دمشق بلا أوصال... حواجز وعسكر وبشر مذعورون

ناصر علي- دمشق (قاسيون) -
لم تعد مدينة صالحة للحياة..هكذا يقول عنها أبناؤها وحتى زوارها، وهي التي كانت مدينة سهلة التنقل قليلة المساحة، ولا أحد يسأل عن هوية القادم إليها،ولا دينه ولا قوميته.
اليوم دمشق الفيحاء سجينة أقفاص تسمى الحواجز وهي متنوعة وتتبع لجهات عدة، وإن حالفك الحظ في سيارتك ولم يلق عليك عنصر الحاجز أسئلته السخيفة والحقيرة لن تنجو من حاجز طيار سيسألك عن اسمك وخانتك وما تحمل في حقيبتك الصغيرة أو الكيس الذي يحوي بعض حبات من البندورة إما لإذلالك أو لابتزازك.
من مدخلها الغربي سيمسك بك حاجز السومرية ( 215)أو أوتستراد المزة وستخضع للتفتيش الالكتروني وعلى المادة، وإن كانت خانتك (المعضمية أو داريا) سيكون مصيرك مجهولاً لأن (الفيش) لا يخطئ أحداً فهو مبرمج على هويات أبناء المناطق الساخنة.
في قلب العاصمة ستمر على الحواجز التي ستجبرك على التمهل فبعضها لا يفعل شيئاً سوى التحديق في المارة والركاب، وكذلك الحال في ساحة الأمويين ففجأة يقام الحاجز وتخضع للتفتيش، وهذا يقابله الحاجز الذاهب إلى شارع المالكي حيث الطريق مقسوم إلى خطين (عسكري ومدني) وهنا تحديداً يقف عناصر الفرقة العاشرة الحاقدين على عموم السوريين.
ستصل إلى البرامكة وتعتقد أنك خرجت من القفص ولكن سيصدمك الحاجز الكبير على ما يسمى (جسر الرئيس) وهنا أيضاً عناصر الأمن العسكري بصوتهم العالي ولهجتهم المميرزة التي يتعارفون فيها على بعض زملائهم بسلام مختصر (كيفك ضيعة).
في اتجاه الفحامة لن تفلت وكذلك في شارع خالد بن الوليد ومبنى شرطة موقع دمشق وأمام القصر العدلي، وأما إن كنت متجهاً إلى ساحة المحافظة فلن تفلت من حاجزها أما إن كنت راجلاً فربما ينتقيك الحاجز الراجل الثابت عند سنما ألأهرام ليشير إليك بإصبعه في إهانة علنية تشير إلى أنك مشبوه وربما إرهابي.
في ساحة المحافظة إن كنت راجلاً وتريد العبور إلى منطقة البخصة ستخضع للتفتيش الالكتروني وزوجتك للتفتيش من فتاة كتائب البعث التي تنظر إلى المحجبات كقنابل نوقوتة جاهزة للانفجار.
مدخل الصالحية تفتيش للسيارات وتوقيف لبعض المارة، وأحياناً تقف دورية مفاجئة للمطلوبين لخدمة العلم أو الاحتياط وهنا أيضاً يخضع التفتيش لمزاجية العنصر الذي ربما لا يعجبه منظرك.
ستمر في كل شوارع المدينة السهلة حاجزاً حاجزاً، وتعيش كل حالات الذعر والخوف، وقد عمد أغلب المواطنين خصوصاً أبناء ريف العاصمة على عدم زيارتها خوفاً من الاعتقال لأسباب في أغلبها مجهولة أو حسب منظور عنصر الحاجز.
لم تعد دمشق مدنة للنزهات و المشاوير الهانئة، فقد حولها النظام إلى مدينة تنام باكراً ولا يسهر فيها سوى العسكر بحواجزهم والشبيحة ورجال ألأمن، والمريدون والمقربون، وأما الناس العاديون فسينامون باكراً ليوم تفتيش طويل في مدينة كانت مفتوحة على الكرامة فصارت مكاناً لذل أبنائها.