هل تكون المناورات الروسية قبالة السواحل السورية شرارة انطلاق الحرب العالمية الثالثة؟

مع تأكيد وزير الخارجية الروسي «سيرجي لافروف» إرسال عتاد وقوات عسكرية روسية إلى سوريا، وسط رفض أمريكي لإرسال هذه القوات، تشير بوادر الصراع إلى أن قاعدة "طرطوس" العسكرية ستكون شرارة انطلاق الحرب العالمية الثالثة مع استمرار الصراع بين موسكو وواشنطن.
1-قاعدة "طرطوس"
وقَّعت سوريا اتفاقية مع الاتحاد السوفيتي في سنة 1971 خلال أيام الحرب الباردة لبناء قاعدة عسكرية بحرية سوڤيتية في مدينة طرطوس الساحلية شمال سوريا، وذلك بغرض دعم الأسطول السوفييتي في البحر الأبيض المتوسط وتوفير مركز له. لكن هذا الاستخدام اللوجيستي للميناء قد يتغير إلى استخدام عسكري واستخباراتي.
وتعتبر قاعدة طرطوس البحرية القاعدة العسكرية الوحيدة لموسكو على شواطئ البحر المتوسط، وتمثل تعويضا لخسارة روسيا لوجودها المتوقع في قاعدة سيباستوبول الروسية في أوكرانيا، التي تستأجرها موسكو من أوكرانيا حتى العام 2017".
ومع تصاعد الصراع السوري وظهور الجماعات المسلحة، والتي تعتبرها روسيا جماعات إرهابية أعادت موسكو النظر في نشر قوة بحرية كبيرة في قاعدة طرطوس.
ومن المُعتاد عمومًا أن يَبقى أسطول روسيٌّ يَتألف من 50 سفينة في البحر المتوسط في الظروف العادية، ولا تُوجد أي قاعدة عسكرية يُمكن أن يلجأ لها هذا الأسطول في المنطقة سوى ميناء طرطوس.
2- 100 ألف روسي
يبلغ مساحة قاعدة طرطوس الروسية نحو 6 كيلو مترات مربعة، وطرطوس هي الميناء الثاني في سوريا بعد اللاذقية، تبعد مسافة 90 كيلو مترا عنها، في حين تقع على بعد 220 كيلو متر شمال شرق العاصمة دمشق، ووفقا لتصريحات وزير الخارجي الروسي سيرجي لافروف، يبلغ عدد الروس في سوريا سواء عسكريين أو مدنيين 100 ألف روسي غالبيتهم يقطنون بين طرطوس واللاذقية.
ويتواجد بالقاعدة العسكرية 4 سفن إنزال ومدمرة عسكرية واحدة في أوقات السلم، بينما يتغير هذا العدد مع أوقات الحرب والصراع في المنطقة والعالم، وهو ما وضع من خلال نقل روسيا لأسلحة وعتاد عسكري إلى سوريا خلال الأسابيع الماضية، لمواجهة الجماعات الإرهابية.
3- الاستخدام العسكري
كما كشفت تقارير إعلامية، أن «الحكومة الروسية، بشكل منفصل عن القوات البحرية الروسية، تستخدم طرطوس بمثابة منشأة آمنة لإيصال المعدات والإمدادات العسكرية لنظام الأسد،
ورصدت شحنات في رحلات معقدة غادرت ميناء البلطيق الروسي في يونيو الماضي، محملة بمروحيات MI-25 توجهت إلى طرطوس، ومهام استخباراتية بحتة أو عسكرية سرية.
كما تمثل قاعدة طرطوس أهمية بالغة للسفن الروسية التي تعمل في المحيط الهندي أو المحيط الأطلسي يمكنها العودة لتزود بالوقود أو الخضوع لعمليات إصلاح.
