أسوشييتد برس: بشار الأسد يقود حملة على طريقة محمد بن سلمان لملء الخزائن الفارغة
قاسيون - وكالات
يقارن بعض المراقبين حملة رئيس النظام السوري بشار الأسد على ابن خاله الملياردير رامي مخلوف وغيره من رجال الأعمال السوريين بتلك التي شنها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وفقا لوكالة أسوشييتد برس.
وكان الأمير محمد بن سلمان شن حملة اعتقالات للعشرات من أفراد العائلة المالكة والشخصيات التجارية الرئيسية، وحبس العديد منهم في فندق ريتز كارلتون، في حملة لـ"مكافحة الفساد" في عام 2017 انتهت بتسويات بمليارات الدولارات.
أما في سوريا، فقد بدأ الأسد الصيف الماضي بحملة على ابن خاله انطلقت بالسيطرة على "جمعية البستان" الخيرية التي يمتلكها مخلوف وحل الميليشيا التابعة لها، وصادر الحرس الجمهوري آلاف الوثائق وأجهزة كمبيوتر من مقر الجمعية.
وشملت البيانات المصادرة أسماء الآلاف من مقاتلي الميليشيات الذين دعموا الحكومة في الحرب الأهلية المستمرة منذ 9 سنوات، بما في ذلك الرواتب التي حصلوا عليها من جمعية البستان.
وكان الحادث الذي وقع في أغسطس الماضي بمثابة الضربة الافتتاحية في الحملة على سلطة مخلوف، مما يشير إلى بداية نهاية دوره كممول كبير لعائلة الأسد.
وانفجرت الحملة غير المسبوقة مع سلسلة من مقاطع الفيديو على فيسبوك نشرها مخلوف للاعتراض على هذه التدابير. وكشف عن هشاشة الرئيس المحاصر، وأعطى لمحة نادرة عن مؤامرات الدائرة الداخلية المبهمة التي تكشف عن سيدة أولى قوية وتنافس تجاري.
وقد نجا الأسد من حرب استمرت قرابة عشر سنوات بدعم من روسيا وإيران وطبقة موالية من رجال الأعمال. وساعد عدد من رجال الأعمال في حماية الدولة والمصالح الاقتصادية من خلال تشكيل ميليشيات خاصة بهم.
والآن تواجه البلاد التي دمرتها الحرب مستوى جديدا من الصعوبات.
وانخفضت الليرة السورية إلى 1800 للدولار، من 50 قبل الحرب. وارتفعت الأسعار إلى عنان السماء، كما أن نقص الكهرباء والوقود يتكرر. ويعيش أكثر من 80 في المئة من السكان في الفقر. فسوريا التي كانت مصدرة للنفط، تعيش الآن على خط ائتمان من إيران، التي تواجه متاعبها الاقتصادية الخاصة.
ومع هذه الحملة، يبدو أن الأسد مصر على وضع الاقتصاد تحت سيطرته بشكل أكثر حزماً وتعزيز خزائن الدولة، كما فعل الأمير محمد بن سلمان حين استعاد نحو 100 مليار دولار من الأمراء المحتجزين.
وقال جهاد يازجي، رئيس تحرير "تقرير سوريا": "إن زوال رامي المحتمل هو في الغالب انعكاس لتغيير على رأس النظام، في اللاعبين وليس في السياسة.
وأضاف أن الجهات الفاعلة الجديدة تتنافس مع السلطات التقليدية داخل الأسرة على الموارد الشحة.
على سبيل المثال، سعت السيدة الأولى أسماء الأسد بشكل متزايد إلى تركيز جميع الأعمال الخيرية تحت رعايتها. وهي تترأس الصندوق الاستئماني السوري للتنمية، حيث يتم توجيه معظم المساعدات الخارجية لإعادة الإعمار بعد الحرب.
كان آل مخلوف شركاء عائلة الأسد منذ فترة طويلة. وكان والد مخلوف، محمد، صهر والد الأسد حافظ ومرشداً للأسد الأصغر سنا. وتجدر الإشارة إلى أنه هو أيضا قد تم تهميشه الآن.
وترقى رامي مخلوف إلى جانب بشار الأسد، الذي خلف والده في عام 2000. و أصبح مخلوف شخصية قوية في الأعمال التجارية السورية، والأهم من ذلك أنه سيطر على أكبر شركة اتصالات، سيريتل.
