وكالة قاسيون للأنباء
  • الجمعة, 15 نوفمبر - 2024
austin_tice

الإيكونوميست: انتصار بشار الأسد يعني مزيداً من معاناة السوريين

قاسيون - متابعات

قالت صحيفة "الإيكونوميست" البريطانية ، إن انتصار بشار الأسد يعني مزيداً من المعاناة للشعب السوري، ويأساً يزداد للقاطنين في المناطق الواقع تحت سيطرته.

وفي تقرير لها نشر اليوم، ترجمه موقع "تلفزيون سوريا"، قالت الصحيفة إن أسعار المواد الغذائية في سوريا ارتفعت لدرجة أن النساء يغلين الأعشاب لإطعام أسرهن، وفي مخابز العاصمة دمشق، يتسلق الرجال على بعضهم للحصول على الخبز المدعوم، وفي جميع أنحاء البلاد تصطف طوابير طويلة للحصول على بعض الوقود، كما أن أجزاء كبيرة من بعض المدن عبارة عن أنقاض، فضلاً عن أن قيمة العملة انخفض لدرجة أن السكان يستخدمونه كورق للسجائر.

الضغوط على نظام الأسد تتزايد

كان من المفروض أن يكون هذا العام عام التعافي لنظام الأسد، بعد ما يقرب على عقد من اندلاع الاحتجاجات ضده، فقد هزم المعارضة التي تحاول الإطاحة به، ويأمل أن تدفع انتصاراته الأخيرة حلفاءه الذين لا يرون بديلاً عنه إلى السعي لإعادة العلاقات الدبلوماسية للدول الأجنبية معه، والبدء بدفع تكاليف إعادة الإعمار.

لكن حتى الآن، لم يتم الأمر على هذا النحو، حيث صدت المعارضة هجوم الأسد الذي شنه على محافظة إدلب، وعلى الرغم من وعود الرئيس دونالد ترامب، ما تزال القوات الأميركية موجودة في شمال شرقي سوريا الغني بالنفط، مما يساعد الأكراد على تعزيز سيطرتهم على المنطقة.

من جانب آخر، أضرت العقوبات الأميركية بالاقتصاد السوري، وتزيد الأزمة المالية في لبنان من آلام السوريين، فضلاً عن انتشار فيروس "كورونا"، الذي يضرب سوريا بشدة، وتقول الأمم المتحدة إن الأوضاع الإنسانية في المناطق التي يسيطر عليها النظام أسوأ مما كانت عليه في ذروة الحرب.

وعلى مدى السنوات الماضية، أفرغت الحرب الاقتصاد السوري، وتنتج سوريا الآن نحو 60 ألف برميل من النفط يومياً، وهو ما يعادل سدس إنتاجها قبل الحرب، أما محصول القمح، فهو نصف حجم متوسط ما كان عليه قبل الحرب.

ولطالما أودع السوريون أموالهم في البنوك اللبنانية، لكن العام الماضي حددت هذه البنوك من عمليات السحب، مما جعل الجميع يفتقرون إلى العملة الصعبة، ونتيجة لذلك خسرت الليرة السورية أكثر من 70 % من قيمتها أمام الدولار هذا العام وحده، في حين جمّد النظام القروض وحدّ من السحب، وحظر التعامل بالدولار، وارتفعت أسعار السلع الأساسية، وقطع النظام الإعانات والمساعدات.

"كورونا" تضاعف الأزمة

ويسبب انتشار فيروس "كورونا" تفاقم الأزمة الاقتصادية، وتقول الأمم المتحدة إن حوالي 60 % من الشركات السورية أغلقت بشكل مؤقت أو دائم بسبب الوباء، في حين أغلق النظام البلاد بشكل شبه كامل في آذار الماضي، لكن سرعان ما تجاهل المواطنون السوريون القيود، بحثاً عن لقمة عيشهم.

ويحاول النظام إخفاء حجم التفشي الحقيقي لفيروس "كورونا"، ويُطلب من الأطباء الإعلان عن أن الوفيات هي بسبب الالتهاب الرئوي وليس "كورونا، وبينما تقول الإحصائيات الرسمية إن عدد الوفيات بسبب فيروس "كورونا" أقل من 200 وفاة، تؤكد تقارير كثيرة أن العدد أعلى من ذلك بكثير.

ونقلت الصحيفة عن منسق الإغاثة في حالات الطوارئ في الأمم المتحدة، مارك لوكوك، قوله "نحن نعلم أن انتقال العدوى في المجتمع منتشر، حيث لا يمكن تتبع ما يقرب 90 % من الحالات المؤكدة حالياً إلى مصدر معروف".

وأظهرت دراسة أعدها علماء في جامعة "إمبريال كوليدج" في لندن أن عدد الوفيات في دمشق وحدها قد يصل إلى 80 ضعف العدد الرسمي، وقدرت الدراسة أن ما يقرب من 40 % من السوريين في مناطق النظام قد أصيبوا بالفعل بالفيروس، وفقط الأشخاص المرتبطون بمسؤولي النظام هم من يحصلون على العناية في المشافي.

