وكالة قاسيون للأنباء
  • السبت, 16 نوفمبر - 2024
austin_tice

رحلة إيلان... من شاطئ المتوسط إلى شارلي إيبدو

<p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong style="line-height:1.6em">اليوم، تتحفنا جريدة شارلي إيبدو برسوم جديدة، هذه المرة لم تتناول الأديان (وهي التي تناولتها كلها بالسخرية اللاذعة)، هذه المرة تتناول الطفل إيلان مبينة إياه أنه لو لم يمت غرقاً في مياه المتوسط، فسيكبر في دول اللجوء ويتحرش بالنساء، ويركض وراء مؤخرات الألمانيات.تكتب شارلي إيبدو تعليقاً على رسم الكاريكاتير: (ماذا كان سيصبح إيلان لو كبر؟ لاهثاً وراء مؤخرات الألمانيات).</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>لا يمكن التغاضي عن الرمزية العنصرية التي يحملها هذا الرسم، فأيلان الطفل السوري الذي تحول إلى رمز بموته غرقاً وهو يحاول الوصول مع عائلته إلى أوروبا هرباً من جحيم الموت في بلده، وكان موته سبباً في فتح أبواب الكثير من الدول الأوروبية لاستقبال اللاجئين السوريين.</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>إيلان رمز موت البريئين وهم يحاولون الوصول إلى شواطئ النجاة، يتم استخدامه من قبل شارلي إيبدو لقتل رمزيته هذه لدى الأوروبيين، وكل المتعاطفين مع محنة السوريين.هي نفسها شارلي إيبدو التي دفعت ثمناً كبيراً من دماء موظفيها ورساميها في هجمات عنصرية&nbsp; قامت بها جماعات متطرفة إسلامية بعد عدد خاص عن حياة النبي محمد، تحاول اليوم أن تنتقم ولكن بأسلوب ساخر مستخدمة طفلاً بريئاً بطريقة لا تخلو من العنصرية النتنة، التي تطال الإنسانية، ومستغلة الجو العدائي تجاه اللاجئين والمهاجرين من أصول عربية وإسلامية، الذي ساد بعد حوادث التحرش في ألمانيا ومدن أوروبية أخرى.فهل هذا الاستهزاء كفيل بأن يجعلنا نغير موقفنا من الهجمات ضدها؟ علينا أولاً أن نفهم هذه المعادلة الصعبة التي استطاعت الشعوب الأوروبية التوصل إليها بعد حروب طويلة وأثمان باهظة طالت البشر والحجر، إن العنصرية لا يمكن أن تكون حلاً لعنصرية مقابلة. فهي لن تجلب سوى المزيد من التشدد والعنصرية تجاهنا. فمن واجبنا أن نهتم ببعضنا بالمعنى الإنساني وبمعنى تكريس وصون كل الحقوق والحريات التي توصل إليها الآخرون ونحن مازلنا ندفع ضريبة الحصول عليها. أي حق إبداء الرأي والاختلاف والتعبير، وصون الكرامات.</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>&nbsp;وهكذا جاءت حملة (أنا شارلي إيبدو). تماماً كما كانت الحملة التي حولت إيلان إلى رمز لمعاناة اللاجئين والفارين من الحرب.من المؤسف التعميم في إطلاق أحكام قيمة على مجموعات بشرية، وهو ما تشهده ونشهده معها، الشعوب الأوروبية وخاصة بعد هجمات باريس، ثم قضايا التحرش الجنسي في ألمانيا وعدة عواصم أوروبية، وأخيراً هجمات استانبول الإرهابية. فحالة الكراهية والعداء في تصاعد مستمر تجاه اللاجئين عموماً وتجاه العرب والمسلمين خصوصاً. حيث يتم تناول كل تفاصيل حياة وثقافة ونمط حياة هؤلاء، ويستمر الحديث بقوة حول عدم إمكانية دمجهم في المجتمعات الجديدة، والدليل هو تجربة الفرنسيين مع شعوب المغرب العربي، واعتبار أنهم رغم كونهم فرنسيين غير أنهم لم يستطيعوا التأقلم مع ثقافة المجتمع الجديد بعد عدة أجيال.مثل هذا التعميم، والتعميم المضاد من قبلنا، لن يؤدي إلا إلى زيادة الشرخ، والمساهمة أكثر في إقصاء المهاجرين واللاجئين، وسيساهم في انكفائهم وعدم اندماجهم.</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>وفي سياقين متكاملين تزداد الأعباء علينا جميعاً ضيوفاً ومضيفين: فمن جهة يزيد الضغط على المجتمع المضيف، ويصبح من واجب كل من يؤمن بقيم هذه المجتمعات، الدفاع عن الأساسيات التي دفع آباؤهم ثمناً لها، حرية التعبير والرأي والكرامة الإنسانية، وهو ما يجعل هؤلاء ينزلون في مظاهراتهم ضد المتطرفين من أبناء بلدهم، ويعتبرون أنه لا يمكن لهؤلاء المس بمبادئ مجتمعاتهم، بسبب بعض المتطرفين الآخرين. ومن جهة أخرى علينا أن نتعلم كأبناء ثقافة مختلفة كيف نتحمل أخطاءنا، وندافع عن اختلافنا وتنوعنا، ونقف في وجه كل من يسيء إلينا ويحولنا إلى متطرفين وإرهابيين في نظر الآخر. وهذا يتطلب مراجعة دائمة ونقد مستمر لكل ما من شأنه أن يسيء إلينا ويشوه صورتنا، ونحن إذ نقوم بذلك نقوم به من أجل أنفسنا أولاً، فكثير منا عائد لا محالة إلى بلده، إن قريباً أو بعيداً، وما نقوم به هو تمهيد لمستقبل أفضل يمكننا التعايش فيه سوية دون تطرف.</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>علينا أن نعي أن ما نمر به اليوم، قد مرَّ به غيرنا قبلنا، وما زال هؤلاء يدفعون ثمن أخطاء وتطرف وعنصرية قلة منهم، رغم بعد التاريخ. وهنا يحضرني مثالين (تركيا ومجازر الأرمن &ndash; ألمانيا ومجازر هتلر)، فالمجتمعات تتحمل أخطاء أفرادها، فكيف إذا كانت هذه أخطاء نتيجة تاريخ طويل من التمييز والكراهية ونمط التربية والثقافة الإقصائية للآخر. </strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>وفي مطالباتنا للآخر بعدم تصنيفنا وإلقاء اللوم علينا جميعاً، قد ننسى أننا نحن أيضاً نقوم بتصنيفهم وقولبتهم حسب مسبقات مكرسة في أذهاننا، فلا نميز بين ثقافاتهم واختلافاتهم، محظوراتهم، ونمط حياتهم. كل هذا يفتح علينا أبواب جديدة للعمل عليها، ليس فقط لصالح العيش مع الآخر في بلاد اللجوء، وهو مطلوب جداً، ولكن لصالح تقبلنا لبعضنا البعض والتأسيس لمستقبل تعايش بيننا في بلداننا.نعم إيلان كان رمزاً للموت الهارب من الحرب.. واليوم ما زال رمزاً لرفض العنصرية والكراهية وثقافة التعميم.</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align: justify;">&nbsp;</p> <p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>خولة دنيا: روزنة</strong></span></sup></span></p>