وكالة قاسيون للأنباء
  • الاثنين, 18 نوفمبر - 2024
austin_tice

حطَّابٌ صغير ... مُعيلُ أسرةٍ وتاجرٌ من الطراز الرفيع

حطَّابٌ صغير ... مُعيلُ أسرةٍ وتاجرٌ من الطراز الرفيع
<p dir="RTL" style="text-align:justify"><sup><span style="font-size:18px">عبد الله حسن (<strong>قاسيون</strong>) -&nbsp;&laquo;ليش الزمن عاداني ... لأني سوري؛ خلاني أبعد عن أهلي وأهجر دوري&raquo;، بهذه الكلمات العاميّة؛ كانَ يؤدّيها مُغَنّاةً؛ طفلٌ صغير، يدعى &laquo;محمد&raquo; يبلغ من العمر 12 عاماً، استوقفَنا في أحد أحياء حلب، حاملاً فأساً حديدية، يَهوي بها على قطعةٍ من الخشب، بُغية كسرها، ليختصرَ لنا الحال، ويزيده عنا بُعدا... وما إن رآنا؛ بدت على وجهه الشقيّ علاماتُ غيرِ المكترث، يهوي بفأسه تارةً، وينظرُ إلينا تارةً أخرى، ككل حَمَلة القضايا العظيمة في هذا الكون... ألنا أن نسألكَ؛ عما تبتغي في هذي القطعة الخشبية؟.</span></sup></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><sup><span style="font-size:18px">بعد أن عرّفناه&nbsp;بأنفسنا، يقول&nbsp;محمد لـ&laquo;قاسيون&raquo; بطريقة لا تخلوا من حسرة: &laquo;لم يترك لنا (بشار)&nbsp;مدرسةً نتعلّم فيها شيئاً، وها هي ذي الآن؛ كلُّها مستهدَفَه&raquo;، وكأنه أراد القول: &laquo;أدَّبني الليلُ والنهار&raquo;، ويتابعُ بإشارة من يديه (عمَّ تريد أن تسألني؟ أوَيحتاج أمرٌ بكل هذا الوضوح؛ إلى معجم طبقيّ لكي تفهمه؟) قائلاً: &laquo;أقطّع الأخشاب للتدفئة، أخرجُ في السادسة صباحاً، لأعودَ إلى المنزل في الثامنة، هذا كل ما في الأمر&raquo;.</span></sup></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><sup><span style="font-size:18px">يعيشُ محمد، أكبرُ إخوته الخمسة، مع والدَيه، في أحدِ أحياء حلب، التي تسيطر عليها قوات المعارضة السورية، إذ يعمل مع بعض إخوته، في شراء الأغراض البلاستيكية، وجَنْي المال من خلال بيعها لآخَرين في الحي، الذي يقاسي أهلُه ظروفاً معيشيةً سيئة، كحالِ البقية من أحياء المدينة، في ظل انخفاض درجات الحرارة، وغلاء أسعار المحروقات، التي يسيطر بدوره تنظيمُ الدولة &laquo;داعش&raquo; على حقول إنتاجها شرق سوريا.</span></sup></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><sup><span style="font-size:18px">تَراه أسمرَ الوجهِ نحيلَه، مُحيطاً رأسهُ بقطعةٍ قماشية، تشُوبُ علاقتَهُ مع الفأس، نسبةً لعلاقةِ أخوته بها، أثناء تقطيعه للخشب؛ علاقةُ تحدي، إذ ينظر إلينا جميعاً، ولسان حاله (رافعاً الفأس للأعلى) يقول &laquo;أبمقدوركم ذلك؟&raquo;.</span></sup></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><sup><span style="font-size:18px">وتراه أيضاً، يقفُ إلى جانب (ميزانٍ إلكتروني)، يضع عليه قطعاً بلاستيكية، لرجل مُسن، وبينما يخاطبهُ الرجلُ بعبارةٍ مرتجفة &laquo;راعِني&raquo;؛ يشيرُ محمد بسبابته إلى عينه اليمنى، ثم اليسرى، أنْ &laquo;من عيني هي قبل هي&raquo;، ثم يُردف &laquo;250 ليرة، لقاءَ 3 كيلو غرامات من البلاستيك، إضافة إلى الملعقة التي تحملها في يدك يا عمي&raquo;، ليجيب المسنُّ &laquo;لا، 250 ليرة دون الملعقة&raquo;.</span></sup></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><sup><span style="font-size:18px">هذه الحوارية الجادّة، بين رجلٍ في الحادية والستين من عمره، وبين طفل لم يكمل عامه الثالث عشر بعد، تدفعكَ للتسليمِ جليّاً، أن الطفل &laquo;موجود&raquo;، في حال استوقفكَ (غناؤه) أم لا، وهو معيلٌ لأسرة سورية من ثمانية أشخاص، بينهم خمسة أطفال، يعمل ثلاثةٌ منهم إلى جانبه، في تقطيع الأخشاب، والعودة بالفائض عن حاجتهم منها إلى المنزل مساءً، إضافةً للتجارة بالقطع البلاستيكية، في مدينة دَرَسَت الحربَ أحياؤها.&nbsp; &nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;</span></sup></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><sup><span style="font-size:18px">ويشير محمد في حديثه إلينا ختاماً، إلى أن ما دفعهُ إلى ذلك، إنما الغارات الجوية، التي يشنها الطيران المروحي، التابع لقوات النظام، ببراميل متفجرة، على الأحياء التي تسيطر عليها المعارضة في حلب، واستهدافه (أكثرَ من مرة)، مدرسةً كان يرتادها وإخوتُه، ما حالَ دون متابعته التعليم، ودفعه إلى العمل &laquo;لإعالة&raquo; أهلهِ وباقي إخوته.</span></sup></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify">&nbsp;</p> <p dir="RTL" style="text-align:justify">&nbsp;</p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><sup><span style="font-size:18px"><iframe allowfullscreen="1" frameborder="0" height="315" src="//www.youtube.com/embed/Y0UFROr9DzE?rel=0" width="560"></iframe></span></sup></p>