وأصبح اسمه مرادفاً لقوة الأسد. إذ في وقت مبكر من الصراع، أحرق المتظاهرون شركاته.
وبدأت الخلافات تظهر في العام الماضي. بعدما انتقدت صحيفة يملكها مخلوف رجل أعمال منافس، هو سامر فوز، الذي يعتبر مقرباً من أسماء الأسد.
وبعد فترة وجيزة، بدأت مراجعة حسابات جمعية البستان الخيرية التابعة لمخلوف، مع مداهمة مكاتبها واستجواب موظفيها، ووردت تفاصيل ذلك في وسائل الإعلام العربية وأكدها رجل أعمال سوري، هو فراس طلاس.
وقال طلاس إن الحملة كانت مدفوعة من قبل السيدة الأولى .
وقال طلاس إن أسماء أسد، وهي مصرفية استثمارية محترفة، تحاول تأمين مستقبل أطفالها الثلاثة، خوفاً من ترسيخ ثروة الأسرة في أيدي مخلوف وأبنائه الذين يعيشون في الخارج. وتقدر ثروة مخلوف بـ 13 مليار دولار.
وقال طلاس إن التدقيق في الحسابات كان الانشقاق النهائي بين مخلوف والأسد، إذ بعد ذلك، تم استبدال مدير البستان ومحاسبه بشخصيات قريبة من القصر، وتم دمج الميليشيا التابعة له في القوات المسلحة. وفي هذا العام، تم الاستيلاء مؤقتا على أصول مخلوف ومنعه من السفر.
ورد مخلوف، الذي لم يدل أبدا بتعليقات علنية تقريبا، بمقاطع الفيديو على فيسبوك، والتي صدمت البلاد، مما حوّل النزاع العائلي إلى دراما متسلسلة.
ويبدو أنه يعتمد على دعم الطائفة العلوية، التي ينحدر منها هو والرئيس، والتي تشكل الجزء الأكبر من الميليشيات الموالية للحكومة التي طالما دعمها.
وقال طلاس، وهو نجل وزير دفاع سابق ويعيش في المنفى لكنه يقيم علاقات مع سوريا، "إن ضعف النظام هو الذي مكّن من بث مثل هذه الانقسامات علنا.
وبحلول نهاية العام، أطلقت الحكومة حملة محاربة الفساد ضد مخلوف وغيره من رجال الأعمال أو المسؤولين.
وبدأت وسائل الإعلام الحكومية، التي كانت تسميهم ذات يوم "طبقة رجال الأعمال القوميين"، تصفهم الآن بـ "متربحي الحرب". وتحدث المسؤولون عن اختلاس مليارات الليرات السورية. وقالت الحكومة إن مخلوف يدين لها بمبلغ 180 مليون دولار.
تمت مصادرة الأصول مؤقتا من أيمن جابر، وهو تاجر فولاذ ونفط متزوج من ابنة عم الأسد. كما استهدف حسام قطرجي، وهو تاجر نفط قوي سهل تهريب النفط من شرق سوريا ولديه ميليشيا. كما تم تسمية عم السيدة الأولى، طريف الأخرس، وهو تاجر أغذية.
وتشير التقارير إلى أن معظم رجال الأعمال هؤلاء تفاهموا مع الحكومة ودفعوا مستحقاتهم.
في الوقت نفسه، يبدو أن روسيا، الحريصة على ترجمة دورها العسكري في سوريا إلى مكاسب إقتصادية وسياسية، بدأت تفقد صبرها مع الدولة الفوضوية التي يعصف بها الفساد.
وقال فيتالي نومكين الخبير البارز في شؤون الشرق الأوسط ومقره موسكو أن روسيا سترحب بتحركات دمشق لتشديد الرقابة على الإقتصاد.
ووصف كيريل سيمايونوف، الخبير في شؤون سوريا في مجلس الشؤون الدولية الروسي، الحملة بأنها إعادة توزيع للأصول بين "الإقتصاد العسكري الإجرامي" لحاشية الأسد.
وقال لصحيفة "كومرسانت" الروسية الرائدة في مجال الاعمال إن"مخلوف أصبح حلقة ضعيفة في السلسلة". الأسد يحتاج إلى أموال وإلا سينهار نظامه، فلماذا لا يأخذ المال من شخص يستطيع الدفع".
ترجمة: الحرة