وكالة قاسيون للأنباء
  • الخميس, 26 ديسمبر - 2024

عمته بهيجة وآخرون.. قصة الحرب المشتعلة داخل عائلة بشار الأسد والنزاع على حكم سوريا

 قاسيون - وكالات - رصد 

بينما نجح الرئيس السوري في قمع الانتفاضة الشعبية والنجاة من معارضة دولية، إلا أن بشار الأسد يجد نفسه الآن أمام تحد أصعب وأخطر.

خطورة التحدي تمكن في أن مصدره عائلة الأسد ذاتها. وقد أعطى الخلاف الأخير بين الأسد ورامي مخلوف، وفق مقال لمجلة فورين بوليسي أملا جديدا لمنافسي بشار من أقاربه وحلفائه السابقين.

هذا الأمر يعني صراعا داخليا بين العلويين، وأن الأسد هو الحلقة الأضعف، حيث يأمل هؤلاء أن يكون النزاع مع ابن خاله قد أضعفه بشكل لا يمكن إصلاحه إلا باستبدال بشار.

وتزعزت إمبراطورية مخلوف، الممول الأساسي للنظام السوري منذ عقود، وبرزت علاقته المهتزة بالأسد الذي يخوض معركة استعادة سلطته كاملة، ومحاولته إنعاش اقتصاده بعد تسع سنوات من الحرب. وفي هذه القضية تتداخل مصالح عائلية وسياسية ومالية.

وبعد أن بقي لأعوام بعيدا عن الأضواء، خرج مخلوف عن صمته عبر بيانات وشريطي فيديو على صفحته على فيسبوك فضحت حجم التوتر بينه وبين نظام ابن عمته في معركة توقع محللون أن تكون عواقبها وخيمة عليه.

وحذر مخلوف الأسد من أنه يفقد دعم الجزء الأكبر من العلويين بمن فيهم الميليشات، الموجودة على جدول رواتب شركاته، واستغل التوترات الطائفية السابقة عندما ألقى اللوم على زوجة الأسد، أسماء، السنية والتي ألمح إلى أنها تسعى إلى سرقة أموال العلويين ما يثير الشكوك إزاء التزام الأسد بطائفته.

ونسب المقال إلى محللين قولهم إن الأسد أصبح أضعف من أي وقت مضى، لكن روسيا التي تدعمه لم تقرر التخلي عنه بعد.

ريبال الأسد (45 عاما)، ابن رفعت الأسد عم الرئيس بشار، والذي اضطر إلى الفرار إلى الخارج في 1994، قال لكاتبة المقال في المجلة أنشال فوهرا، إن ما أقدم عليه مخلوف مجرد حيلة أثارت ضحكه عندما رآها أول مرة.

وتابع من منفاه في إسبانيا قائلا "أنا شخصيا أعرف رامي، إنه جبان. لن يقف ضد النظام، فهو لا شيء من دون بشار".

وأضاف ريبال قوله: "قد تخسر حياتك لأمور أقل (خطورة)، ناهيك عن تحدي بشار على وسائل التواصل الاجتماعي. هذه مجرد تمثيلية. بشار يستخدم رامي ليقول للروس إنه سيفقد الدعم في صفوف العلويين، وإن ذلك سيؤثر على مصالحهم في المنطقة الساحلية حيث تقع القاعدة البحرية والمطار الروسيين".

وتحدث ريبال عن أحداث الـ20 من أكتوبر من عام 1999، عندما هاجم جنود منزل عائلته في اللاذفية من أجل ضمان أن بشار وليس والده رفعت، هو من يخلف حافظ الأسد كرئيس للبلاد.

وقال "كان عمي مريضا، وكانت خلافته مسألة وقت فقط. أراد النظام أن يسلم القيادة إلى بشار، وضمان عدم وجود معارضة لاعتلائه السلطة، وأنه سيدمر أي شخص يعارض ذلك. لهذا السبب هاجموا منزلنا ومؤيدينا".

وبقي كثيرون من أبناء رفعت في سوريا، وأعلنوا ولاءهم لبشار، أحدهم دريد الأسد الذي كان يتبع خط النظام حتى الفترة الأخيرة.

وقال في تغريدة على تويتر في السابع من مايو، بعد انتشار فيديوهات مخلوف "يقولون إن سوريا تحكمها أسرة الأسد.لدي طلب. ما بين 100 إلى 200 عضو من الأسرة لم يلتقوك أبدا ويريدون رؤيتك. كثير منهم كبروا ولديهم أطفال لكن شاهدوك في التليفزيون فقط".

"شجاعة دريد المكتشفة حديثا"، كما وصفها الدبلوماسي السوري السابق الذي يقيم في الولايات المتحدة، بسام بارابندي، لها دوافع خفية.

