متل نجمة الصبح علِّيت فوق الشام يا خال

شيلان دقوري (قاسيون) - لوقت قصير كنتُ أحلم بقبر صغير، يُغمرني على تلةً لطيفة بقرية اسمها (فريتان) شرق مدينتي، بالقرب من قبر جدي وخاَلي (حسن وحسين), عندما رأيت هذا «البوست» في صفحة "ناجي الجرف" (الخال) على الفايسبوك، شعرتُ برجفةً من كلامه وأخذت الأمر ببساطته دون أن أتوقع بأنهُ سَيصبح في اليوم التالي, على خبر استشهاده "الخال" في تركيا، فأحسستُ للحظة بحرقةً تُفيضُ في قلبي وفقدان الآمل من نيِلّ الحرية.
"الجرف" الذي أغتال في أواخر سنة 2015, الشهير بلقب "الخال"، وهو أحد أبرز الإعلاميين السوريين المعارضين للنظام السوري، من مدينة السلمية الحالمة بالحرية, ولمظاهر أسلمة الثورة في البلاد، وهو مؤسس مجلة "حنطة" كواحدة من أقدم المطبوعات الثورية، ومدير مشروع "بصمة سورية" في مدينة غازي عنتاب التركية، كما يُعرف أنه درب عدداً من ناشطي مدينة الرقة إعلاميا.
دموعها كَ حبات "حنطة" على رحيلهِ, ساحةُ الأمويين في العاصمة حُزنت؛ ولا تزال حزينة بمغادرة أكبر الثائرين لمصلحة الشعب وإظهار الحقيقة, كنتُ من المحببين لفكره ونهجهِ, كنت على آمل أن أتدرب على يده في حين لقائي به لكن يدا الحقد والكراهية قَطعوا هذا الآمل لدي ولدى الكثيرين من أمثالي.
مجموعة من الشبان في كلية الإعلام في جامعة دمشق, خططوا بتنظيم وقفةً تضامنية حداداً على روح الشهيد "الجرف", ولكن وجودهم في العاصمة التابعة لسيطرة النظام منعهم, لأن الأمر كان سينتهي بهم في سجون النظام الذي نشر مناصريه على صفحاتهم حين ذاك عن اغتيال "الجرف" منشورات مماثلة حول "التخلص من أحد أبرز مثيري الفتنة في البلاد" فيما توحد المعارضون وطيف واسع من السوريين، بحزن، حول هاشتاغ #الخال.
إلا أن ذلك لم يمنع بعض الطلبة من التوجه بالقرب من مبنى هيئة الإذاعة والتلفزيون في ساحة الأمويين كي يزفوا روح الشهيد في قلوبهم, بوقفةَ تضامنية لمدة خمسة دقائق حدادً على روحهِ دون أن يظهروا ذلك.
«أنا من الناس ألي بدي عيش لا بدي أعتقل ولا أستشهد, البلد فيها تحلم أنا ما فيني أحلم, الشعب رح يصله حقهُ ولو بعد مئة سنة لأنه دفع 150 ألف شهيد لحد هلأ». هذه آخر السطور التي أدلى بها الصحافي والمخرج السوري «ناجي الجرف»، فقط لأن الحق مكلف, وكلمته موجعة, ولأن نطق الحق وغرس الرعب في قلوب كبار الطواغيت, كما زعزع أمن التنظيمات الإرهابية التي ما فتأت وتوجهت لإسكات صوته ووقف قلمه.
نوعد الخال بدورنا أن غداً سنزرع القمحِ وسَيخضرُ أرض دمشق بسنابل "الحنطة" في ساحة الأمويين، وسنزينُ مبنى الإذاعةً بملامح "الخال" النابع من حرية القلم, فلكنا يدرك وعلى يقين أن تلك الرصاصة لو عرفتك جيداً لما اخترقت جسد من ساند شعبه المكلوم في سبيل نيل حريته, وربما غدرت الرصاصة بصاحبها وقتلتهُ قبل أن ترحل عنا ابن مدينة محمد الماغوط الذي مواقفه لا تؤطر بسطور أو مقال.
اللوحة فكرة شيلان دقوري ورسم م.البيك
تم نشر النص دون أيّ تدقيق أو تدخل لغوي...