وكالة قاسيون للأنباء
  • الاثنين, 18 نوفمبر - 2024
austin_tice

الهدن والتسويات تحمل لمضايا ما حملته الروزنا للجياع

<p dir="RTL" style="text-align:justify"><sup><span style="font-size:18px">محمد جواد (قاسيون) - غنى الناس في لبنان قبل مئة عام، موال&laquo;عالروزانا&raquo;، بعد أن خاب أملهم أن تحمل لهم السفينة الإيطالية (روزنا) ما يسد رمقهم ويبعد شبح المجاعة عن منطقتهم، سفينة كان من المفترض أن تصل محملة بالقمح في حين اجتاحت المجاعة البلاد، فيما شح القمح في أسواق بلاد الشام وبينها فلسطين ولبنان، وذلك كان بفضل الحرب العالمية الأولى.</span></sup></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><sup><span style="font-size:18px">الحروب وخاصة&nbsp;الأهلية منها، يعتبرها الباحثون أخطر مسببات المجاعات، فغالباً ما تمنع القوات المتحاربة وصول الإغاثات للمنكوبين، وهذا تماماً ما تفعله القوات المحاصرة لبلدة مضايا، فنظام الأسد عبر حصاره لأربعين ألف مدني يحاول أن يرسل رسالته إلى المجتمع الدولي، حتى وهو يقتل أطفالها جوعاً، أن هي &laquo;حرب أهلية تخوضها قواته ضد متمردين، لا ثورة؛ ولا ثوار&raquo;، وعلى هذا الأساس باتت تردنا صور لأطفال بانت أضلاعهم، بعد أن فتك بهم الجوع والأمراض المرافقة في مناطق حصارهم، حيث لا دواء ولا غذاء، صور لم تكن تخرج إلّا من أفريقيا، خاصة في ستينيات القرن الماضي، خلال الحرب الأهلية النيجرية، حين أودت المجاعة بحياة مليون شخص<span dir="LTR">.</span></span></sup></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><sup><span style="font-size:18px">الأمم المتحدة ودولها الكبرى، أول المسؤولين عن هذه المجاعة التي تعصف ببلدات ريف دمشق وعلى رأسها مضايا، في حين يتمتع جندي على بعد مئات الأمتار بما لذ وطاب، لا لشيء فقط لأن أحد أعضاء مجلس الأمن الدولي الدائمين، يرى أن أهم حلفائه في المنطقة، بشار الأسد وعائلته، المسؤولة عن مقتل نحو نصف مليون إنسان في سوريا، وتغييب مئات الآلاف، وتشريد نصف سكان سوريا، داخليا وخارجياً، فإذا ألقينا نظرة فاحصة على الوضع في سوريا، نجد أن &nbsp;نصف سكانها رحلوا مجبرين عن منازلهم التي يملكونها، في سبيل بقاء بشار الأسد في قصر لا يملكه أصلاً، فهو ملك لهؤلاء المشردين والضحايا.</span></sup></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><sup><span style="font-size:18px">تعرّف المجاعة، أنها نقص شديد في الموارد الغذائية نتيجة حدوث خلل في أحد الظروف؛ أو العوامل التي تُنتج الغذاء، ويؤدي ذلك إلى انتشار المجاعات وما يترتب عليها من موت وانتشار للأوبئة والأمراض، لكن المجاعات التي ينتجها النظام في سوريا، ليست وليدة الجفاف والفيضانات والأعاصير وغزو الجراد؛ والآفات للمحاصيل الزراعية، إنما عن طغيانه وتسلطه، فكما يقول الخبير الاقتصادي الحائز على جائزة نوبل، أمارتيا سن: &laquo;ما من مجاعة كبيرة حدثت في دولة يحكمها نظام ديمقراطي ليبرالي على الإطلاق&raquo;<span dir="LTR">.</span></span></sup></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><sup><span style="font-size:18px">النظام بما حققه من مكاسب، عبر سياسة التجويع للمناطق المحاصرة، ثم تصوير الأمر على أنه تسوية وتفاهم كما حصل قبل أكثر من عام في معضمية الشام قرب دمشق حين أكل الناس لحوم القطط والكلاب، وفي غيرها من المناطق بمحيط العاصمة أيضاً، جاء بالتهديد بالمجاعات بعد أن أحرق المحاصيل ومنع المواد الغذائية، وحاصر المدن، كما لجأت قواته إلى إغلاق المعابر والطرق إلى مناطق المعارضة<span dir="LTR">.</span></span></sup></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><sup><span style="font-size:18px">&nbsp;المجاعات في أفريقيا، التي كنّا نعاين صورها المنقولة عبر وسائل الإعلام، تكررت لمرات عديدة خلال النصف الأخير من القرن الماضي، بات نظام الأسد ينتج كل منها في كل منطقة حدى، ويكرر إنتاجها، بعد أن لمس فاعليتها في الضغط على مقاتلي المعارضة وفصائلها، والتي بدأ الكثير منها ينسحب من تلك المناطق لعدم اقتناعه حتى بما بات يعرف بالتسويات، وجدواها، لذا ينتقلون من تلك المناطق إلى مناطق سيطرة المعارضة، وهنا يبقى خير دليل عدم تنفيذ اتفاق هدنة الزبداني - الفوعة، الذي يشمل بلدة مضايا صاحبة الصور المفجعة.</span></sup></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><sup><span style="font-size:18px">المواد الغذائية التي ستدخلها الأمم المتحدة، بإذن نظام الأسد وشروطه، لن تحل المشكلة، إلّا كما حلتها علب &laquo;البسكوت&raquo; منتهية الصلاحية، دون أن نجزم أن السكان سيجرؤون على أكلها، أم أنهم سيخشون ذلك، كونها خلفت عشرات حالات التسمم للأطفال في تشرين الأول/ أكتوبر 2015.</span></sup></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><sup><span style="font-size:18px">هذه العقلية لدى الطغمة الحاكمة، نعم إنها عقلية؛ وليست حالات تجويع ولا سياسة كما بتنا نسميها، هي عقلية متأصلة في نظام الحكم العائلي الأسدي، الذي طبقها على الشعب السوري طوال فترة حكمه، كما بدأ قمعه للثورة بعيد اندلاعها في درعا حين حاصرها في عام 2011، قال حينها أحد ضباط الحرس الجمهوري المشرفين على صواريخ الفاتح الإيراني جنوب دمشق: &laquo;اقطعوا الماء والخبز عنهم لأسبوع وسترون كيف يأتون&nbsp;...&raquo;، وقتل وجرح وقتها العشرات من شباب إنخل خلال محاولته إيصال الخبز للمحاصرين في المدينة.</span></sup></p> <p dir="RTL" style="text-align:justify"><sup><span style="font-size:18px">ويبقى السؤال: هل ستفي الأمم المتحدة، بما أعلنته دون أن يحقق نظام الأسد مكاسب على حساب المعارضة، باعتباره المسؤول الأول عن هؤولاء السكان وحياتهم، أم سيغني أهل مضايا: &laquo;عالهدنة عالهدنة كل الهنا فيها ...وش عملة الهدنة... الله يجازيها&raquo;، كما غنى الناس في لبنان عندما خرجوا لاستقبال سفينة الإنقاذ (الروزنة)، فوجدوها محملة بالتفاح بدل القمح، فأصيبوا بخيبة أمل كبيرة، وأخذوا يغنون: &laquo;عالروزنا عالروزنا كل الهنا فيها...وش عملت الروزانا ... الله يجازيها&raquo;<span dir="LTR">.</span></span></sup></p>