strong></span></sup></span></p>