بوتين يستمتع باليأس السوري

الدول التي دعمت النظام اقتصادياً في الماضي، لا تستطيع الآن فعل ذلك، أو لا تريد، فإيران تخضع للعقوبات نفسها، ولا تستطيع تقديم الكثير من الدعم الاقتصادي، وتخضع روسيا، الحليف الأبرز للديكتاتور الأسد، للعقوبات.

ويقول السوريون إن روسيا بإمكانها فعل المزيد، لكن يبدو أن الرئيس فلاديمير بوتين يستمتع بالنفوذ الذي يمنحه إياه اليأس السوري.

في وقت سابق من هذا الشهر، زار وزير الخارجية الروسي دمشق، سعياً وراء المزيد من عقود الطاقة والبناء، ويقول رجل أعمال سوري موال للنظام "أصبح منقذونا جشعين، يطمعون بالمزيد"، وفي حين ترسل أميركا والدول الأوروبية الأموال لأشياء مثل الغذاء والدواء، لكنهم يرفضون تمويل إعادة الإعمار، على الأقل حتى يتم التوصل إلى تسوية سياسية.

وكدّس الرئيس الأميركي ترامب العقوبات على سوريا، على أمل إجبار الأسد بتسوية سياسية قد تنهي وجوده في السلطة، واستهدفت العقوبات المعاملات بالعملات الأجنبية، والتحويلات التي يعتمد عليها الكثير من السوريين، كما أنهت أمل النظام في نقل عملياته المصرفية من بيروت إلى دبي، كما فرضت الدول الأوربية عقوباتها الخاصة على عائلة الأسد وداعميه.

في الوقت نفسه، يحاول البعض تحميل نظام الأسد المسؤولية عن الفظائع التي ارتكبها بحق السوريين، ويستمع قضاة ألمان إلى أدلة في محاكمة اثنين من المسؤولين في أجهزة الأسد الأمنية المتهمين بالتعذيب، وهددت هولندا برفع قضية ضد النظام بتهمة ارتكاب جرائم حرب في محكمة العدل الدولية في لاهاي.

لكن على الرغم من ذلك فإن النظام يزداد ضراوة، حيث يفترس الآن رجال الأعمال والمزارعين الذين أيدوه، وبحسب مصادر الصحيفة فإن ضباط الجمارك وعناصر ميليشيات يحتجزون البضائع والشاحنات، ويطلبون رشاوى كثيرة لإعادتها.

ولتحصيل الضرائب، يستخدم النظام أمراء الحرب الذين يجبرون السوريين على دفعها، ويشتري المقربون من دائرة الأسد العقارات والشركات بأسعار أقل من أثمانها من الطبقة الوسطى التي تزداد فقراً، ويقول أحد المحللين الذين يزورون دمشق "الأسد يستحوذ على المزيد من الاقتصاد لنفسه".

طاغية الحرمان

ويتساءل الموالون للنظام عن المستقبل، يقول رجل الأعمال الموالي للأسد "لم أعد متأكداً من أنه سينجو"، ويحلم آخرون بمخططات بعيدة المنال قد تخرج سوريا من الدوامة، وفي حين يقول أحد المحللين المطلعين على دوائر النظام إنه "إذا تمكّن بشار الأسد من المصالحة وإعادة التواصل مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، فإن شركات البناء التركية يمكن أن تعود وتعيد بناء سوريا"، يحلم آخر باستمالة أميركا من خلال إسرائيل التي نفذت مئات الضربات الجوية على أهداف إيرانية على الأراضي السورية.

ومع كل ذلك، يبدو أن "طاغية الحرمان"، كما وصفت "الإيكونوميست" بشار الأسد، غير مهتم بالدبلوماسية، يقول أحد أصدقاء عائلته "لم يتغير وضعه منذ اليوم الأول"، وبعد عقدين من الزمن في السلطة، أثبت نظامه مرونة ملحوظة، الموالون وموظفو الخدمة المدنية ليس لديهم مكان آخر يذهبون إليه للحصول على رواتبهم، فالأجهزة الأمنية مستمرة بعملها بإطفاء الاحتجاجات، ويواصل الجيش الضغط على إدلب، معقل المعارضة الأخير.

وتنتهي ولاية الأسد الرئاسية، التي تبلغ سبع سنوات، في الصيف المقبل، وهو يخطط لإجراء انتخابات مزيفة أخرى، ويقال إنه وزوجته، أسماء، يعتنيان بابنهما حافظ، البالغ من العمر الآن 18 عاماً، لتولي المهمة يوماً ما، فبالنسبة لعائلة الأسد، يكون البقاء في السلطة - مهما كانت الظروف - انتصاراً كافياً.

للاطلاع على المصدر اضغط هنا