ويمكن للسفن الروسية أن تقطع الطريق بين عدن وطرطوس، 1870 ميلا بحريا، في أربعة أيام بسرعة متوسطة قدرها 20 عقدة، بينما، إذا غادرت السفن من ميناء سيباستوبول في أوكرانيا فهي تحتاج إلى أسبوع كامل.
ووفقا لرؤية العسكرية الروسية لـ2020 يولي الكرملين مكانه مهمة للحفاظ على موقعه البحري في سورية، وفي 2008 تم توقيع اتفاقية بين موسكو ودمشق لتوسيع قاعدة طرطوس لتستضيف سفن نووية روسية في احتمالات لأي حرب قادمة.
4-الأهمية الإستراتيجية
وفي تقرير آخر لموقع إخباري متخصص في شئون روسيا «انتربيتر ماج» فإن «مهمات استخبارات عسكرية روسية تتم عبر منفذ ميناء طرطوس من أجل التنسيق مع النظام السوري وإيران لمحاربة المتمردين، والتجسس على إسرائيل».
كما أوضح كريستوفر هارمر محلل البحرية في معهد دراسات الحرب ومقرها مونتريال، أن «هناك بعثات للسفن الروسية رست خلال العامين الماضيين في طرطوس آتية من أساطيل البحرية الروسية في البحر الأسود وبحر البلطيق. هذه الأساطيل لديها بعثات متعددة، لتنفيذ عمليات الانتشار في منطقة البحر الأبيض المتوسط، من أجل مكافحة عمليات القرصنة البحرية في البحر الأحمر وخليج عدن، والمياه الصومالية، وهو ما يوحي أن روسيا لديها مصلحة وطنية في الحفاظ على الميناء بغض النظر عن نتائج الحرب الأهلية السورية».
5-الاقتصاد وجهة آخر
إن استخدام ميناء وقاعدة طرطوس، لا يتوقع عند الاستخدام العسكري، بل هناك وجه آخر وهو الاقتصاد، ففي عام 2005، وقعت شركة الطاقة الروسية " تاتنفت" اتفاقا مع السلطات السورية لاستكشاف واستغلال حقول الغاز، بينما وقعت شركة "سترويترانسغاز" في نفس العام عقدا بقيمة 200 مليون دولار لبناء محطة معالجة الغاز بالقرب من مدينة حمص وعقدا آخر بقيمة 160 مليون دولار لبناء خط أنابيب.
تمول شركة "تاتنفت" جزءا من إنتاج النفط السوري منذ نيسان 2010، أما شركة " تكنوبرومكسبورت"، المتخصصة ببناء البنى التحتية الطاقية، فقد فاوضت في عام 2012 على بناء العديد من المواقع بما في ذلك محطة مركزية في حلب. أيضا، امتلك موسكو عام 2009 في سوريا نحو 19.4 مليار دولار من الاستثمارات المرتبطة بشكل رئيس بعقود في مجال الطاقة وبيع الأسلحة.
6-الحرب الروسية الأمريكية
وتمثل قاعدة "طرطوس" الروسية، جزءا من الحرب بين موسكو وواشنطن، فحسب موقع «سكيل رود ريبورترز» فإن «روسيا تتحسب للتواجد العسكري الأميركي في الشرق الأوسط الذي لا يزال يمثل قوة عسكرية لا يستهان بها، ولذلك فإن أجهزة المخابرات والقوات الخاصة الروسية، تعزز من قدراتها على الأرجح في قاعدة طرطوس».
وحسب موقع «بيزنس انسايدر» فإن «النظام السوري يحاول الاستفادة من التواجد الروسي في منطقة طرطوس لتعزيز قبضته على غرب سورية (اللاذقية وطرطوس) منطقة العلويين التي تنتمي إليها عائلة الأسد. في المقابل تستفيد البحرية الروسية من طرطوس كمنطقة حيوية في الساحل السوري على البحر المتوسط لزيادة توسيع نفوذها في المنطقة».
علي رجب – موقع فيتو - قاسيون