وأوضح لفورين بوليسي أن "مثل هذه الوقاحة لم يجر التسامح معها أبدا في السابق".

وأشار إلى أن "دريد تحدى بشار علنا الآن ليقدم والده، رفعت الأسد، كبديل. إذا لم يشعر دريد أن المجتمع غاضب من بشار، فما كان ليتجرأ أن يقول ذلك".

معارضة ربيال ودريد مدفوعة جزئيا بمطالبة أسرتهم في السلطة. لكن أقارب آخرين بمن فيهم ابن عمومتهما الجنرال عدنان الأسد، يشعرون ببساطة أنه تم إقصاؤهم من أعمال الأسرة وثروتها التي وصلت إلى أمثال مخلوف.

وأدار عدنان ميليشيا وحارب إلى جانب حافظ الأسد ضد الإخوان المسلمين في عام 1982 فيما يعرف بمجزرة حماه التي شهدت مقتل آلاف المدنيين والمنتمين للجماعة.

لكن عدنان قال في رسالة وجهها إلى مخلوف في الآونة الأخيرة، إنه يشعر أن ولاءه لم يقابل بمكافأة كافية. وفي حين انتقد ما وصفه ببكاء مخلوف، رسم نفسه على أنه ضحية نظام فاسد ووجه انتقادات حذرة إلى ابن عمه الرئيس عندما قال "أعمل على بيع عقاراتي لألبي حاجيات عائلتي، لأن راتبي يبلغ نحو 50 دولارا تقريبا، بعد 42 عاما من الخدمة العسكرية".

وفي أكتوبر الماضي، نقلت وسائل إعلام عربية أن هناك تحديا لنظام الأسد من أسرة عمته بهيجة. فابنها الغيدق حارب من أجل النظام في دير الزور، لكنه قتل في اللاذقية خلال مواجهات مع جندي من القوات النظامية كان يرغب في اعتقاله بسبب اتهامات جنائية غامضة. وقد تعهدت أسرة الغيدق، في منشور على فيسبوك، بالانتقام لكن بسبب خوفها من العواقب، حذفته في وقت لاحق.

وفي ظل انهيار الاقتصاد السوري، بدأ مؤيدو الأسد العاديون التساؤل عما إذا كانت تضحياتهم تستحق العناء. فقد دفع أنصاره دمهم مقابل بقاء نظامه، وفقدوا آلاف الرجال خلال الانتفاضة.

وبينما كان هؤلاء يأملون في أرباح مادية مثل مزيد من الوظائف والترقيات أو معاملة تفضيلية في العمل، في نهاية الحرب، تركتهم الحكومة المفلسة أكثر فقرا وأكثر جوعا بدل ذلك.

وقال بارابندي إن العلويين مذهولون من قضية مخلوف والأسد، مضيفا "يعتقدون أنهم خسروا الكثير ولا توجد مكافأة في نهاية المطاف. يشعرون بالغضب إزاء نزاع أبناء العم على المليارات بينما يكافح الرجل العادي من أجل ليرات معدودة".

ونسب المقال إلى العديد من الخبراء السوريين قولهم إن الأسد يفقد من دون شك الدعم في صفوف العلويين، لكنهم يشيرون أيضا إلى أن النظام يواصل السيطرة على البلاد بقبضة من حديد وأن من السابق لأوانه التعويل على ضعف الأسد.

وأضاف أنه ليس سرا أن ريبال ودريد تمنيا لو خلف والدهما رفعت أخاه حافظ، لكن ماضي الرجل البالغ 82 عاما، هو الآخر تشوبه مزاعم حول مشاركته في مجزرة حماه كما أنه بالنظر إلى سنه فإن الوقت فات ليسلك طريقا محفوفا بالدم نحو دمشق.

غير أن ريبال أقر في تصريحه لفورين بوليسي بأنه يرغب في أن يكون نشطا في السياسة السورية، وقال "أريد ذلك، بالطبع، لكن كمعارضة وليس جزءا من أي حكومة في هذه المرحلة".

وترغب أسرة مصطفى طلاس أحد أنصار النظام الذي انشق بعد الانتفاضة، في العودة إلى الساحة السياسية السورية أيضا. وكان نجل طلاس، مناف، أحد أعضاء الدائرة المحيطة بالأسد وقائدا عسكريا رفيعا. وألمح مناف المقيم في باريس الآن، في تصريحات لوسائل الإعلام الروسية بأن هناك بدائل لبشار إذا كانت موسكو مهتمة بدعمهم.

شقيق مناف، رجل الأعمال فراس طلاس الذي يتخذ الإمارات مقرا له، يعتقد أن أخاه يمثل بديلا للأسد ويرغب في لعب دور في السياسة السورية، لكنه لن يعود إلى سوريا إلا بعد رحيل الأسد، حسب قوله.

المصدر: الحرة